يشعر سكان القصبة الجزائرية التي يعود تاريخها إلى قرون طويلة، وهي منطقة في العاصمة تجسد أحداثا مرتبطة بحرب التحرير وسنوات الاستقلال كما تجسد طقوسًا وتقاليد ممميزة خلال شهر رمضان المبارك، بالحنين إلى أجواء استثنائية يلتزم البعض بالحفاظ على بعض جوانبها.

القصبة هي جزء من الذاكرة الجماعية للجزائريين تحمل في طياتها شذرات من الماضي الحافل بالمعتقدات والتقاليد التي شكلت هوية سكانها، مثل تلك المتعلقة بشهر رمضان الذي يستعدون له قبل أسابيع، من خلال تبييض المباني الداخلية والدوايرات (المنازل النموذجية) من المدينة القديمة.

LA CASBAH D'ALGER - YouTube

يتم الاستعداد بشكل جماعي وفي جو بهيج. فأغلب العائلات تقوم بتحضير المكونات والتوابل التي تشكل القوائم المحددة لهذا الشهر، بما في ذلك تجفيف الطماطم وتقشير الثوم وتحضير الكسكس. غالبًا ما يكون "التراس" بمثابة مكان لقاء للنساء المتجاورات في أداء هذه المهام.

ورغم التغيرات التي فرضتها الظروف في السنوات الأخيرة إلا أن القصبة تسعى لتكريس بعض تقاليد الأمس، مثل الكعك الذي يزين أمسيات رمضان، وحلوى "ماكروت" و "السمسا" الخالدة بالعسل، وكذلك "حلوة الطباع" (قواطع ملفات تعريف الارتباط) التي تُقدم غالبًا خلال العيد.

من جيل إلى آخر، ينشأ سكان المدينة القديمة في جو يتسم بالحفاظ على الطقوس المتوارثة، وحتى لو تراجعت بعض هذه العادات بمرور الوقت، بعد انتشار الأقمار الصناعية والهاتف الخلوي لكن أغلب العائلات ، تحاول كريمة قدر الإمكان الحفاظ على بعض "العادات الجيدة" سواء في الممارسات الدينية أو فيما يتعلق بمائدة "الإفطار".

Mosquée Djamaa Lihoud dans la Casbah d'Alger

كما تنظم في رمضان أيضا أمسيات النساء على الأسطح ويكنّ متحلقات حول الكعك والشاي وهن يروين قصصا متنوعة، وينشدن أغاني دينية أو وطنية. أما الشباب فيجتمعون في المقاهي حيث توجد ألعاب الدومينو حول وشاي النعناع اللذيذ والنغمات الشعبية التي يؤديها مشاهير الأوركسترا.

في الجزائر عندما يصوم الطفل لأول مرة، يتم الاحتفال بـه من خلال إعداد عصير الليمون "شربات" الذي يوضع على الشرفة، لكسر الصوم عليه في وقت "الإفطار".

لكن أكثر ما يميز الأسر في القصبة وهي عادة أصبحت تتناقص مع الوقت، هو تحضير وجبات للمسافرين المحتاجين أو الأجانب الذين يمرون عند مداخل المنازل فتقدم لهم وجبات "الإفطار"، حتى بإصرار اعتقادا من الجزائريين أن ذلك شيئا مقدسا لا يمكن التهاون فيه أو التقصير في واجبه.