على خلفيّة إعلان القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر عن قبول الجيش للتفويض الشعبي وقيادة البلاد في مرحلة انتقالية وإبطال العمل بالاتفاق السياسي الصادر عن محادثات الصخيرات التي رعتها الأمم المتحدة، وإسقاط المجلس الرئاسي توالت ردود الفعل الدّولية بشكل متباين.

وكان خليفة حفتر قد أعلن يوم الاثنين، استجابة القوات المسلحة لتفويض الشعب الليبي. وقال حفتر، في كلمة متلفزة وجهها لليبيين، "أيها الليبيون الأحرار لقد تابعنا استجابتكم لدعواتنا لكم بإعلان اسقاط الاتفاق السياسي المشبوه الذي دمر البلاد، وتفويض من ترونه أهلا لهذه المرحلة".

وتابع بالقول: "نعلن استجابة القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية لإرداة الشعب رغم ثقل الأمانة، وتعدد الالتزامات، وحجم المسؤوليات أمام الله، وأمام شعبنا، وأمام التاريخ، واننا سنكون رهن إشارة الشعب وسنعمل بأقصى طاقاتنا لرفع المعاناة عنه، وأن تكون خدمة المواطن وحماية حقوقه وتحقيق أمانيه وتسخير المقدرات لمصلحته في مقدمة أولوياتنا، وأن نعمل على تهيئة الظروف لبناء مؤسسات الدولة المدنية، وفق إرادة الشعب وطموحاته مع مواصلة مسيرة التحرير حتى نهايتها"، بحسب قوله.

وكان القائد العام للجيش الليبي، قد تحدّث قبل ذلك بأيّام في كلمة إلى للشعب الليبي قال فيها إن القوات المسلحة تعرّضت لمؤامرات وغدر وخيانة واغتيالات، إلا أنهم أعلنوا تحديهم للإرهاب وقرروا المواجهة في ظروف قاسية وكافحة الإرهاب بدعم شعبي منطق النظير، وفق قوله. 

وأشار حفتر إلى أن "ما يسمى بـالمجلس الرئاسي ادعى الشرعية وارتكب جرائم ترقى للخيانة العظمى وفرّط في سيادة الدولة وأهمل التنمية وأفسد الذمم ودمر الاقتصاد وتحالف مع ميليشيات الإرهاب وسخر موارد النفط لها، وجلب المرتزقة وسقط في هاوية العمالة والخيانة بدعوة المحتل التركي لاحتلال البلاد"

مضيفًا، أن تفاخر المجلس الرئاسي بما ترتكبه الميليشيات في صبراتة وصرمان يثبت ارتباطه بها، متابعا: "لكننا نؤكد أن فرحته لن تدوم".

واستطرد خليفة حفتر، قائلا: "إن الوضع المأساوي الذي بلغت معه معاناة الشعب ذروتها لا يترك أمام شرفاء الشعب الليبي أي خيار سوى الإعلان بكل وضوح عن إسقاط ما يسمى بالاتفاق السياسي والعصابة المسماة "المجلس الرئاسي" 

وأكمل: "عليكم أن تقرروا على الفور تفويض المؤسسة التي ترونها أهلا لقيادة المرحلة القادمة وفق إعلان دستوري يمهد لبناء الدولة المدنية التي يتطلع إليها الشعب الليبي"، مطمئنا الليبيين بأن القوات المسلحة ستكون الضامن لتنفيذ قراراتهم.



** ردود أفعال دوليّة متباينة:

خلّف هذا الإعلان من قبل خليفة حفتر ردود فعل دولية متباينة، حيث قالت إيطاليا، إنه “يجب اتخاذ كل قرار بشأن مستقبل ليبيا بالتوافق وعبر الديمقراطية، ضمن اطار “الاتفاق السياسي الليبي في الصخيرات” في ديسمبر 2015، ومسار الاستقرار بقيادة الأمم المتحدة، في سياق عملية برلين"

وأكدت الخارجية الايطالية، خلال البيان، دعمها واعترافها الكامل بما وصفتها بـ "المؤسسات الليبية الشرعية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي: "المجلس الرئاسي، حكومة الوفاق، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.”، وفق ما أوردت وكالة "آكي"

كما جددت إيطاليا دعوة الأطراف الليبية إلى الالتزام بهدنة خلال شهر رمضان الكريم والعمل بشكل بناء لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، بحسب البيان.

كما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو لا تؤيد بيان قائد الجيش خليفة حفتر، بشأن الانسحاب من الاتفاق السياسي ونقل السلطة في ليبيا. وبحسب سبوتنيك قال لافروف في مؤتمر صحفي عقب اجتماع عبر الفيديو لمجلس وزراء خارجية دول بريكس: "لم نوافق على ما أعلنه مؤخرا السيد السراج، الذي رفض الحديث مع المشير حفتر، ولا نوافق على ما أُعلن بشأن قيام المشير حفتر وحده بتقرير كيف يعيش الشعب الليبي".

وتابع لافروف: " لا هذا ولا ذلك يساعدان على إيجاد حل دائم، والذي لا يمكن بدونه الخروج من هذا الوضع".

كما عبر الاتحاد الأوروبي عن رفضه لإعلان قائد الجيش حليفة حفتر قبول إرادة الشعب الليبي في تفويض القيادة العامة للجيش الوطني تولي زمام شؤون البلاد مشيراً إلى أنها لا تقدم حلاً للوضع في البلاد.

وبحسب وكالة آكي قال المتحدث باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن المؤسسات والدول الأوروبية تتابع ما يجري في ليبيا، خاصة لجهة تصاعد العنف بقلق بالغ موضحا أن التصرفات والتصريحات المدفوعة بالقوة والأحادية الجانب لا يمكن أن تخرج البلاد من الصراع وتعيدها لطريق السلام.

وأعاد بيتر ستانو التأكيد على النداءات المتكررة للاتحاد بضرورة أن تعمل الأطراف المنخرطة في الصراع الليبي على نبذ العنف وسلوك طريق الحوار للتوصل إلى حل سياسي يؤمن سلاماً مستداماً واستقراراً للبلاد، فـ"هذا بالضبط ما تحتاجه البلاد والمواطنون"، وفق كلامه.

كما أعربت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية  في ليبيا عن أسفها لاقتراح قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر أنّ التغييرات في الهيكل السياسي الليبي لا يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب. 

وقالت السفارة في بيان لها إنها ترحب بأي فرصة لإشراك  حفتر وجميع الأطراف في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدّم في البلاد خاصة مع  استمرار معاناة المدنيين خلال شهر رمضان المبارك ووباء فيروس كورونا الذي يهددّ بحصد المزيد من الأرواح.

وحث البيان  القوات المسلحة العربية الليبية إلى الانضمام إلى حكومة الوفاق الوطني في إعلان وقف إفوري للأعمال العدائية لدواعي إنسانية ممّا يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار على النحو المنصوص عليه في محادثات 5 + 5 التي يسّرتها البعثة الأممية للدعم في ليبيا في 23 فبراير في جنيف.

إلى ذلك تتالت البيانات الدّاخلية المؤيدة من مختلف المدن والقبائل الليبية، حيث قدم مجلس مشايخ وأعيان ترهونة  التهنئة لخليفة حفتر  بعد اعلانه اليوم الاثنين  قبول التفويض  من الشعب الليبي. وقال المجلس إن هذا التفويض مستحق مؤكدا أن قائد الجيش الليبي أهلا لرئاسة البلاد.

وأضاف المجلس في منشور على صفحته في الفيسبوك أن هذا القرار يأتي استجابة فورية لصوت الشعب الليبي الذي خرج في مسيرات حاشدة مؤيدة، وبيانات تفويضية لخليفة حفتر لإدارة شؤون البلاد لمرحلة انتقالية.

كما أعلنت  تنسيقية وحراك شباب وأهالي مدينة ودان مساء أول أمس الثلاثاء مبايعتهم للمؤسسة العسكرية بقيادة  المشير خليفة بلقاسم حفتر لتولي زمام الأمور  ورئاسة ليبيا وإعلان دستورا مستعجلا للمرور بالبلاد إلى بر الأمان .

وقالوا في بيانا لهم خلال وقفة لهم بميدان الشهيد نورالدين عابور وسط مدينة ودان بأنهم يثمنون عاليا المجهودات والتضحيات التي تقدمها المؤسسة العسكرية منذ انطلاق عملية الكرامة بأن أهالي ودان يفوضون المشير حفتر لبناء مؤسسات الدولة الليبية .

وفي المقابل من ذلك، دعا مجلس النواب الموازي ما أسماهم "كافة الأحرار في شرق البلاد وغربها وجنوبها إلى التضافر لحماية" ليبيا والحفاظ على وحدتها"  وفق تعبيره، وطالب مجلس النواب الموازي في بيان له "المجتمع الدولي والبعثة الأممية باتخاذ إجراءات حازمة ضد جرائم حفتر" على حد نص البيان.

وعبر نواب الربلمان الموازي في بيانهم عن ترحيبهم بكل المبادرات "السياسية التي تحفظ وحدة البلاد وتنتهج السلوك السياسي السلمي القويم استنادا إلى الاتفاق السياسي الليبي وقرارات مجلس الأمن".