شكلت الأزمة الليبية منذ العام 2011، صداعاً كبيراً للمنطقة العربية والإفريقية بشكل عام، وعلى دول جوارها بشكل خاص، نسبة لأن انهيار الدولة وتحكم الميليشيات في مدنها وصحاريها جعل منها مصدراً للتوتر وممراً ومنبعاً للتهريب كما صارت منطلقاً لعدد من الجماعات الإرهابية العابرة للحدود.

ويدفع هذا الصداع بدول الجوار للتحرك باستمرار في اتجاه دفع الليبيين إلى الحوار والتوافق بما يسّهل الوصول إلى تسوية للمأزق الراهن وحل الأزمة في البلاد التي تتهدد هذه الدول أيضا خاصة لآثارها الأمنية والاقتصادية المُكلفة عليهم.

اجتماع الخرطوم

تستضيف العاصمة السودانية الخرطوم اجتماعا موسعا لدول الجوار الليبي في الـ29 من شهر نوفمبر الجاري سيتناول بحث الأزمة الليبية وملف الحدود.وقال وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد،في حوار مع قناة "فرانس24"، أمس: إن الهدف من اجتماع دول الجوار الليبي، الذي ستستضيفه الخرطوم، هو بحث انعكاسات ما يحدث في ليبيا على دول الجوار، مبرزاً أن حكومته ستوجه الدعوة إلى إيطاليا والجامعة العربية.

وسبق أن  استضافت الخرطوم الاجتماع الخامس لدول جوار ليبيا،في ديسمبر 2014،ومن أبرز ما تمخض عنه اجتماع الخرطوم آنذاك دعم مسار جمع الفرقاء الليبيين للجولة الثانية من الحوار بمدينة غدامس برعاية المبعوث السابق للأمم المتحدة إلى ليبيا الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون، كما قرر اجتماع الخرطوم منع تدفق السلاح إلى ليبيا من دول الجوار.

وقد شارك في اجتماع الخرطوم وزراء خارجية كل من ليبيا والسودان ومصر وتونس والجزائر وتشاد والنيجر، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية آنذاك نبيل العربي وموفد من الاتحاد الأفريقي، بينما لم يشارك أي ممثل عن المؤتمر الوطني العام الليبي.

ويعد هذا الاجتماع مشهدا مكررا للعديد من الاجتماعات المتعلقة بالأزمة الليبية، حيث عقد وزراء خارجية دول الجوار الليبي،سلسلة من الاجتماعات المتتواليه التي تعقد بالتناوب في هذه الدول.

وكان آخر اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار قد انعقد بالجزائر نهاية مايو/ أيار الماضي توج بـ"التأكيد على أهمية تنفيذ خطة العمل الأممية من أجل حل الأزمة في ليبيا، وتوفير الظروف الملائمة الكفيلة بتسريع تنفيذها" محذرين من أن التأخير في التوصل إلى حل للأزمة سيفسح المجال أمام مزيد من التصعيد وانتشار العنف والإرهاب واتساع الصراعات.

ودعا المجتمعون الأطراف الليبية إلى تحمل مسؤولياتهم ومواصلة انخراطهم بحسن نية في تحقيق هذا المسار عبر "إرساء توافقات موسعة تمهد لمصالحة وطنية شاملة"، منوهين بالمصالحات المحلية بين مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية.

ونقلت صحيفة "الدستور"،عن مصدر دبلوماسي،تأكيده على أن المؤتمر الذي ستستضيفه العاصمة السودانية سوف يبني على ما تم التوصل إليه من نتائج خلال اجتماعات دول الجوار السابقة، فضلًا عن الاجتماعات الدولية التي استضافتها كل من إيطاليا وفرنسا حول الأزمة الليبية.

وتسعى دول الجوار الى إحياء الحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين وكسر الجمود حتى تتفادى ليبيا مزيدا من الفوضى والاقتتال.حيث تخشى الدول التي تربطها حدود كبيرة مع ليبيا على أمنها في ظل انتشار الفوضى والسلاح في الجارة ليبيا إضافة إلى الخطر المتنامي لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا.

دعوة فرنسا

ودعت الحكومة السودانية، الثلاثاء، فرنسا لحضور الاجتماع، بصفة مراقب،وجاء ذلك لدى لقاء وزير الخارجية السوداني، الدرديري محمد أحمد، ونظيره الفرنسي، جان أيف لودريان، بمقر وزارة الخارجية الفرنسية، حسب وكالة الأنباء السودانية

وبدأ وزير الخارجية السوداني، الثلاثاء، جولة أوروبية تستمر 7 أيام، تشمل 4 دول، فرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، وبريطانيا، بالإضافة إلى رئاسة الاتحاد الأوروبي.وأفادت الوكالة الرسمية أن "الوزير السوداني شرح لنظيره الفرنسي، جهود السودان لتحقيق السلام في ليبيا، ومبادرته لاستضافة اجتماع دول الجوار الليبي الموسع في 29 نوفمبر الجاري بالخرطوم".وأشارت إلى أن الوزير الفرنسي وعد بمشاركة بلاده في الاجتماع.

وكانت باريس قد استضافت مؤتمرا ضم أربعة وفود ليبية،في 29 مايو من العام الحالي، تمثل قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، لبحث مسألة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في البلاد.

وخرجت الوفود الأربعة بعد اجتماع باريس ببيان ختامي ينص على التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية في 10 ديسمبر 2018، على نحو جيد، مشددا على أن يلتزم القادة الليبيون بقبول نتائج الانتخابات والتأكد من توفر الموارد المالية اللازمة والترتيبات الأمنية الصارمة، وأن يتعرض كل من يقوم بخرق العملية الانتخابية أو تعطيلها للمحاسبة.

لكن بعثة الأمم المتحدة قالت إن القلاقل الأمنية التي شهدتها ليبيا على مدى الأشهر الماضية جعل إجراء الانتخابات في ذلك الموعد مهمة شبه مستحيلة.وأعلن المبعوث الأممي غسان سلامة عزمه إجراء الانتخابات في ربيع العام المقبل، بعد عقد مؤتمر جامع يفضي إلى مصالحة شاملة بين مكونات الشعب الليبي.