لا يبدو جائحة فيروس كورونا المستجد، ستقف حجر عثرة أمام شهوات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في التدخل العسكري في ليبيا ودعم التحالف الميليشيوي في المنطقة الغربية، على الرغم من الهزائم التي تلقاها حتى الأن، والحيز الجغرافي الذي بدأ ينحسر شئياً فشئياً منذ مطلع العام الحالي. 

فقد كشف أمس، أفاد اللواء أحمد المسماري المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي عن وجود بارجة تركية تتمركز على سواحل غربي ليبيا تقصف منطقة العجيلات بالصواريخ، دون حدوث أي خسائر. وهو ما يعتبر تحولاً هاماً في نسق التدخل التركي، بعد أن كانت البوارج التركية المتمركزة في عرض البحر قبالة السواحل الليبية يقتصر دورها على مرافقة سفن شحن تقل أسلحة ومعدات عسكرية وإرهابيين ومرتزقة سوريين لدعم حكومة فايز السراج.

ويحاول الرئيس التركي أردوغان ربح الوقت وارسال الدعم اللازم لحلفائه في الحشد الميليشوي، قبل أن تبدأ البوارج الأوروبية في مراقبة مياه المتوسط والسواحل الليبية. 

يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي قد أعلن الثلاثاء الماضي عن عزمه إطلاق مهمة في البحر المتوسط لوقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا المنكوبة بالحرب، بعد طمأنة الدول الأعضاء بأن "العملية إيريني" لن تشجع المهاجرين على العبور من شمال إفريقيا. وكتب رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل على تويتر أن "قرار اليوم بشأن العملية إيريني هو خطوة نحو حل سياسي في ليبيا"، معربا عن دعمه لجهود الأمم المتحدة لحل الصراع الدموي في هذه الدولة. وسوف يكون مقر قيادة المهمة في روما، بقيادة الأدميرال فابيو أجوستيني. 

وتمتد فترة التفويض الأولية للمهمة لسنة واحدة. ووفقا لبيان الاتحاد الأوروبي، فإن العملية مكلفة أيضا بمهمة مراقبة صادرات النفط غير المشروعة من ليبيا، والمساعدة في تدريب وتطوير خفر السواحل الليبي، والمساهمة في الجهود المبذولة لتعطيل شبكات تهريب البشر والاتجار بهم. وتعتزم ألمانيا المشاركة في مهمة الاتحاد الأوروبي الجديدة "إيريني" لمراقبة الحظر الأممي لتوريد أسلحة إلى ليبيا. وكان وزراء خارجية الاتحاد وافقوا الشهر الماضي من حيث المبدأ على المهمة الجديدة، إلا أنه لم يتم حسم التفاصيل الرئيسية.

ويعتقد المراقبون أن تركيا، حتى وإن خسرت جبهة البحر المتوسط، ستحاول البحث عن ثغرات جديدة لإرسال السلاح والدعم لحلفائها من الجماعات الإسلامية في الداخل الليبي، إما عن طريق الحدود البرية من خلال بعض الثغرات الإفريقية أو من خلال الخط الجوي نحو مطارات معتيقة ومصراته. وفي هذا السياق أعلن جهاز الاستخبارات الإثيوبي عن إحباط محاولة تهريب أسلحة تركية إلى البلاد، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "أحوال تركية". 

 وأكد جهاز الاستخبارات والأمن الوطني في إثيوبيا قبل أيام ضبط معدّات مخبأة وسط أجهزة إلكترونية عبر شبكات تهريب دولية من خلال حاويتين تم شحنهما في ميناء مرسين التركي إلى ميناء جيبوتي، وبقيت هذه المعدات خمسة أشهر للتمويه كي يتسنّى تسريبها إلى الأراضي الإثيوبية. وبحسب تقرير نشرته صحيفة العرب اللندنية، فإنّ الروابط القوية بين أديس أبابا وأنقرة منعت تحميل تركيا المسؤولية مباشرة عن الشحنة الكبيرة على أمل جمع الكثير من المعلومات التي تثبت تورّط أو براءة نظام الرئيس رجب طيب أردوغان في عمليات التهريب، أو البحث عن صيغة معتدلة تحفظ ماء وجه أنقرة. 

وتشير الصحيفة التركية في تقريرها، سابق الذكر، إلى أن الحكومة التركية بإرسال شحنات الأسلحة سرّاً إلى ليبيا، وذلك على الرغم من القرار الدولي بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، وعلى الرغم من مقررات مؤتمر برلين الذي ضمّ جميع اللاعبين الرئيسيين بمن فيهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في برلين في التاسع عشر من يناير الماضي. وكانت آخر فضيحة تهريب أنقرة لأسلحة إلى ليبيا في الأسبوع الماضي، حيث كشفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تقرير لها أنّ السلطات التركية تواصل إرسال شحنات الأسلحة سرّاً إلى ليبيا، وذكرت القناة البريطانية في تقريرها أنّه في الرابع والعشرين من يناير بعد الساعة السادسة صباحاً، أبحرت سفينة تسمى بانا من ميناء مرسين التركي، وكانت وجهتها المعلنة ميناء قابس التونسي، ولكن على بعد 400 كيلومتر قبالة سواحل ليبيا، تم إيقاف جهاز الإرسال والاستقبال في السفينة واختفت من على شاشات الرادار.

ويبدو أن أردوغان قد خسر جميع رهاناته على حلفائه في الحشد الميليشوي، وقرر الدخول في الحرب مباشرة مهما كلفه ذلك من خسائر، قبل أن تحاصره مشاكله الداخلية مع المعارضة والرأي العام التركي في ظل أزمة اقتصادية خانقة وشبح وباء الكورونا الذي يهدد القطاعات الحيوية في الاقتصاد التركي المشلول أصلاً. وتشير التقارير التركية الرسمية إلى أن العجز التجاري للبلاد قد اتسع 143.8 بالمئة إلى 5.28 مليار دولار في مارس، وفقا لما يسمى بنظام التجارة الخاص، وذلك بحسب ما أظهرت بيانات من وزارة التجارة التركية اليوم الخميس. 

وأظهرت البيانات أن الواردات ارتفعت 1.88 بالمئة إلى 17.96 مليار دولار، بينما تراجعت الصادرات 17.99 بالمئة إلى 12.68 مليار دولار في مارس، وفقا لنظام التجارة الخاص.  وقالت وزارة التجارة التركية، الخميس، إن حجم التجارة الخارجية ازداد في تركيا بنسبة 3.62 في المئة خلال الفترة بين يناير ومارس 2020. وبحسب وكالة الأناضول (المقربة من أردوغان)، قالت الوزارة إن حجم التجارة الخارجية ارتفع في الفترة المذكورة إلى 98 مليار و446 مليون دولار. وأشارت إلى تراجع الصادرات التركية خلال شهر مارس المنصرم بنسبة 17.81 في المئة، تحت تأثير وباء كورونا.

ووفقًا للبيانات، بلغت قيمة الصادرات التركية خلال مارس 13 مليار و426 مليون دولار. كما ازدادت الواردات بنسبة 3.13 في المئة خلال الشهر الماضي، وبلغت 18 مليار و821 مليون دولار. وبلغت حصيلة الوفيات جرّاء كوفيد-19 في تركيا 168 مع تسجيل 10 آلاف و827 إصابة لكن تسري مخاوف من احتمال تدهور الوضع بشكل كبير. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق هذا الشهر عن حزمة بقيمة 15 مليار دولار لدعم الاقتصاد مع خفض الضرائب للأعمال التجارية وإجراءات لمساعدة العائلات ذات الدخل المحدود.