أكد المحلل الاقتصادي الليبي سعيد رشوان الدينار التونسي لازال يحافظ على قيمته ولم يتراجع بشكل كبير ما يعني أن مستويات التضخم لازالت تحت السيطرة حتى هذه اللحظة مبينا في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن رأس المال الحقيقي في تونس هو المورد البشري الذي مازال موجود وقادر على العطاء سواء داخل تونس أو العاملين في الخارج الذين يقومون بتحويل أموالهم للبلاد مؤكدا أن تعافي الاقتصاد مرتهن بتحسن الأوضاع السياسية والأمنية وتعديل بعض التشريعات التي قد تكون عائق أمام حركة الأموال من وإلى تونس 

إلى نص الحوار

هل يمكن أن تعطينا لمحة عن الاقتصاد التونسي؟ 

الاقتصاد التونسي خلال تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة شهد نهضة إصلاحية كبيرة وفي منتدى الاقتصاد العالمي 2007 تم تقييمه على أنه أقوى اقتصاد تنافسي في إفريقيا لدرجة أن جنوب إفريقيا جاءت بعده ووصل ترتيبه العالمي إلى المرتبة 36 على مستوى العالم وكان نصيب الفرد آن ذاك تقريبا 3460 دولار أو أكثر ويمكن القول إن الاقتصاد التونسي كان يسير بخطى مدروسة ويحقق مستويات دخل ممتازه وكانت مستويات البطالة أقل مما هي عليه الآن حيث أنه في السنوات الأخيرة حيث بدأت المدخرات التونسية في الانخفاض بشدة لدرجة أنها انخفضت في عام واحد حوالي 13% ووصل الدين العام إلى 60% من إجمالي الناتج المحلي وقد وصل هذا العام إلى حوالي 90 مليار دينار تونسي فيما كان العام الماضي 80 مليار وهو ما يشكل من 75 % من إجمالي دخل الدولة وهذه الأرقام تظهر التغير الذي حدث في الاقتصاد التونسي.

وما أسباب هذا التغير؟

من بين الأسباب ما عرف بالربيع العربي  حيث مرت البلاد بمرحلة عدم استقرار واختلال إلى حد ما في الجانب الأمني أدى لانخفاض الدخل وبالتالي البطالة وتراكم الدين العام ما أوقف الكثير من فرص النمو والتنمية فالاقتصاد التونسي من أكثر الاقتصادات التي تتأثر بعدم الاستقرار السياسي والأمني ونحن نرى الآن أن البلاد لازالت تشهد صراعا سياسيا وهو ما يؤثر بشكل أو بآخر على الاقتصاد التونسي ويمكن القول أن أزمة كورونا أدت لتفاقم الوضع الاقتصادي.

ما أكثر موارد الاقتصاد التونسي التي تأثرت جراء تدهور الأوضاع؟

 مورد الخدمات في تونس الذي يشكل  عصب الاقتصاد التونسي حيث يحوز على اكثر من 40% من الاقتصاد التونسي ويمثله قطاع السياحه والعلاج وغيرها من الخدمات ونسبة العماله فيه تقارب 50% من القوي العامله التونسيه كما أنه القطاع الاهم في الاقتصاد التونسي وقد تأثر أو تضرر بسبب الصراع السياسي والأمني الذي أثر بشكل مباشر على مورد السياحه الأهم في البلاد وكذلك الكورونا لها الدور في القضاء على ما تبقي من قطاع السياحه .

يعد الاقتصاد التونسي فقيرا بالموارد الطبيعية مقارنة بالدول الأخرى أليس كذلك؟

نعم فهو ليس مثل ليبيا والجزائر وغيرها من الدول التي لديها دخل من الثروات البترولية الغازية لذلك فإن الاقتصاد التونسي هو اقتصاد حقيقي ناتج عن عمل حقيقي وإنتاج ويرتكز على الخدمات كما أنه قائم على عمل أبناء البلاد في المصانع والمزارع والخدمات فليس هناك دخل من الموارد لطبيعية التي لا تعتمد تماما على الإنسان وإنما تعتمد على إنتاج النفط  

إلى أي مدى يمكن القول أن الخلافات التي حدثت مؤخرا بين ليبيا وتونس أثرت على الأوضاع الاقتصادية في تونس؟

تونس تعتمد في تسويق منتجاتها الزراعية والصناعية والخدمية (خدمات سياحية أو علاجية) بدرجة كبيرة على ليبيا وبعد أن قلت الحركة بين البلدين على خلفية المشكلة التي حدثت في النصف الثاني من هذا العام وإلى الآن لم تعد الأمور لوضعها الطبيعي وهذا أثر على الدخل التونسي.

ما المساعي التي تقوم بها تونس حاليا لحل مشكلاتها الاقتصادية؟ 

التونسيون يسعون مع البنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية للحصول على إعانات ومنح لكن تمويلات سواء صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي مشروطة بموارد الدولة حيث أن هذه المؤسسات يجب أن تتأكد أن موارد الدولة قادرة على سداد هذه القروض وإلا سوف تمتنع المؤسسات الدولية عن إعطاء القروض أو أن تعطي قروضا ضعيفة لا تسهم في مشاريع التنمية والمشاريع الإنتاجية التي تأتي بمردود كبير سواء في السلع أو حتى تشغيل العمالة.

إلى أي مدى يمكن القول أن الاقتصاد التونسي على وشك الانهيار؟

أستبعد ذلك فقد يحدث ضعف اقتصادي ومشكلات واضطرابات وينخفض الدخل ويتأثر المواطن بشكل أو بآخر لكن الانهيار غير وارد وإذا نجح البرنامج السياسي الجديد في تونس وجرى عمل انتخابات مبكرة وتغيير البرلمان وتم تعيين حكومة تعبر عن الواقع وقادرة على حل المشاكل ستعود تونس لاستقرارها ويعود الاقتصاد التونسي كما كان لأن الموارد البشرية التونسة متعلمة ومحترفة وتحتاج فقط للاستقرار وأعتقد أنه بعد هذا الصراع السياسي ستدخل البلاد مرحلة جديدة من الاستقرار ويمكن القول إن الاستقرار السياسي والأمني في تونس هو المورد الأساسي في البلاد والذي يجعل كل الموارد تصبح منتجة وتعود الحياة للبلاد تدريجيا

كيف تنظر لمستقبل الاقتصاد التونسي

الدينار التونسي لازال يحافظ على قيمته ولم يتراجع بشكل كبير ما يعني أن مستويات التضخم لازالت تحت السيطرة حتى هذه اللحظة ولابد من التأكيد أن رأس المال الحقيقي في تونس هو المورد البشري الذي مازال موجود وقادر على العطاء سواء داخل تونس أو العاملين في الخارج الذين يقومون بتحويل أموالهم للبلاد إلا أن تعافي الاقتصاد مرتهن بتحسن الأوضاع السياسية والأمنية وتعديل بعض التشريعات التي قد تكون عائق أمام حركة الأموال من وإلى تونس.