وضعت الخارجية الامريكية ،الجمعة 10 يناير ،جماعة أنصار الشريعة بتونس و زعيمها أبو عياض على لائحة الارهاب،بحسب بيان صادر عن السفارة الامريكية بتونس،و أضاف البيان ان وزارة الخارجية الامريكية صنفت يوم 10 يناير عام 2014، أنصار الشريعة في تونس ، جنبا إلى جنب مع اثنين من مجموعات منفصلة في ليبيا باعتبارها منظمة إرهابية أجنبية . بالإضافة إلى ذلك، صنفت وزارة الخارجية أيضا سيف الله بن حسين ، زعيم جماعة أنصار الشريعة ، المعروف باسم "أبو عياض " إرهابيا عالميا" .و أضاف البيان أن هذه التصنيفات تعكس تصميم الولايات المتحدة الحط من قدرة هذه المنظمات والأفراد لارتكاب أعمال عنف بقطع تدفقاتها المالية ، وتشمل عواقب هذه التصنيفات حظرا على توفير الدعم المادي أو الموارد أو الانخراط في معاملات مع هذه الجماعات والأفراد.

و كانت صحيفة «واشنطن بوست» الامريكية قد كشفت ،الخميس ،عن أن واشنطن تعتزم  ادراج ثلاثة من فروع جماعة «انصار الشريعة» في شمال افريقيا على لائحة المنظمات الارهابية و أبرز الفروع أنصار الشريعة ببنغازي بزعامة الجهادي الليبي ابو سفيان بن قمو وذلك للاشتباه بضلوع بن قمو، المعتقل السابق في غوانتانامو بالهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي والذي ادى الى مقتل السفير الاميركي كريس ستيفنز في ايلول (سبتمبر) 2012.

وأشارت الصحيفة الى ان الفروع الثلاثة للجماعة متمركزة في درنة وبنغازي وفي تونس. ونقلت عن مسؤولين مضطلعين ان الاجراء المذكور سيطاول الليبيين: بن قمو واحمد ابو ختالة زعيم جماعة أنصار الشريعة بدرنة شرق ليبيا والتونسي سيف الله بن حسين (ابو عياض)أمير انصار الشريعة بتونس . ويؤدي هذا الإجراء الى الضغط على المجموعة وقطع الدعم عن نشاطاتها من خلال تجميد أموالها وأموال قادتها ومنع الشركات والمواطنين الاميركيين من التعامل معهم.وأكد شهود لمسؤولين اميركيين ان عناصر بن قمو قطعوا المسافة الطويلة من درنة الى بنغازي قبل هجوم على القنصلية. وسعى مسؤولون اميركيون الى القبض على ابو ختالة في بنغازي غير انهم تخلوا عن ذلك خشية ان يثير الامر اضطرابات ويزعزع استقرار الحكومة الليبية.كما أفادت الصحيفة ان المسؤولين الاميركيين يسعون كذلك لمعرفة ما اذا كان اي من مهاجمي القنصلية ضالعاً في قتل المدرس الاميركي روني سميث بالرصاص الشهر الماضي في بنغازي.

 

أنصار الشريعة و حتمية المواجهة

أعلنت أنصار الشريعة في بنغازي عن نفسها للمرة الأولى في شهر فبراير/شباط 2012 ،كما نظمت مؤتمرها التأسيسي في يونيو/حزيران من نفس السنة و حضره ما يقرب من ألف. و تأسست كتيبة أنصار الشريعة بعد الإنفصال عن "سرايا راف الله السحاتي" التي شاركت في تأسيسها.هذا و اتهمت الجماعة بالهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي في شهر سبتمبر الماضي التي أدى إلى مقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين و أعلن آنذاك تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في بيان أن الهجوم جاء انتقاما لمقتل الشيخ أبو يحيى الليبي أحد قادتها في غارة جوية بطائرة بدون طيار في يونيو/حزيران 2012. إلا أن الجماعة قد نفت ذلك و قالت على لسان المتحدث باسمها هاني المنصوري " الجماعة لم تشارك في الهجوم الذي استهدف مقر القنصلية الأميركية في خضم الاحتجاجات على فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة."و في ذات سياق الاعتداء على البعثات الدبلوماسية الخارجية كانت الجماعة قد هددت بذبح سفير بورما خلال مظاهرة في شهر أغسطس /أب 2012 خلال مظاهرة لمساندة المسلمين في بورما و ما يتعرضون له و قال أحد المتحدثين باسم أنصار الشريعة إن الجماعة "ستذبح السفير البورمي إن لم تتوقف عمليات الإبادة ضد المسلمين".

و في تقرير نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى في سبتمبر /أيلول 2012،قال الباحث هارون زيلين "ان في ليبيا تستخدم عدد من الجماعات مجموعة متنوعة من اسم "أنصار الشريعة". وثمة اثنتان من أبرز الجماعات هما "كتيبة أنصار الشريعة في بنغازي" التي يُنظر إليها على أنها المشتبه بها الرئيسي في الهجوم الأخير على القنصلية وأخرى أقل بروزاً وهي "أنصار الشريعة في درنة" بقيادة سجين غوانتانامو السابق أبو سفيان بن قومو. وكلتا الجماعتين قد تم تأسيسهما عقب موت الزعيم الليبي السابق معمر القذافي لكنهما غير مرتبطتين ببعضهما البعض. وقد أعلنت "أنصار الشريعة في بنغازي" عن نفسها للمرة الأولى في شباط/فبراير 2012 بقيادة محمد الزهاوي الذي كان في السابق سجيناً في سجن سيئ الصيت يدعى "أبو سليم" في زمن القذافي. وقد استضافت الجماعة ما تمنت أن يكون أول مؤتمر سنوي في حزيران/يونيو حضره ما يقرب من ألف شخص من بينهم عدد من الميليشيات الأصغر كلهم يدعون الدولة الليبية إلى تطبيق الشريعة. والأرجح أن بضعة مئات من أولئك المشاركين كانوا من أعضاء "أنصار الشريعة في بنغازي".

و يضيف التقرير :"ومثل "أنصار الشريعة التونسيين" كان "أنصار الشريعة في بنغازي" يقدمون أيضاً خدمات اجتماعية حيث قام أفرادها بتنظيف الطرق وإصلاحها وقدموا صدقات خلال شهر رمضان وكانوا مؤخراً يساعدون في توفير الأمن في مستشفى بنغازي. ورغم أن الجماعة تقر بأنها هدمت الأضرحة والمقابر الصوفية في بنغازي إلا أنها حاولت أن تصوغ لنفسها توصيفاً محلياً بأنها مدافعة عن تفسير صارم للإسلام مع المساعدة في ذات الوقت على توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمع. وبناءاً على تصريحاتها - التي تطورت من تأكيدات أن أفراداً منها كانوا متورطين بشكل فردي في الهجوم إلى إنكار صريح لأي تورط - يبدو أن تنظيم "أنصار الشريعة في بنغازي" قد فهم أنه تخطى الحدود ولذا فهو يحاول إنقاذ سمعته".

و يعتقد خبراء أن جماعة أنصار الشريعة الليبية هي الوجه الجديد للقاعدة، و يشير الباحث التونسي توفيق المديني الى "أن الشك نشأ بعد اكتشاف وثائق جمعتها القوات الخاصة الأمريكية في أبوت آباد شمال باكستان (المكان الأخير الذي كان يسكن فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن) رسائل البريد الإلكتروني لزعيم "القاعدة"، يتساءل فيها عن إمكان تبديل اسم منظمته. وفي القائمة الطويلة التي وضعها اسامة بن لادن اسما "أنصار الشريعة" و "أنصار الدين"، فهناك شواهد تؤكد الروابط بين "أنصار الشريعة" وتنظيم "القاعدة".و أشارت تقارير اعلامية محلية الى "وجود فرعين لأنصار الشريعة خارج مدينة بنغازي هما "أنصار الشريعة في سرت" و"أنصار الشريعة في اجدابيا". تأسس فرع سرت في 28 يونيو 2013 في مدينة سرت بعد إلغاء اللجنه الأمنية وانضمامها لأنصار الشريعة وتغيير إسمها إلى (أنصار الشريعه سرت) وكان آمر الفرع وقتها أحمد علي التير المكنى "أبو علي". فيما الشيخ فوزي العياط هو المتحدث الرسمي باسم أنصار الشريعة - سرت وهو أيضا عضو في مكتب أوقاف سرت. فيما تأسس فرع أنصار الشريعة - اجدابيا في 4 أغسطس 2013."و في الاونة الاخيرة شهدت العلاقة بين السلطة المركزية و جماعة أنصار الشريعة في بنغازي توترا أدى الى سقوط قتلى في مواجهات مسلحة بين الجيش الليبي و عناصر أنصار الشريعة بعد قرار الحكومة اخراج المليشيات المسلحة خارج المدن،الامر الذي اعتبرته الجماعة محاولة لاستئصالها.

 

سياسة واشنطن الامنية تتغير نحو التصلب

يأتي العزم الامريكي على تصنيف فروع أنصار الشريعة الليبية و التونسية على لائحة الارهاب كدليل اضافي على النزعة الامريكية نحو التصلب في مواجهة القوى الجهادية في المنطقة الافريقية و محاصرتها على المستوى الحركي و المالي تمهيدا لضربها عسركيا بطرق مباشرة أو بدعم حلفائها عسكريا و لوجستيا و عقد اتفقات تعاون مع دول المنطقة كالتي حصلت مع ليبيا و تونس و بدرجة أقل مع الجزائر في الاونة الاخيرة.

ففي أعقاب الهجمات التي تعرضت لها البعثات الدبلوماسية في كل من تونس و ليبيا ،و التي نفذها التيار السلفي الجهادي في 11 سبتمبر/أيلول 2012،اثر بث الفلم المسيء للرسول، والمعروف باسم "براءة المسلمين"عملت الادارة الامريكية الى تعديل استراتيجيتها في منطقة المغرب العربي،وأدى الهجوم في تونس إلى مقتل عدد من السلفيين وحرق مبنى المدرسة الأميركية في منطقة البحيرة، واعتقال قرابة 400 سلفي،غير ان نتائج الهجوم الليبي كانت وخيمة ،حيث سقط لسفير الأميركي في ليبيا، "جي كريستوفر ستيفنز" قتيلا وثلاثة آخرين من موظفي السفارة.نتائج انعكست على السياسة الامنية و العسكرية الامريكية بمنطقة شمال افريقيا في اتجاه أكثر تشدادا مع الجماعات الجهادية،أو العودة الى سياسة بوش الحازمة،بعد هدنة انطلقت منذ اشتعال شرارة ما سمي بــ"الربيع العربي" حيث تقاطعت سياسة التيارات الجهادية و السياسة الامريكية في كثير من المناسبات.

و مما ميز السياسة الامنية الامريكية الجديدة في شمال افريقيا بعد 11 سبتمبر/أيلول 2012،عودة خيارات المواجهة المباشرة مع التيار الجهادي من خلال الضربات الخاطفة و العمليات المحدودة كتلك التي يقوم بها سلاح الجو الامريكي في اليمن منذ مدة الى جانب طرح "مبادرات" جديدة في علاقة مع "الانظمة الحاكمة" و في هذا السياق شهدت المنطقة العديد من المؤشرات الدالة منها :

في أبريل نيسان 2013،وافقت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" على نشر وحدات قتالية مدعومة جويا و قادرة على  الوصول للهدف في غضون 12 ساعة للتدخل السريع والإستجابة للأزمات في قاعدة مورون دي لفرونتيرا في إقليم إشبيلية جنوب اسبانيا، وذلك تحسبا لتطورات واضطرابات في دول شمال افريقيا. وذلك بعد فشل القوات الأمريكية في الإستجابة السريعة لأحداث القنصلية الأمريكية في بنغازي ،و تتكون الوحدة القتالية التي سوف يتم تشكيلها من 500 مقاتل تابع لقوات التدخل السريع تكون قادرة على خوض عمليات عسكرية قتالية وتأمين المنشآت الأمريكية وتقديم المساعدة الإنسانية عند الحاجة، وذلك لتفادي الخلل الذي حال دون القيام بما يجب القيام به في بنغازي عند الهجوم على القنصلية الأمريكية.و في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ،قامت وحدة أمريكية خاصة من اعتقال القيادي الجهادي الليبي نزيه عبد الحميد الرقيعي المعروف باسم"أبو أنس الليبي"في العاصمة، طرابلس، في مهمة تمت عقب إخطار السلطات الليبية، بحسب ما كشفت مصادر أمريكية و نقل لمحاكمته في واشنطن بتهمة المشاركة في تفجير سفارتي الولايات المتحدة الامريكية في كينيا وتنزانيا العام 1998.الى جانب عودة الجدل في دول الشمال الافريقي عن النوايا الامريكية في نقل مقر القيادة الأفريقية الأمريكية (USAFRICOM) من مقرها المؤقت في  قاعدة شتوتغارت الالمانية الى احدى دول المغرب العربي و خاصة تونس و ليبيا و الجزائر جدل غذته الزيارات المتكررة لقيادة الافريكوم الى المنطقة في الاونة الاخيرة