تطرَق الصحفي والخبير في الأمن والدفاع جيناندرا غاياني في مقال نشر على الصحيفة الإيطالية لا نووفا بوسولا كوتيديانو إلى إرسال إيطاليا تعزيزات عسكرية تتمثل في أربع طائرات تورنادو إلى قاعدة عسكرية بالكويت، في إطار الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، في الوقت الذي أن تتفاقم فيه التهديدات لإيطاليا جراء الفوضى الحاصلة في ليبيا.
واعتبر أن هذا الإجراء ينم عن قصر نظر الحكومة برئاسة ماثيو رينزي، لأنه بدل أن تسعى روما إلى بذل مزيد من الجهد تجاه الأزمة الحاصلة على بعد أميال من سواحلها وتداعيات ما يحدث هناك على مصالحها الاستراتيجية، تنجر الحكومة الإيطالية إلى حرب ليس لها تأثير على مصالحها وأمنها القومي، مؤكدا أن القضية الليبية يجب أن تكون على رأس أولويات السياسة الإيطالية.
دعم
وأشار جيناندرا غاياني إلى أنه في إطار الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، أعلنت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتي أن إيطاليا أرسلت أربع طائرات من نوع تورنادو - سيتم نشرها في قاعدة أحمد الجابر الجوية في الكويت-، ورغم ما أثارته الخطوة من جدل داخل الأوساط السياسية الإيطالية، واعتبار أن إرسال مثل تلك الإمدادات العسكرية ليس له ما يبرره، إلا أن الحكومة في روما قد قدمت تبريرات غير مقنعة بتاتا، حيث تؤكد روما أنها معنية بالحرب ضد "الدولة الإسلامية"، علما وأن إيطاليا كانت قد أرسلت في 20 أغسطس الماضي أسلحة للمقاتلين الأكراد للتصدي لهجمات تنظيم "داعش."
وأضاف أنه من المثير للسخرية أن الطائرات التي وصلت أمس إلى الكويت ، تعتبر من نفس النوع الذي تستخدمه القوات الجوية البريطانية في عملياتها بالعراق، موضحا في ذات السياق أنه وفق وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتي أن تلك الطائرات ستستخدم فقط في طلعات استطلاعية على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية"، كما اعترفت الوزيرة أن هذا الإجراء جاء بطلب من الائتلاف، أي الولايات المتحدة، يذكر أن إيطاليا دائما ما كانت على استعداد لإرسال الأسلحة والقوات كلما طلب الحلفاء والمجتمع الدولي ذلك، حيث تتواجد القوات الإيطالية في كل من أفغانستان والعراق وكوسوفو ولبنان ومالي وأفريقيا الوسطى.
الوضع الليبي
وأشار الكاتب إلى أنه في المقابل يرفض المجتمع الدولي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي التدخل في ليبيا لسبب بسيط وهو أن طرابلس لا تمثل أهمية استراتيجية كبرى لحلفاء إيطاليا، وبدل أن تدخر جهودها العسكرية والسياسية تجاه ما يحدث في ليبيا، ها هي روما كالعادة تستجيب لمطالب الولايات المتحدة وحلفائها وتخوض حروب "لمصالح الآخرين" حسب وصفه، مشيرا إلى أن بلاده دائما ما تتدخل في بلدان ليست لها فيها مصلحة استراتيجية ، كما يبقى دورها دائما هامشيا ، لذلك من الضروري وقف إهدار الأموال في مهمات لا تمت للمصلحة الإيطالية بشيء.

وأفاد أن الوضع في ليبيا القريبة جغرافيا من إيطاليا وتربطهما علاقات تاريخية واقتصادية هامة، من خلال تواجد مئات الشركات الإيطالية هناك وعلى رأسها شركة "إيني" النفطية، وعلى اعتبار أن طرابلس تعد أكبر مزود للطاقة لروما، تتفاقم فيها الأزمة وتنحدر كل يوم نحو الأسوء، حيث الصراعات المسلحة بين "الميليشيات " تعم مختلف أرجاء البلاد ، إضافة إلى سيطرة "الجماعات الجهادية المتطرفة" على مناطق شاسعة ، خاصة في الشرق الليبي في بنغازي، وسقوط درنة في قبضة عناصر جهادية أعلنت ولائها لتنظيم "الدولة الإسلامية"، علاوة على تفاقم أعداد المهاجرين غير الشرعيين القادمين نحو الشواطئ الإيطالية ، حيث تستغل عصابات التهريب الفراغ الحاصل في السلطة وغياب الشرطة والجيش لتنفيذ نشاطاتهم غير المشروعة.
وأضاف أن الحكومة الشرعية المنبثقة عن مجلس النواب المنتخب في 25 يونيو الماضي والمعترف بها دوليا، كانت قد طالبت بمساعدات عسكرية من إيطاليا على غرار مصر التي تدعمها عسكريا ولوجستيا، إلا أن ذلك لم يلق استجابة من قبل روما إلى حد الآن، مشيرا إلى أن المرحلة تعد مناسبة جدا من الناحية السياسية لإيطاليا، حيث أن عدم اهتمام الحلفاء بما يحصل في ليبيا، قد يسمح لروما أن يكون لها دور كقوة لإرساء الاستقرار في المتوسط و تكوين محور مع مصر والجزائر، وبدل إرسال قوات ومستشارين عسكريين للعراق ، كان يمكن إرسالهم لدعم الحكومة الشرعية، وقد تكون لهم مساهمة فعالة في الحرب ضد "الجهاديين" في بلد يعتبر مزود رئيسي للطاقة بالنسبة لإيطاليا.