تواصل مصر منذ سنوات جهودها على الصعيد الدبلوماسي للوصول الى تسوية سياسية في ليبيا التي تمثل أهمية كبرى للقاهرة بحكم العلاقات التاريخية والجوار.ويؤكد الليبيون على أهمية الدور المصري في محاولة الوصول الى الوئام السياسي وإنقاذ البلاد من مخاطر الإرهاب وحل الأزمات العالقة ومواجهة التدخلات الخارجية الهادفة لزرع الفوضى في البلاد.
الى ذلك،أشاد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الخميس،في بيان تهنئة من صالح للمستشار حنفي جبالي، بمناسبة انتخابه رئيسا لمجلس النواب المصري، بالدور المهم لمجلس النواب المصري في دعم إرادة شعب ليبيا.
ونقل البيان عن صالح قوله إن مجلس النواب المصري ورئيسه السابق علي عبد العال لعبا دورا مهما في دعم ومساندة مجلس النواب الليبي، وحق الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة، وحقه في اختيار قيادته السياسية ووقف التدخل الخارجي السلبي في الشأن الليبي. وأعرب صالح عن تمنياته لمجلس النواب المصري والنواب الجدد بالتوفيق والسداد والنجاح في أداء مهامهم الوطنية.
وتواصل مصر تحركاتها الدبلوماسية لتطويق الأزمة الليبية من خلال الاجتماعات مع الأطراف الليبية والدول المعنية بالشأن الليبي.وفي هذا السياق،نقلت "العربية نت" عن مصادر ليبية قولها أن أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، يجري الخميس زيارة إلى القاهرة، حيث سيلتقي عدداً من المسؤولين المصريين، لبحث التسوية السياسية في ليبيا.
وذكرت المصادر، أن زيارة معيتيق، التي تأتي بعد يومين من مباحثات أجراها في إيطاليا، ستتناول بحث التسوية السياسية، تمهيداً للوصول لانتخابات رئاسية وبرلمانية تقود ليبيا إلى الاستقرار بعد سنوات من النزاع.
وتأتي زيارة معيتيق بعد أسابيع من زيارة وفد دبلوماسي مصري إلى طرابلس، في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ حيث عقد مباحثات موسعة مع مسؤولي حكومة الوفاق.وكانت زيارة الوفد المصري، آنذاك، الأولى من نوعها منذ 6 سنوات،وأعتبرها مراقبون سعيا للانفتاح على كل الأطراف والعمل على طي صفحات الخلافات بينهم.
وتناولت اجتماعات الوفد المصري الرفيع ومسؤولي حكومة الوفاق في طرابلس مطالب مصرية بينها الإفراج عن مصريين معتقلين في سجون حكومة الوفاق وآخرين محتجزين لدى مجموعات مسلحة.كما تضمنت المحادثات وضع تفاهمات حول إعادة فتح السفارة المصرية من جديد ولكن بشروط.
وطالبت القاهرة مسؤولي الوفاق بضرورة دعم اجتماعات العسكرية 5+5 وتوحيد المؤسسة العسكرية دون تدخل أطراف خارجية.كما تمت مناقشة التحديات الأمنية المشتركة وسبل تعزيز التعاون الأمني،وذلك من خلال تشكيل لجنة أمنية مشتركة وتنسيق التبادل المعلوماتي خلال المرحلة المقبلة ومكافحة الإرهاب.
من جهة أخرى،تعمل مصر على التنسيق مع دول الجوار لحلحلة الازمة الليبية،ومنذ أسبوعين،أعلنت القاهرة توافقها مع الجزائر لتكثيف التنسيق المشترك خلال الفترة القادمة بينهما من أجل عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا.وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون،وفق ما أورد بيان للرئاسة المصرية.
وتسعى مصر لدعم جهود تسوية الأزمة الليبية،ففي 6 يونيو/حزيران الماضي، طرحت القاهرة مبادرة تضمن العودة للحلول السلمية في ليبيا، ولاقت تأييدا دوليا وعربيا واسعا. وتضمنت المبادرة المصرية التي أطلق عليها "إعلان القاهرة" التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والعمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية مع تحديد آلية وطنية ليبية ليبية ملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة.
ورعت القاهرة العديد من الاجتماعات بين الفرقاء الليبيين في محاولة لتوحيد المؤسسات الليبية ومساعدتها في الاضطلاع بدورها في المرحلة القادمة.واستضافت اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي عدة جولات جمعت أطراف ليبية متعددة، في تأكيد من القاهرة على حيادها ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع، وذلك للوصول إلى تسوية شاملة لانهاء النزاع في البلاد.
لكن وسط هذه التحركات الدبلوماسية المصرية، تتواصل التحركات التركية الساعية لاجهاض جهود السلام في ليبيا،حيث كشف الناطق باسم الجيش الليبي أحمد المسماري، الأربعاء، أن تركيا ما زالت تحشد لتأمين قاعدة الوطية التي أصبحت بالكامل تحت سيطرة أنقرة.وقال المسماري إن فرقاطة تركية رست في ميناء الخمس في 4 يناير، وغادرت في نفس اليوم بعد وصولها بساعات، مشيراً إلى وجود جسر جوي عسكري للجيش التركي باتجاه قاعدتي الوطية ومصراتة.
وتابع أن تركيا قامت بتركيب منظومات الهوك ورادارات حديثة ودفاع جوي بقاعدة الوطية المحتلة، مع وجود 26 آلية مدرعة مشاه تتبع الجيش التركي.وقال المسماري، إن هناك تخوفات كبيرة من وصول السلاح التركي للجماعات المتطرفة بدول الجوار، خاصة أسلحة القنص والمتفجرات والهاون، معتبراً أن ذلك يشكل تهديدا للأمن الوطني والإقليمي والدولي.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وافق البرلمان التركي على مذكرة سبق أن تقدم بها الرئيس رجب طيب أردوغان، لتمديد مهام قواته في ليبيا لمدة 18 شهرًا إضافيًا، في ترخيص يسمح ببقاء قوات أردوغان في ليبيا لمدة عام ونصف تبدأ اعتبارا من 2 يناير/كانون الثاني المقبل.
وتتعارض هذه التحركات التركية مع الاتفاقات الليبية الأخيرة حيث ينص اتفاق جنيف على إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمسلحين الأجانب من الأراضي الليبية برا وبحرا وجوا في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار.
وبالتزامن مع مواصلة انتهاكها لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011،تواصل تركيا محاولات تأجيج الصراع في ليبيا عبر تصريحات مسؤوليها العدوانية والتي كان آخرها في منذ أسابيع قليلية على لسان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار،الذي أطلق تهديدات ضد الجيش الوطني الليبي، قائلا إن أنقرة ستعتبر قوات الجيش الوطني "أهدافاً مشروعة"، حسب تعبيره.وهو ما أعتبر محاولة تركية جديدة لاجهاض اتفاق وقف اطلاق النار والعودة الى مربع الاحتراب.