الاحتفال بشهر رمضان في المغرب له طقوس فريدة كعموم المدن العربية. خلال هذا الشهر الكريم، يتغير إيقاع الحياة بشكل كبير في بلد محافظ وثري ثقافي. في ساعات النهار الأولى تكون الحركة هادئة نسبيا بدرجة يحس الزائر أن المدن فارغة من السكان. فالكثيرون يريدون ربح أكثر ساعات راحة في الصباح قبل البدء في يومهم لقضاء ما يحتاجونه، وحتى من يشتغلون في وظائف رسمية يختارون جزءا من إجازاتهم لقضاء الشهر مع عائلاتهم.

لكن في مساءات رمضان المغربية، الأمور مختلفة. في الليل تدب الحياة في المدن الكبيرة، بين من يتجه إلى المساجد للتعبّد واستغلال الشهر للوقوف أمام الذات وربح أكثر وقت فيما هو روحاني، حيث تمتلئ المساجد وحتى الشوارع بالمصلين من الرجال والنساء والأطفال، وتقام الصلوات والأدعية بأصوات مرتفعة تُسمع من مختلف الضواحي. أما الآخرون فتوجهون إلى الأسواق والمقاهي، أين يستمتع الكثيرون بشرب القهوة والشاي، وحتى تكيّف "الشيشة" لدى بعض الشباب. وحتى من يؤدون صلواتهم وابتهالاتهم يتوجهون بعدها إلى الأماكن والساحات العامة حيث تتجمع العائلات والأصدقاء خاصة عندما ترتفع درجات الحرارة.

وهناك ميزة أخرى خاصة في الأماكن العتيقة والشوارع التقليدية، وهذا دارج حتى في مدن عربية وإسلامية أخرى، هو إقامة الاحتفالات والمهرجانات التي تستمر إلى ساعات السحور وتبقى الشوارع مزينة بفوانيس خاصة محتفلة بحركة الناس الذين يعوّضون ساعات الصيام بأنشطة ليلية للترفيه عن أنفسهم ومشاركة أبنائهم الاحتفال بالشهر.

كما يتم خلال شهر رمضان في المغرب إحياء عادة التزاور، وباعتبار أن الرجال يخرجون إلى المقاهي والأسواق ليلا، تجد المنازل أمكنة لالتقاء النسوة، وتقديم كل واحدة جزءا مما أحضرت خلال النهار من حلويات ومأكولات، وكل واحدة تمازح الأخرى بأفضليتها في التحضير. أما الجدات الكبيرات في السن فتجمعن حولهن أحفادهن لتعددن مع الصغار منهم ما صاموه خلال أيام رمضان، وقد تجمعن لهم أنصاف الأيام وتعدّها لتحصل على أيام لها في إطار تشجيهم على عادة الصوم، بالإضافة إلى تنظيم حلقات تروين فيها عادات رمضان قديما وتستذكرن معهم بساطة الحياة وشدّتها، بطريقة لا تخلو من الطرافة والمزحة.