في ظل مشهد سياسي معقد في البلاد مع تعدد الحكومات والصراع بين الفرقاء الليبيين،ومع غياب دولة مركزية قوية وانتشار السلاح بشكل كبير، مثلت ليبيا طيلة السنوات السبع الماضية مصدر قلق إقليمي ودولي وهو ما جعل الملف الليبي أحد أهم الملفات حضورا في الأجندة الدولية.

وتعتبر الدول الاقليمية الأكثر اهتماما بالملف الليبي وهو ما يفسره تعدد الاجتماعات والمبادرات الهادفة إلى دفع الليبيين إلى الحوار والتوافق حول نقاط الاختلاف بما يسّهل الوصول إلى تسوية شاملة ولم شمل البيت الليبي وإعادة الاستقرار فيه.

اجتماع جديد

إلى ذلك، تستضيف العاصمة السودانية الخرطوم، غدًا الخميس 29 نوفمبر 2018، الاجتماع الوزاري لدول جوار ليبيا،  بحضور حكومة الوفاق الوطني والمبعوث الأممي، والممثل الخاص للأمين العام للجامعة العربية، والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وفرنسا وإيطاليا.

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية السفير بابكر الصديق الأمين، إن الاجتماع يهدف إلى دفع جهود التسوية السياسية في ليبيا، ومناقشة انعكاسات الأوضاع في ليبيا على الأمن الإقليمي وقضايا الإرهاب وتهريب البشر والجريمة العابرة للحدود. وأوضح الأمين، أن كل دول جوار ليبيا وحكومة الوفاق الوطني، أكدت مُشاركتها في الاجتماع، وكذلك ممثلي الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي.

من جانبها، قالت وزارة الخارجية المصرية، إن الوزير شكري سيتوجه اليوم الأربعاء، إلى السودان للمشاركة في الاجتماع الوزاري لدول جوار ليبيا، المقرر عقده غدًا بالخرطوم. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد حافظ، إن اجتماع الخرطوم سيتناول بحث آخر مستجدات الأوضاع على الساحة الليبية، وتبادل وجهات النظر بين دول الجوار الليبي تجاه تلك المستجدات، فضلاً عن استعراض سبل دفع الجهود الجارية لاستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا.

مبادرة للمصالحة

ومن المقرر وفق مصادر دبلوماسية أفريقية أن يشهد لقاء وزراء خارجية دول الجوار طرح مبادرة من الاتحاد الأفريقي حول المصالحة الوطنية ومواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية القادمة من دول القارة السمراء، بعدما دافعت الهيئة مرارًا على أولوية عقد مؤتمر للمصالحة على تنظيم انتخابات، بالتزامن مع ما أوصى به مؤتمر باليرمو، من عقد المؤتمر الوطني الجامع مطلع العام القادم.

وكان وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد احمد،قال في تصريحات أثناء زيارته الأسبوع الماضي الى باريس إن الهدف الأساسي من اجتماع دول الجوار الليبي هو بحث "أثر ما يحصل في ليبيا على دول الجوار". وأضاف: "سننظر إمكانية إطلاق مبادرة من الاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا" وأوضح أن فرنسا ستحضر بصفة مراقب.

وقام وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد احمد مطلع الاسبوع الجاري بجولة اوروبية لحشد الدعم السياسي للمبادرة السودانية في استضافة مؤتمر دول جوار ليبيا.وذكرت الخارجية السودانية في وقت سابق ان الجهود التي يقوم بها السودان تمثل جزءا أصيلا من جهود الاتحاد الافريقي لتحقيق السلام في ليبيا.

وسبق لاتحاد الأفريقي أن تقدم في نوفمبر 2016 بمبادرة لحل الأزمة الليبية. وتضمنت المبادرة، بحسب ما جاء في كلمة الرئيس التشادي إدريس دبي حينئذ، ضرورة أن يكون الوفاق الوطني شاملا للجميع ورفض أي عملية تقصي أي طرف في البلاد، وتكون مرجعيته الاتفاق الذي تم بالمغرب برعاية الأمم المتحدة في نهاية 2015

وتحضى ليبيا باهتمام إفريقي كونها تمثل جزءا أصيلا من إفريقيا وبوابة شمالية لها ومؤسسا فعالا فى الاتحاد،ويمثل أمنها واستقرارها مطلبا هاما للدول الإفريقية نظرا لم تمثله الفوضى وغياب الدولة فيها من مخاطر تتجاوز حدودها للمنطقة بأسرها.

وضع صعب

ويأتي هذا الاجتماع في وقت مازالت فيه ليبيا تعيش أوضاعا أمنية صعبة،خاصة مع تجدد الهجمات الإرهابية التي كان آخرها هجوم تبناه تنظيم داعش الإرهابي على مركز للشرطة في بلدة تازربو النائية شمالي الكُفرة، أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى وخطف آخرين.

وفضلا عن ذلك تصاعدت الانتهاكات من طرف المجموعات المسلحة الأجنبية داخل الأراضي الليبية،التي تمارس الخطف والنهب والقتل،وهو ما دفع البعثة الأممية إلى حث الأطراف الفاعلة الإقليمية على "دعم السلطات الليبية لمعالجة للوضع الراهن على نحو يصون سيادة ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها".

وتستغل التنظيمات الإرهابية والعصابات الأجنبية الانقسامات بين الفرقاء وتردي الوضع الأمني والفوضى المتفشية،للتوغل في الأراضي الليبية وتنفيذ أنشطتها التي تمثل خطرا كبيرا على ليبيا والمنطقة ككل.

وفي الوقت الذى يتفاءل فيه البعض بإمكانية نجاح اجتماع الخرطوم في التأثير على الأطراف الفاعلة على الساحة الليبية،والوصول إلى توافق بينها يسرع في إنهاء الأزمة،يخشى آخرون أن لا تختلف حظوظ نجاحه عن عشرات الاجتماعات التي انعقدت قبله، وظلت توصياتها حبراً على ورق ولم يتم الالتزام بها أو تفعيلها.


(صورة أرشيفية)