عادت دول الجوار الليبي الى استنفار جهودها في ظل الاستعدادات الجارية لعقد اجتماعات جنيف التي ينتظر أن تنبثق عنها سلطات جديدة في البلد الخاضع للتجاذبات السياسية والعسكرية والأمنية منذ تسع سنوات

وفي هذا السياق ، أكدت مصر على موقفها الحازم من التدخل التركي السافر ونفوذ الميلشيات ، وأكد الرئيس عبد الفتاح السياسي في كلمته أمام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن بلاده  تتمسك  بمسار التسوية السياسية بقيادة الأمم المتحدة على أساس الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات ومخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة الذى أطلقه رئيس مجلس النواب وقائد الجيش الوطنى الليبيان والذى يعد مبادرة سياسية مشتركة وشاملة لإنهاء الصراع فى ليبيا ويتضمن خطوات محددة وجدولا زمنيا واضحا لاستعادة النظام وإقامة حكومة توافقية.. ترقى لتطلعات الشعب الليبي.

كما أوضح الرئيس المصري إن تداعيات الأزمة لا تقتصر على الداخل الليبي لكنها تؤثر على أمن دول الجوار والاستقرار الدولي وإن مصر عازمة على دعم الأشقاء الليبيين لتخليص بلدهم من التنظيمات الإرهابية والمليشيات ووقف التدخل السافر من بعض الأطراف الإقليمية التى عمدت إلى جلب المقاتلين الأجانب إلى ليبيا تحقيقا لأطماع معروفة.. وأوهام استعمارية ولى عهدها.

وأضاف «لذلك فقد أعلنا ونكرر هنا أن مواصلة القتال وتجاوز الخط الأحمر ممثلا في خط "سرت – الجفرة" ستتصدى مصر لـه دفاعا عن أمنها القومي وسلامة شـعبها » مجددا « الدعوة لكل الأطراف للعودة إلى المسار السياسي بغية تحقيق السلام والأمن والاستقرار الذي يستحقه شعب ليبيا الشقيق»

وقد رحب أغلب الليبيين بما ورد في كلمة السيسي التي أكدت أن موقف مصر لم يتغير ، وأن هناك ثباتا على المبدأ في مواجهة التدخل التركي وجحافل المرتزقة والميلشيات الخارجة عن القانون ، فيما أثارت الكلمة حفيظة قوى الإسلام السياسي وأمراء الحرب ممن رؤآ فيها تهديدا لنفوذهم ومخططاتهم وخاصة في غرب البلاد

وقال علي أوحيدة، الصحفي الليبي المقيم ببروكسل في بلجيكا، أن الرئيس السيسي أحدث صدمة لدى الإخوان بعد تجديد موقفه الرافض لمهادنة المحتل التركي ، وأضاف: “تجديد مصر لموقفها على لسان الرئيس الرافض لمهادنة المحتل التركي في طرابلس؛ أحدث صدمة لدى الإخوان في العاصمة المحتلة ( طرابلس ) وأنهى حلمهم الى غير رجعة” ، لافتا الى أن “ردودهم على كلمة السيسي دليل على هول الكارثة النفسية التي لحقت بهم”.

وتابع أوحيدة أن “الرئيس السيسي حرص على أمرين في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وهما ضرورة حل المليشيات في ليبيا وأن الخط الأحمر المصري المعلن عنه سابقا ساري المفعول”.

حزم جزائري

وفي الجزائر ، قال الرئيس عبد المجيد تبون، إن أي تسوية في ليبيا لن تتم دون موافقة بلاده، مؤكدا أن الجزائر لن تعرقل خطة الأمم المتحدة لتسوية الأزمة هناك ، وأوضح في لقاء مع وسائل إعلام محلية  الثلاثاء  الماضي :” قلت سابقًا إن الشأن الليبي هو شأن جزائري، وإنه لن يحدث أي شيء في هذا البلد دون موافقة الجزائر” ، مردفا :” الكلام نفسه أكرره اليوم، سنفرض أنفسنا للمشاركة في الحل، وإذا لم يشاركونا سنتحمل مسؤولياتنا”، وفق تعببره

وأشار تبون إلى ” أن هناك صراعًا دوليًا في ليبيا، والانحياز لطرف أو طرفين يعطي نتائج ظرفية، لكن الحل الدائم في ليبيا ينبثق من الشرعية الشعبية حتى لو كانت مؤقتة في البداية، وسياسة التعيينات أثبتت فشلها في هذا البلد” مشيرا إلى أن الأمم المتحدة هي من طلبت من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج وآخرين، الاستقالة، من أجل لم شمل طرابلس وبنغازي، والحصول على الشرعية الانتخابية، على حد توقعه.

وأكد تبون، أن الأمم المتحدة ليست رافضة للانتخابات، وأن الجزائر لن تعرقل خطتها، متابعا:” نأمل في حال دائم وليس حل لأشخاص في ليبيا”.

ويرى المراقبون أن الموقف الذي عبّر عنه الرئيس تبون يعتبر الأكثر وضوحا في رفضه أي محاولة لتجاهل دور الجزائر التي تعتبر إحدى دول الجوار الأساسية بما لديها من ثقل سياسي واجتماعي وثقافي وتاريخي داخل ليبيا وخاصة في منطقتي الغرب والجنوب ، ومع الأقليات ولاسيما الأمازيغ والطوارق ، إضافة الى تنسيقها الدائم مع جارتها تونس

تونس أكثر الدول تأثرا

وفي هذا السياق ،كان الرئيس التونسي قيس سعيد شدد خلال لقائه برئيسة البعثة الأممية الى ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز على أهمية التنسيق والتشاور بين بلاده والجزائر من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا وإطلاق حوار ليبي ليبي جامع لإيجاد حل للأزمة في البلد المجاور ،

وذكّر سعيد لدى إشرافه على اختتام الندوة السنوية لرؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية ،  بأن تونس من أكثر الدول التي دفعت الثمن باهظا جراء الوضع في ليبيا، مجددا التعبير عن وقوف تونس إلى جانب الاشقاء الليبيين ورفضها تجزئة ليبيا، ومؤكدا على أن حل الوضع داخل ليبيا "لا يمكن أن يكون إلا ليبيا ليبيا".

كما أكد على ضرورة النأي بتونس عن سياسة المحاور وعن سياسة الاصطفاف مع الحرص على التمسك بسيادة البلاد كاملة، مبينا أن الاستقرار في الداخل شرط مهم كي يكون لتونس صوت مسموع في الخارج، ومشددا على ضرورة أن تكون السياسة بوجه عام، والسياسة الخارجية، مستندة إلى السيادة الشعبية وإلى مطالب الأغلبية.

وسعى الرئيس التونسي من جديد الى التأكيد على أنه الوحيد الذي يمثل موقف البلاد من الملفات الخارجية ، في رد على محاولات رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي فرض نفسه كصاحب قرار في علاقات تونس الإقليمية والدولية ودورها الديبلوماسي من خلال إرتباطه المعلن بسياسات النظام التركي ودفاعه المستميت عن حكومة الوفاق وقوى الإسلام السياسي والميلشيات في غرب ليبيا

وفي هذا الإطار ، جدد سعيد تأكيده على أن تونس دولة واحدة ورئيسها واحد ودبلوماسيتها واحدة، معربا عن رفض ارتهان إرادة تونس لأي كان.