فقدت الجزائر الأستاذ والمؤرخ "رابح بلعيد" الذي وافته المنية الأحد عن عمر ناهز 87 سنة والذي يعتبر حلقة ربط مهمة جدا بين تاريخها وحاضرها والمستقبل أيضا. ولد رابح بلعيد في  20 نوفمبر1927 بلدية "بومدفع" في محافظة "عين الدفلى" (90 كلم غرب العاصمة الجزائر) وكلف بطرح القضية الجزائرية على هيئة الأمم المتحدة بعد عام 1958 أثناء اشتعال ثورة التحرير الجزائرية على الميدا ، إذ كان  من المناضلين الدائمين في جبهة التحرير الوطني سنوات الثورة الجزائرية التي امتدت من 1956 إلى 1962 و إطارا ساميا في الحكومة الجزائرية المؤقتة من 1958 إلى 1962 التي كانت تعمل من القاهرة.  وعلى اعتبار معايشته للحقبة الاستعمارية طيلة ثلاثة عقود تقريبا ، فقد نقل وعايش مشاهد مهمة من تاريخ الجزائر، وظلت عطاءاته ترسم وتحدد في كل مرة تنظيم الأحداث التاريخية  . كما أن إسهاماته التي مالت إلى الجانب الأكاديمي خرجت من دائرة التضييق الذي كان المسؤولون الجزائريون يحاولون  وقت النظام الشمولي ذي التوجه الحزبي الأحادي حصرها فيما يرونه حقيقة من خلال نظرتهم للأحداث من الزاوية التي عايشوها أثناء الثورة. ولعل آخر تغريدة له على صفحته في الفايسبوك أكبرَ دليل على ذلك حين قال ونقل في 10 ديسمبر 2013 أن "جنينة مصالي : زوجة مصالي الحاج هي من أخاطت العلم الوطني" ويكون بذلك قد سطرعناوين الخلاف حول نقطة أخرى من تاريخ الجزائر إبان الحقبة التاريخية تخص الراية الجزائرية التي ترفرف الآن بشكلها الحالي والتي كان قد قال المجاهد "شوقي مصطفاي" يوم 18 نوفمبر 2013 إنه من صممها في تصريحات إعلامية، ولكن المؤرخ المرحوم أعزها من خلال ما قلته ابنت الرجل المناضل الثوري المعروف "مصالي الحاج" (أو كما يلقب بأبي الثورة الجزائرية) أنها لأمها وقتما خطب أبوها المجاهد عام 1934 في مناضليه وقتها.

وكان آخر منصب يشغله الأستاذ المرحوم قبل أن يحال على التقاعد أستاذا للتعليم العالي بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة "الحاج لخضر" بمحافظة باتنة رشق الجزائر. ويعد سجله التعليمي والعلمي حافلا بالشهادات والمؤلفات (بينها مواثيق الثورة الذي صدر في عام 1982 وتاريخ الجزائر المعاصر الذي صدر سنة 2003). فقد نال شهادة الليسانس في العلوم السياسية من جامعة "سان فرانسيسكو"  بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1957 و الدبلوم العام في الديمغورافيا من المركز الديمغرافي بالقاهرة والتابع للأمم المتحدة بين عامي 1972 و 1973 ، وتحصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام  1976 ليواصل بها مشواره التعليمي ويتحصل على دكتوراه الدولة في نفس التخصص عام 1990.