مع اتساع جبهة الاقتتال في ضواحي العاصمة الليبية طرابلس بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية للمجلس الرئاسي بحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج،تتصاعد مخاوف دول الجوار من تأثيرات الصراع الذي يتهدد أمن أراضيها خاصة في ظل استمرار انتشار العناصر الارهابية في الأراضي الليبية.

مخاوف دول الجوار تدفعها إلى زيادة التنسيق فيما بينها في محاولة لرأب الصدع بين الفرقاء الليبيين وتفادي المخاطر التي يمثلها الصراع القائم في البلد الجار،وهو ما كشف عنه اللقاء الذي جمع اليوم الجمعة 26 أبريل 2019،بين  وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، ونظيره الجزائري، صبري بوقادوم والذي تناول الشأن الليبي بصفة خاصة.

وتعتبر زيارة وزير الخارجية الجزائري هي الأولي للمسؤول الجزائري منذ تسلم مهامه على رأس الدبلوماسية الجزائرية، إثر الحراك السياسي الذي عرفته الجزائر.وتهدف هذه الزيارة بالأساس إلى دعم التنسيق الأمني والعسكري لمجابهة مخاطر الإرهاب، في ظل عدم الاستقرار السياسي داخل ليبيا المجاورة.

وأعلنت وزارة الخارجية التونسية، في بيان،أن اللقاء الذي جمع خميس الجهيناوي بنظيره الجزائري صبري بوقادوم "تطرق إلى التطورات الخطيرة الحاصلة في العاصمة الليبية طرابلس وانعكاساتها المباشرة على أمن واستقرار المنطقة". وأضافت الوزارة أن الوزيرين جدّدا "دعوتهما إلى عقد اجتماع عاجل لآلية المبادرة الثلاثية وتكثيف جهودهما وتحركاتهما في مختلف الأطر الأخرى بهدف وضع حدّ لتدهور الأوضاع الأمنية والعودة سريعًا للمسار السياسي".

ودعا الوزيران الأطراف الليبية إلى الوقف الفوري للاقتتال حقنًا لدماء الليبيين وتجنيب الشعب الليبي مزيدًا من المعاناة ومراعاة المصلحة الوطنية العليا لليبيا. مؤكدين على أنه لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية وعلى أهمية عودة الأطراف الليبية إلى الحوار الليبي – الليبي الشامل، والمحافظة على المسار السياسي كسبيل أوحد لحلّ الأزمة الليبية وفقًا لأحكام الاتفاق السياسي بقصد إنهاء المرحلة الانتقالية وإتمام الاستحقاقات الانتخابية برعاية الأمم المتحدة.بحسب البيان.

ونقل البيان أن الوزيرين شددا على "مواصلة دعمهما للجهود الأممية بإشراف المبعوث الأممي الدكتور غسان سلامة لإيجاد تسوية سياسية شاملة في ليبيا تستند إلى التوافق بين كافة الأطراف وبما يحفظ أمن واستقرار وسيادة ليبيا، والـتأكيد على مسؤولية المجتمع الدولي في إنهاء الأزمة من خلال تشجيع الأطراف الليبية على استكمال المسار السياسي".

وبالتزامن مع هذا اللقاء،أجرى وزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد الطاهر سيالة اتصالا هاتفيا مع نظيره الجزائري صبري بوقادوم، اليوم الجمعة.وناقش الاتصال الوضع القائم في العاصمة طرابلس وتأثير انفلات الأوضاع الأمنية على دول الجوار ومنها الجزائر.

وقبل يوم من بداية زيارة وزير الخارجية الجزائرية إلى تونس،أكد وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي،أن المشير خليفة حفتر لم يرفض في مكالمة هاتفية جمعتهما الحوار مع حكومة فايز السراج.وقال إن حفتر أعلمه بعدم رفضه دعوات الجلوس إلى طاولة الحوار مع ممثلي حكومة الوفاق، بقيادة فائز السراج، وأن دوره يتمثل أساسا في محاربة التنظيمات الإرهابية، باعتباره قائدا للجيش الليبي.

كما بين الوزير التونسي أنه أجرى أيضا اتصالات مع وزير خارجية حكومة الوفاق الليبية، مشددا على أن تونس تتعامل مع جميع الأطراف، ولا تصطف إلى جانب أي طرف ليبي، على حساب الآخر.

وكانت وزارة الخارجية التونسية قد أكدت في وقت سابق الأسبوع الماضي، أنه يجري العمل حاليا على عقد اجتماع لوزراء خارجية تونس والجزائر ومصر بتونس العاصمة، لتنسيق جهود الدول الثلاث بهدف إنهاء حالة التوتر في ليبيا واستئناف المباحثات السياسية، مشيرة في هذا الخصوص إلى أن وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي يواصل القيام باتصالات وإجراء مشاورات مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية للتعجيل بإنهاء المواجهات العسكرية في هذا البلد المجاور لتونس.

ويرى مراقبون أن الوضع الأمني المتردي في ليبيا هو السبب الرئيسي في تمدد الجماعات الإرهابية في كامل المنطقة وتصاعد مخاطرها.فتفاقم الفوضى واللاستقرار،كان له أثر كبير على أمن دول الجوار التي تعرضت لعدة هجمات إرهابية إنطلاقا من الأراضي الليبية

وتتكثف المشاورات على صعيد الدول العربية المجاورة لليبيا بحثاً عن فرص تسوية سياسية للأزمة المتفاقمة في هذا البلد شمال أفريقي،والتي كان لها تأثيرات سلبية على دول المنطقة ككل خلال السنوات الماضية.فتونس سبق أن عانت من هجمات ارهابية، أبرزها اعتداءين على المتحف الوطني ومنتجع سياحي في تونس.وقُتل في الاعتداءين اللذين أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليته عنهما العام 2015 ، 59 سائحاً أجنبياً،وقال مسؤولون تونسيون إن المهاجمين تدربوا في ليبيا.

أما الجزائر،فتعتبر إحدى أكثر الدول التي تتهددها المخاطر التى تشكلها الجماعات الإرهابية خاصة  التي تنشط في الأراضي الليبية.وتثير حالة الفوضى وتمركز العناصر الارهابية في ليبيا،مخاوف السلطات الجزائرية التى باتت تعتبر حماية الحدود أولوية قصوى لتحصين نفسها ضد المخاطر الإرهابية،حيث ينفذ الجيش الجزائري،مناورات عسكرية بين حين وآخر،يفرضها تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا.

من جهتها،عانت مصر من الإرهاب القادم من ليبيا بشكل كبير حيث تعرضت لعدة عمليات إستهدفت الأراضي المصرية.ولم يتوقف المسؤولون المصريون،عن التحذير من خطورة انتشار الإرهاب في ليبيا على مصر، وبالتالي على المنطقة بأسرها، في ظل ما تتلقاه هذه الجماعات من دعم.

وتولي دول الجوار اهتماماً خاصاً بالأوضاع في ليبيا، حيث تخشى هذه الدول من أن تؤدي المعارك في العاصمة الليبية إلى التأثير على أمنها.وهو ما أكده وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي،الذي حذر من المخاطر التي تهدد ليبيا وكل دول الجوار الليبي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا في صورة عدم وقف الحرب الحالية.

وذكر بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية التونسية أن الوزير خميس الجهيناوي وجه، خلال لقاء جمعه ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، الدعوة لكل أطراف النزاع في ليبيا إلى وقف إطلاق النار والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس والعودة لاستئناف المسار السياسي الكفيل وحده بالتوصل إلى حل سياسي توافقي شامل للأزمة الليبية تحت رعاية الأمم المتحدة".

وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر، أعلنت ليل الرابع من نيسان/أبريل الجاري، إطلاق عملية للقضاء على ما وصفته بالإرهاب في العاصمة طرابلس، والتي تتواجد فيها حكومة الوفاق،برئاسة فائز السراج، الذي دعا قواته لمواجهة تحركات قوات الجيش الليبي بالقوة،لتندلع مواجهات عنيفة تصاعدت على اثرها المخاوف من استحالة الوصول الى تسوية في البلاد.

وتشهد ليبيا صراعات ونزاعات، أدت إلي انقسام البلاد ودخولها في حالة فوضي عارمة، دفعت الجماعات الإرهابية إلي استغلال الفوضي والتنامي في المناطق الليبية، فضلا عن نزاعات الأطراف الليبية وانبثاق حكومات متعددة للوصول لحكم البلاد، وفشلت جميع مساعي الدول في جمع الأطراف علي طاولة واحدة، ولازالت الأزمة تتفاقم في ظل اتساع الفجوة بين القيادات الليبية لتتواصل بذلك رحلة البحث عن السلام في ليبيا