لم تنجح القوى الديمقراطية الاجتماعية في تونس، ممثلة بحزب "التكتل" و"الحزب الجمهوري" وحزب "المؤتمر" و"التحالف الديمقراطي" و"التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب"، في الاتفاق على مرشح موحد للانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، لمواجهة مرشح حركة "نداء تونس"، الباجي قايد السبسي، الذي حصدت كتلته العدد الأكبر من مقاعد البرلمان.

وأمام هذا الواقع، لم تجد هذه القوى أمامها إلا خيار دعم المرشح الذي تجده مناسباً في الدورة الرئاسية الأولى، على أن تقرر لاحقاً هوية المرشح الذي ستؤيده في دورة الانتخابات الثانية.

ولئن لم يعتبر مرشح حزب "التكتل"، مصطفى بن جعفر، وهو صاحب مبادرة المرشح الموحد للانتخابات الرئاسية، فشلاً في عدم التوصل إلى اتفاق حول مبادرته، فإن مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة أحمد نجيب الشابي، توقّع منذ البداية فشل ما سماه بـ"مبادرة اللحظات الأخيرة"، مستبعداً أن يتنازل بعض المرشحين لفائدة مرشح مشترك.

كما لاقت المبادرة انتقادات من "الجبهة الشعبية"، التي اعتبرتها "محاولة من الأحزاب المهزومة في الانتخابات التشريعية، لتدارك أمرها في الانتخابات الرئاسية، وخطوة للتأثير على القدرة التنافسية للمرشحين لهذا الاستحقاق".

"أرجأت حركة "النهضة" مسألة حسم المرشح الرئاسي الذي ستدعمه حتى نهاية الأسبوع الحالي" وفي وقت أرجأت فيه حركة "النهضة"، القوة الثانية في البرلمان الجديد، مسألة حسم المرشح الرئاسي الذي ستدعمه حتى نهاية الأسبوع الحالي، بعد رفض اقتراح تقديم مرشح توافقي للرئاسة من قبل عدد من الاطراف، تُعوّل مكونات "العائلة الديمقراطية الاجتماعية" على ما تعتبره وعي الناخب التونسي بخطورة المرحلة، ودوره في حماية المسار الديمقراطي في ظل مخاوف من تفرّد حزب واحد وإمكانية احتكار النفوذ.

ومن شأن ذلك أن يهدد البلاد بالعودة الى الديكتاتورية ودولة الحزب الواحد من جديد. ويشكك أمين عام حزب "التيار الديمقراطي"، محمد عبو، في نجاح الباجي قايد السبسي في الانتخابات الرئاسية، مستبعداً في آخر تصريحاته، أن يختار الشعب التونسي "شيخاً في الثامنة والثمانين، ليكون قائداً للقوات المسلًحة، ومسؤولاً عن الأمن القومي، وممثلاً لتونس في الخارج، لأنه لن يكون قادراً على أداء كل هذه المهام"، على حد تعبيره.

وتعتبر حركة "نداء تونس" مرشحها الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية، قياساً على ما حقّقته من نتائج في الانتخابات التشريعية من جهة، واعتمادا على مشروع السبسي، الذي يهدف، حسب قوله، إلى "استرجاع هيبة الدولة وإعادة تونس إلى مصاف دولة تنتمي إلى القرن الواحد والعشرين"، من جهة أخرى.

وتعدُّ الانتخابات الرئاسية، وفق الأمين العام لحزب المسار، سمير الطيب، أمراً محسوماً منذ الانتخابات التشريعية، التي اعتبرها بمثابة دورة أولى للانتخابات الرئاسية، وبالتالي فإن الطريق مفتوحة أمامه للمرور مباشرة إلى الدور الثاني.

في المقابل، يؤكد مرشح حزب التكتل للرئاسة، مصطفى بن جعفر، أن حركة "نداء تونس"، تحمل في طياتها "الكثير من التناقضات، ولا يبعث برنامجها الانتخابي على الاطمئنان".

ويؤيده في وجهة نظره هذه حزب "التيار الديمقراطي"، الذي يرى أن الحركة غير قادرة على الإصلاح، باعتبارها تضم أسماء كانت طرفاً في النظام السابق ومنظومته.

ولم يخف الحزب عزمه على دعم الرئيس الحالي، المنصف المرزوقي، بـ"اعتباره مرشحاً للخط الثوري"، وفق تعبير عبو.

وفي سياق متّصل، لم يتوان المرزوقي، خلال افتتاح حملته الانتخابية، عن توجيه انتقاد شديد إلى رموز النظام السابق، مشيراً إلى أن "هناك آلة نائمة تحرّكت ولعبت دوراً كبيراً في الانتخابات التشريعية، لتُرجع النظام القديم إلى المشهد السياسي".

في المقابل، يعتبر القيادي في "نداء تونس" ومدير الحملة الانتخابية للسبسي، محسن مرزوق، أن أولوية حزبه هي "التركيز على الانتخابات الرئاسية، باعتبارها الركيزة الثانية بعد الانتخابات التشريعية"، نافياً وجود "مباحثات حول تحالفات نداء تونس في المرحلة المقبلة".

ويشدد مرزوق، وفق تعليقات كتبها في صفحته على موقع "فيسبوك"، على أنه "لا يمكن التفكير في الحكومة المقبلة، طبيعة وتركيبة، إلا بعد الانتخابات الرئاسية، حيث يواجه الباجي قايد السبسي عصابات حماية الثورة ومرشحها المؤقت الذي يدعمها ويوجّهها".

ويُجمع المتابعون للحملة الانتخابية الرئاسية، على أن أجواء الاستعداد للانتخابات الرئاسية، تتسم بالتوتّر الذي يتجسّد من خلال دعوات بعض الأطراف إلى تهميش بعض المرشحين لهذا الاستحقاق وانحصار الحديث فيه عن مرشحين اثنين، في حين يتنافس في هذا الاستحقاق ستة وعشرون مرشحاً. وتضاف إلى كل ذلك، محاولة بعض الأطراف تقسيم التونسيين وتأجيج النعرات الجهويّة، فضلاً عن حملات التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية وشبهات تفشّي ظاهرة المال السياسي.