يرى الاتحاد الإفريقي أن طموح إفريقيا في مجال الزراعة يتمثل في إنتاج ما يكفي من غذاء لإطعام سكانها الذين يزداد عددهم والتحول إلى أحد أهم مصدري الغذاء.

لكن بعض المحللين يعتقدون أن القارة إذا أرادت تحقيق هذا الهدف فإن الوقت قد حان للقيام بذلك.

ورغم أن إفريقيا تفتخر بأنواعها الغذائية الشهية إلا أنها لا تنتج ما يكفي لتغطية احتياجات المستهلكين المحليين ولم تستفد حتى الآن من هذا المورد الهبة.

ويفسر ذلك السبب الذي جعل القادة الأفارقة يبرزون أنشطة عبر القارة تركز على تحسين التخطيط والسياسات الزراعية وتكثيف الاستثمار وموائمة الدعم الخارجي حول الخطط الزراعية الإفريقية.

وأقروا أن تعزيز الإنتاج الزراعي عامل أساسي في تحقيق النمو والحد من الفقر نظرا لتأثيره المباشر في استحداث الوظائف وزيادة الفرص الاقتصادية لاسيما لصالح النساء والشباب.

ومن جهة أخرى من شأن تحسين الزراعة تعزيز العلاقة مع أنشطة أخرى مرتبة بالأمن الغذائي وتحسين التغذية.

ويحتاج الغذء باعتباره سلعة إلى تحويل حتى عندما يكون موجها لوجبة واحدة. وبالتالي فإن التحويل جزء من عملية التصنيع لكن الشركات الصناعية الإفريقية تبقى بصفة عامة ضعيفة وغير متناسقة.

هل يجب أن تستمر إفريقيا في تصدير المواد الخام بما يشمل الغذاء في الوقت الذي تستغل فيه بلدان باقي الأقاليم العولمة من خلال تزويد السوق العالمي بمنتجات مصنعة ونصف مصنعة؟

وبما أن الجواب على هذا السؤال لا يمكنه إلا أن يكون بالسلب فقد آن الأوان كي تضع القارة نفسها على سكة التنمية التي تعطي الأولوية للتصنيع المرتكز على تحويل السلع.

ومن المتوقع أن تفتح عملية معالجة السلع الخفيفة الإفريقية (الغذاء) فرص قيمة مضافة كبيرة إلا أنها بحاجة وفقا لدراسات حديثة حول تطور القارة الاقتصادي إلى تدخلات واسعة وموارد هامة لتوسيع وتكثيف المردود الزراعي.

وستسمح هذه التدخلات من وجهة نظر الإتحاد الإفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا بخلق فرص هائلة واقتصاديات قوية عبر الإنتاج المحلي لمدخلات مثل الأسمدة والتجهيزات الصغيرة وقطع الغيار وخدمات دعم الشركات.

وقامت إفريقيا خلال العقد المنصرم بتعزيز قطاعها الزراعي من خلال "البرنامج المفصل لتطوير الزراعة في إفريقيا".

وأكدت مفوضية الاتحاد الإفريقي أن "تجربة هذا البرنامج أثبتت أن إفريقيا كإقليم تتمتع بسياسات واستراتيجيات وأنشطة إطارية توجيهية داخلية جيدة لتحقيق التنمية والتطور الزراعيين".

وقامت المفوضية من خلال هذه التجربة بتعبئة شراكات متعددة الفاعلين واستثمارات حول خطط الاستثمار الوطنية في الزراعة والأمن الغذائي.

وينتظر العالم من جعل 2014 سنة للزراعة والأمن الغذائي في إفريقيا انطلاق هذه القارة في الطريق الصحيح نحو تحقيق الأمن الغذائي.

ويتعين على المسؤولين السياسيين والاقتصاديين والناشطين الثقافيين إطلاق النقاش الصحيح مع شعوبهم حول الأمن الغذائي حتى يتمكنوا معا من التصدي للاهتمامات الحقيقة المتعلقة بالإنتاج الغذائي والمحافظة على البيئة في بلدانهم.

ويؤمل في نهاية السنة أن يقدم كل بلد إفريقي بيانات دقيقة ليس فقط حول مخزون المحصول الغذائي خلال هذه المرحلة وإنما كذلك بشأن أدائه في مجالات اجتثاث حالات الانخفاض المفرط لوزن الأطفال وسوء تغذية الأطفال والبالغين -لاسيما أمهات المستقبل- ومدى قدرة عموم الناس على شراء الغذاء.

ويتمتع منتجو ومسوقو الغذاء حاليا بقاعدة جيدة يمكن توسيعها إلى خارج الحدود الوطنية مع أخذ المستهلكين الشباب عبر القارة بعين الاعتبار.

ويجب على الحكومات دعم طموحاتهم ومساعيهم قدر الإمكان لاسيما في البلدان الـ34 التي وقعت حتى الآن اتفاقيات في إطار "البرنامج المفصل لتطوير الزراعة في إفريقيا".

وينبغي توجيه استثمارات جديدة على نحو مناسب إلى المحاصيل التي تتمتع فيها البلدان بامتيازات إنتاجية مقارنة حتى تبلي بلاء حسنا في المنافسة الدولية.

وذكرت مفوضية الاتحاد الإفريقي أن "أداء الزراعة الاقتصادية مشجع مع نمو زراعي سنوي للناتج الإجمالي المحلي يقارب 4 بالمائة في المتوسط منذ 2003" مضيفة أن "معدل النفقات الزراعية العمومية ارتفع بأكثر من 7 في المائة سنويا عبر إفريقيا سنة 2003 أي بقرابة الضعف منذ إطلاق البرنامج المفصل لتطوير الزراعة في إفريقيا".

واعتبرت أن ذلك من شأنه تزويد المستثمرين الأفارقة الباحثين عن الأرباح بتحفيزات وثقة في إيجاد المزيد من الفرص المربحة في صناعات المنتجات الزراعية.

ويتوقع أن تنتقل البلدان الموعودة بالنجاح نحو أنشطة ذات قيمة مضافة أعلى في تحويل المنتجات وتسويقها وتوزيعها.

وينبغي للشركات فور دخولها شبكة الإنتاج العالمية الإستجابة لمتطلبات سوق لحوح جدا من حيث السعر والجودة والزمن. وتصبح المعايير الفنية أساسية عندما تكون الأسواق في أوروبا أو الولايات المتحدة أو اليابان.

وأشار تقرير 2013 الإقتصادي حول إفريقيا الذي نشره الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا إلى أن التماس دعم الشركات المحركة لشبكة الإنتاج العالمية بات مهما جدا على المستوى المحلي.

وتلقى مصدرو الخضار الطازجة في كينيا ومحولو الكاكاو في غانا على سبيل المثال دعما من الزبائن العالميين في مجالات فنية وغير فنية. لكن هذين النموذجين يشكلان الإستثناء وليس القاعدة.

ومن أهم النتائج التي خلص إليها التقرير أن الأسواق الإقليمية والمحلية تتيح فرصا لتعزيز القيمة المضافة للمنتجات.

ووجدت شركات تحويل الكاكاو النيجيري أسواقا إقليمية ومحلية للحلويات والمشروبات. ويقوم محولو الشوكولاطا الكاميرونية والبن الأثيوبي بتموين تجار التجزئة المحليين.

ويشكل البحث عن زبائن عملية مكلفة لأي شركة لكنها ضرورية لكل شركة حريصة على الانضمام في شبكة الإنتاج العالمية.

ويقترح بعض الخبراء الاقتصاديين بالتالي أن تقدم الحكومات الدعم للشركات المحلية التي تسعى للانتقال إلى منتجات ذات قيمة مضافة أعلى وكذلك أن تقدم الشركات الناجحة معلومات لباقي الشركات المحلية.