ما بين شهيد وفقيد ومصاب، وآخرون ما زالوا على قيد الحياة جمعتهم أرض واحدة ورصاصات متفرقة منذ 41 عامًا وفرقهم الاهتمام الإعلامى فمنهم من كان ولا يزال نجم شاشات التلفاز، ومنهم من ظلت بطولته حبيسة قبره، أو حديث أبنائه وأحفاده، إنهم شهداء حرب أكتوبر.                        

ورغم مشاركة الآلاف من أبناء #مصر فى هذه الحرب إلا أن "الإعلام" ظل لفترة من الوقت يحصر ذلك الإنجاز على صاحب الضربة الجوية المخلوع "حسنى مبارك"، وكأن القوات الجوية وحدها من قامت بالحرب، واليوم تحاول جريدة "المصريون" أن تلقى الضوء على بطولات دفنت تحت ركام سنوات النسيان.

"عبده موسى".. فدائى الصاعقة وبطل مجموعة 39 قتال

 انضم إلى وحدات الصاعقة فى عام 1961، ثم انضم إلى مدرسة الصاعقة كمدرس فى القسم الجبلي، وشارك أيضاً ضمن مجموعة من أفراد الصاعقة منهم النقيب أحمد رجائى عطية وآخرون فى إنشاء مدرسة الصاعقة الجزائرية وصد النزاعات الحدودية بين الجزائر والمغرب.

 وبعد انتهاء تلك المهمة عاد مرة أخرى إلى مدرسة الصاعقة حتى أتت أحداث يونيو المتتالية، ومنها تحويل مدرسة الصاعقة إلى كتيبة من معلميها وضباطها كاستعداد لأى عمليات، وفى اليوم الثانى للحرب تم نقل محمد عبده موسى إلى القنطرة غرب، وكانت أولى المهام هى نقل كوبرى وتحريكه حتى ﻻ يستخدمه اليهود للعبور إلى الغرب قبل الثانية عشرة ليلاً.

 وبعد وقف إطلاق النار كانت هناك جماعتان من الصاعقة إحداهما يقودها محمد عبده وأخرى بها عبدالخالق جاد المولى، وهو جندى اتسم بالشجاعة من أبناء الشرقية، حاولا عبثا العثور على أى طعام فوجدا قطارًا على الضفة الشرقية صباحا وبالقرب منه حوالى 14 جنديًا إسرائيلياً, فاقترح عبد الخالق أن يبادر بضرب هذه المجموعة الإسرائيلية.

 وبالفعل وافق عبده على هذه الفكرة الفردية، فعبرا بالسباحة إلى سيناء واستتر عبده أعلى القطار وعبدالخالق أسفله، وبالفعل بدأ عبد الخالق وعبده موسى بفتح النيران من اليمين إلى اليسار لكى يحصدا أكبر عدد منهم، وبالفعل سقط أغلب المجموعة فى غفلة منهم، ورد الباقى على مصدر النيران بالقطار فقفز عبده إلى الفاصل بين القطار والقناة ولحق به عبد الخالق جاد المولى، وعبرا سريعاً إلى الضفة الغربية قبل أن يكتشفهما أحد.

 وبدأ الهدوء يسود الجبهة، والشاردون كانت تجمعهم وتساعدهم الوحدات التى تم وضعها بشكل سريع على المواجهة، وانتشر الحديث عن وجود سيدة بدوية تبلغ عن ما تبقى من قواتنا المنسحبة، فعبر عبده موسى ومعه زميل من الصاعقة وأحضرا السيدة وقاما بتصفيتها.

 وما إن بدأ الشاذلى يتولى قيادة القوات الخاصة حتى عاد عبده إلى قيادة الصاعقة مرة أخرى، حتى أتى "عصام الدالي" واختاره لكى ينضم إلى فرع الخدمة السرية بالمخابرات الحربية, ثم انضمت المجموعة 39 قتال إلى فرع العمليات الخاصة بالمخابرات، وانضمت فصيلة من الصاعقة البحرية ثم سرية من الصاعقة.

"سعد شحاتة".. من أبطال الفرقة 16 مشاة وصائد الدبابات

جندى مصرى من أبطال الفرقة 16 المشاة، والذى تعرض للأسر واحتجز فى إسرائيل فى يوم السادس من أكتوبر، الساعة الثانية وخمس دقائق ظهراً، وكان البطل ضمن مجموعته داخل سيناء بعمق 15 كيلومترًا، تلك اللحظة التى بكى فيها عند رفع العلم على خط بارليف، وقد قام ضمن مجموعته باصطياد 22 دبابة إسرائيلية وأسر الكثير من جنود جيش اليهود.

أُصيب سعد شحاتة بأربع طلقات فى أنحاء جسمه ومكث يومين فاقداً للوعى إلى أن التقطته مجموعة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلى إلى داخل إسرائيل ليمكث فى سجون العدو قرابة 6 أشهر ونصف إلى أن تم إعادته للقاهرة مرة أخرى.

"فرحانة سلامة".. المرأة التى حطمت أنف الصهاينة

 لم تحمل هذه السيدة أى رتبة عسكرية ولكن ما قامت به من أعمال يدل على أن المرأة المصرية كانت شريكة النصر، فهذه السيدة بنت مدينة العريش، آثرت ألا تترك المعتدى يحتل أراضيها ووطنها، حيث قامت بما قد يعجز عنه أشد الرجال فى ظل ظروف شديدة الخطورة.

وكانت أول عملية تقوم بها الست فرحانة هى عملية تفجير قطار فى العريش، فقد قامت بزرع قنبلة قبل لحظات من قدوم القطار الذى كان محملاً ببضائع لخدمة جيش الاحتلال وبعض الأسلحة وعدد من الجنود الإسرائيليين، وفى دقائق معدودة كان القطار متفجراً بالكامل.

وتوالت العمليات التى قامت بها بعد ذلك، فقد كانت تترقب سيارات الجنود الإسرائيليين التى كانت منتشرة فى صحراء سيناء وقبل قدوم السيارة تقوم بإشعال فتيل القنبلة وتتركها بسرعة أمام السيارة التى تتحول فى لحظات إلى قطع متناثرة ومحترقة متفرقة، وقالت: "لقد أعطينا الجنود الإسرائيليين دروساً لن ينسوها طوال حياتهم".

علاوة على عمليات توصيل الأسلحة والذخائر والمتفجرات إلى مقاتلى سيناء خلف خطوط العدو وتعرضها أكثر من مرة للتفتيش والمخاطرة بحياتها فى سبيل هدف واحد وهو تحرير الأرض.

"جمال عبد الواحد".. محطم طائرات العدو

كان أحد أسراب الطائرات التابعة للقوات الجوية المصرية والمكون من ست طائرات ميج 21 فى اتجاهها للشرق لضرب مطار المليز بوسط سيناء يوم 10 أكتوبر 1973، وصعدت فوراً طائرات الميراج الإسرائيلية لاعتراضها،  وبعد القتال والاشتباكات أمر قائد السرب طياريه بالعودة لإعادة التموين والتسليح  فالغارة قد نجحت فى إصابة ممر بالمطار وطائرة إسرائيلية تركت عموداً من الدخان على أرض المطار واستدارت الطائرات للعودة.

 ولمح الرائد طيار جمال عبد الواحد، أربع طائرات ميراج على أحد ممرات المطار اليهودى تستعد للإقلاع، فأبلغ قائد السرب الذى صمم على العودة وعدم الاشتباك مع العدو لحين إعادة التسليح وملء الوقود، ولم يقتنع الرائد جمال ورأى فرصة قرر أن يستغلها فوراً فانفصل عن التشكيل متجاهلاً نداءات قائد السرب ونداء زملائه الطيارين واكتفى بنطق الشهادتين مرارًا حتى انقطع الاتصال به تماماً وسط دهشة ودموع زملائه، فقد نزل بطيارته وسط الأربع طائرات بطياريها مما أدى لتدمير الطائرات تماماً ومصرع طياريها وإصابة المدرج الرئيسى للطيران بخسائر جسيمة أوقفت المطار عن العمل.

"سيد زكريا".. "أسد سيناء" الذى حكى قصته اليهود

لم يعرف أحد عنه أى شيء إلا فى عام 1996 عندما اعترف جندى إسرائيلى لأول مرة للسفير المصرى فى ألمانيا بأنه قتل الجندى المصرى سيد زكريا خليل، مؤكدًا أنه مقاتل فذ وأنه قاتل حتى الموت وتمكن من قتل 22 إسرائيليًا بمفرده.

  بدأت قصة الشهيد بصدور التعليمات فى أكتوبر73 لطاقمه المكون من 8 أفراد بالصعود إلى جبل "الجلالة" بمنطقة رأس ملعب، وقبل الوصول إلى الجبل استشهد أحد الثمانية فى حقل ألغام، ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب صفى الدين غازى بالاختفاء خلف إحدى التباب وإقامة دفاع دائرى حولها على اعتبار أنها تصلح لصد أى هجوم، وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يحذران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة فى اتجاه معين وبعد انصرافهما زمجرت 50 دبابة معادية تحميها طائرتان هليكوبتر وانكمشت المجموعة تحبس أنفاسها حتى تمر هذه القوات ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلفة بها.

كما استدعى الإسرائيليون طائرات جديدة أبرت جنودًا بلغ عددهم مائة جندى اشتبك معهم أسد سيناء، وفى هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب صفى الدين غازى بعد رفضه الاستسلام، ومع استمرار المعركة غير المتكافئة استشهد جميع أفراد الوحدة واحدًا تلو الآخر، ولم يبق غير أسد سيناء مع زميله أحمد الدفتار فى مواجهة الطائرات وجنود المظلات المائة، حيث نفدت ذخيرتهما، ثم حانت لحظة الشهادة وتسلل جندى إسرائيلى خلف البطل وأفرغ فى جسده الطاهر خزانة كاملة من الرصاصات ليستشهد على الفور ويسيل دمه الذكى على رمال سيناء الطاهرة بعد أن كتب اسمه بأحرف من نور فى سجل الخالدين.

"عبد الوهاب إمام".. الضابط الملاك

ملازم أول سعيد عبد الوهاب إمام، من قرية قها مركز طوخ محافظة القليوبية، أحد ضباط استطلاع الكتيبة 12 مشاة التى قامت بالاستيلاء على نقطة تبة الشجرة، نال الشهادة يوم 14 أكتوبر بعد تطوير الهجوم.

يقول عنه أحد ضباط الكتيبة البطل محمد إسماعيل شمس، قائد سرية الرشاشات بالكتيبة 12 مشاة، كان جنوده يطلقون عليه "الضابط الملاك" كان وجهه ملائكيًا.. وضحكته وابتسامته ملائكية.. وأخلاقه مع زملائه وجنوده أخلاق الملائكة.. كان أقرب ضباط كتيبتى لى.. رحمه الله ويا رب اجمعنا معه".

"فاروق محمد محمد حسن".. نسر الدبابات  

البطل فاروق محمد محمد حسن، من #الجيش الثالث الميداني، خدم بالقوات المسلحة من 1967 إلى 1974، حاصل على نوط الجمهورية من الطبقة الأولى، كان ملقب بالنسر الأكبر بسبب دقه إصاباته للأهداف، قام بتدمير 23 دبابة إصابات مباشرة و11 مجنزرة.

"عبد الرءوف جمعة".. مقاتل فوق العادة

عبد الرءوف جمعة عمران، بطل الصاعقة والاستطلاع خلف خطوط الأعداء، نزع الله من قلبه أية رهبة من أى نوع، فكان أحد أبطال موقعة "السبت الحزين" التى وقعت صباح السادس من أكتوبر 1973 ووصفت لاحقا فى سجلات وزارة الدفاع على أنها "مهمة بلا عودة".

 كانت المهمة إيقاف أية إمدادات إسرائيلية أو إقلاع أو هبوط أية طائرة إسرائيلية من وإلى مطار أبو رديس فى عمق سيناء، وتأسيس نقطة استطلاع متقدم فى سيناء.

 أبيدت الكتيبة بالكامل فى أثناء تأدية المهمة، التى انتهت بنجاح ساحق، ولم يتبق منها سوى أربعة أفراد فقط على قيد الحياة وحدهم خلف خطوط العدو، منهم "عمران".

 أصيب بدفعة رشاش متعدد انتقامية من مدرعة إسرائيلية مرتبكة تدرى قرب نهايتها، واخترقت الطلقات فخذه وظهره لتخرج من ساقه ومثانته، وبمنتهى الجلد والإصرار وبدون أى تدخل طبى يعالج نفسه بنفسه، ويستمر فى عمليته خلف خطوط العدو استطلاعًا وتوجيهًا عبر لاسلكى طيلة 200 يوم متقافزًا فوق كل شبر من رمال سيناء بمنتهى البطولة، ليس لساعات ولا أيام ولا أسابيع، بل 200 يوم كاملة.

 ولم يبلغ البطل عن فداحة إصاباته، وإنما علمت بها المخابرات والاستطلاع من أحد رجالها من البدو الذى كان يقوم بإمداده بالطعام والشراب مرة كل ثلاثة أيام، بعد أن انقطعت أخباره ثلاثة أسابيع وقيد "مفقود عمليات".

 قال البدوي: "يافندم العسكرى ده عايش حلاوة روح اللى زيه المفروض يكون اندفن وبنصلى عليه غائب".

 وعاد منسحبًا على الأقدام وقد لوحت شمس سيناء بشرته وشعثت شعره، وتمزق حذاؤه العسكرى فى أواخر شهر أبريل 1974 بعد مرور 7 أشهر على إنزاله وإصاباته القاتلة، ليقف بعد ذلك المشير أحمد إسماعيل أمامه ليؤدى له أمام بطولته الاستثنائية التحية العسكرية وهو بتراب المعركة.

"محروس عرفان".. ضابط الدفاع الجوى الذى أسقط 7 دبابات

"محروس عرفان" ابن مدينة تلا والمدرس بمدرسة تلا الثانوية يعرفه أهل بلدته، ويكنون له الحب والتقدير والعرفان، ولكن لا يعلمه الكثيرون خارج بلدته، رغم أنه أحد الأبطال الذين شاركوا فى حرب أكتوبر، بل إنه ساهم بالنصر بإسقاط 7 طائرات للعدو الصهيونى فى أثناء خدمته كضابط دفاع جوى داخل القوات المسلحة بحرب أكتوبر.

"المحمدى سلطح".. محارب الثمانى سنوات

الحاج المحمدى سلطح، ابن مدينة تلا، والذى ظل مجندًا داخل القوات المسلحة 8 سنوات من 8/8/1966 وحتى 1/5/1974، وذلك إيمانًا منه بواجبه نحو بلده وغريزة بداخله، وهى غريزة الانتقام والثأر من العدو الصهيونى المحتل، حيث عمل بسلاح الصاعقة المجموعة 123، حيث لم يخرج من #الجيش إلا ومعه النصر الذى رفع به رأس بلده، ظل 8 سنوات يحارب اليهود واضعًا روحه على كفه من أجل نصر بلده.

 أرجع خبراء عسكريون واستراتيجيون على تجاهل قادة حرب أكتوبر إلى تعمد وسائل إعلام مبارك ذلك وتسليط الضوء على الضربة الجوية التى استمرت 15 دقيقة فقط للرئيس المخلوع حسنى مبارك.

 وقال اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكرى ولواء أركان حرب سابق، أن أبطال حرب أكتوبر بـ "القرى والنجوع والأحياء الفقيرة" منسيون وهناك الكثير من القصص والبطولات ضحوا بدمائهم ولم يحصلوا على حقهم فى الشهرة، مؤكدًا أن العائد من الإعلان عن هذه الأسماء وأدوارها فى حرب رفعت اسم  "#مصر" عاليًا وله وقع كبير على نفوس المواطنين.

 وأضاف "الخبير العسكري" أن القوات المسلحة من تمتلك زمام تكريم هؤلاء لأنها لديها أسماؤهم، موضحًا أن التكريم ليس من المفروض أن يكون تكريمًا ماديًا فالمعنى من ورائها له وقع كبير على نفوس هؤلاء الأبطال وأفراد الشعب المصرى.

وتابع: "أن الإعلام له الدور الأكبر فى الإعلان عن هؤلاء الأبطال وتسليط الضوء عليهم من خلال البحث عن هؤلاء دون كلل أو ملل، مؤكدا أن البحث سيكون سهلًا قائلا: "كل حى به أحد أبطال أكتوبر سواء كان شهيدًا أو مصابًا أو مازال على قيد الحياة ومن السهل الوصول إليه".

من جانبه، أكد الدكتور زكريا حسين، الخبير الاستراتيجي، أنه تم اختزال انتصار أكتوبر لمدة 30 عامًا فى الضربة الجوية التى لم تستمر إلا 15 دقيقة، متناسين حربًا استمرت لمدة ثلاثة أسابيع وقيادات دبرت لها لسنوات.

وأضاف "الخبير الاستراتيجي" أنه تم تكريم قائد الضربة الجوية فقط لمدة 30 عامًا متتالية، مؤكدًا أن "المخلوع" هو من أخفى أدوارًا كبيرة لعمالقة أقوى منه، والدليل على ذلك أنه ركز على دور القوات الجوية فقط وتناسى دور وزير الدفاع ورئيس الأركان اللذين وضعا خطة حرب أكتوبر.

وأشار إلى أن هذا العام تعتبر السنة الأولى التى يذكر فيها  أسماء أبطال حقيقية عملاقة ساهمت فى إنجاح الحرب ومنها المشير أحمد إسماعيل، رئيس أركان حرب القوات المسلحة والفريق سعد الدين الشاذلي، وتم إغفال الكثير منهم الفريق محمد على فهمى وكان قائد قوات الدفاع الجوى وهو قائد العبور والسبب الرئيس فى  عبور خط بارليف، والفريق محمد فوزى الذى تولى وزارة الدفاع بعد نكسة 67 وأدار عملية الاستنزاف.

وأردف، أن الدولة اختزلت الحرب فى 15 دقيقة فقط، مشيرًا إلى أنه بالرغم من   تعديلات هذا العام إلا أنه مازال هناك محطات كثيرة لم تذكر وأخرى رفيعة المستوى لم تكرم، مناشدًا الإعلام بتسليط الضوء على الأبطال الحقيقيين للحرب بعد ثورات الربيع العربى.

 

المختصر نيوز