بدأ تنظيم “داعش” الإرهابي بالتوسع خارج سوريا والعراق ليخترق حدود ليبيا مستغلا تصاعد أعمال العنف وحالة الفوضى المستشرية وتغوّل التنظيمات المتشددة الموالية لنهجه الجهادي. وقد أكدت التقارير تحول درنة إلى إمارة إسلامية ضمن دولة “داعش”، ورغم تدهور الأوضاع والانفلات الأمني قامت قوات حفتر بدكّ معاقل الميليشيات الإسلامية إمّا بقصف مواقع قيادية تابعة لها أو بإطلاق النار نحو مقاتليها ضمن معارك دموية راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين.

أكدت تقارير إخبارية أن مدينة درنة الليبية أضحت موطئ قدم لتنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي ومعقلا منيعا لأنصاره.

ويعتبر بعض المراقبين الغربيين والمحللين مدينة درنة معقلا تاريخيا فعليا للمتشددين في ليبيا، خصوصا وأن جماعات منها أعلنت تأييدها لتنظيم “الدولة الإسلامية” على غرار جماعات متطرفة أخرى في شمال أفريقيا من بينها جماعة “جند الخلافة” في الجزائر وأنصار بيت المقدس في مصر.وقبل أيام فقط، أعلن أبوبكر البغدادي في “رسالة صوتية” أن “الدولة الإسلامية” التي يتزعمها تمددت لتشمل عددا من الدول من بينها ليبيا.

وقال البغدادي “نبشركم بتمدد الدولة إلى اليمن ومصر وليبيا والجزائر وإعلانها ولايات جديدة للدولة الإسلامية”.

وقبل أيام حشد ما يسمى بـ”تنظيم شورى شباب الإسلام” في درنة مجموعة من أتباعه لمبايعة التنظيم المتطرف أو التمهيد لذلك، فيما أفادت تقارير محلية أن يمنيا وضع على رأس ولاية درنة بعدما تلقى البيعة من مبعوث سعودي للبغدادي.

وفي الواقع، بينت الأخبار والصور المتداولة على المنتديات الجهادية في الأسابيع الأخيرة موالاة الجهاديين في ليبيا لتنظيم “الدولة الإسلامية”. وفيما لم يتسن التحقق من صحة هذه الأخبار والوثائق حتى الآن، كونها غير مذيلة بتوقيع لمجموعات معروفة، سوى حملها لعبارة “الدولة الإسلامية، ولاية برقة” وهو الإقليم الشرقي لليبيا إضافة إلى إقليمي طرابلس وفزان. لكن الولايات المتحدة الأميركية أعربت الأسبوع الماضي عن “قلقها” حيال هذه المعلومات.

وقال جيفري راتكي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية “لقد اطلعنا على تقارير تفيد بأن الفصائل المتطرفة العنيفة في ليبيا تتعهد بالولاء لتنظيم الدولة الإسلامية وتحاول الانضمام إليه”.

وفي سياق متصل بالتنظيمات المتشددة، قال عمر القويري رئيس هيئة الإعلام والثقافة الليبية: “إنّ ليبيا يوجد فيها التنظيم الأخطر في العالم وهو جماعة الإخوان المسلمين”، مؤكدا أنَّ جميع الحركات الإرهابية في العالم خرجت من رحم الإخوان.

وأوضح القويري أنَّ جماعة الإخوان أهدرت ما يوازي ما أهدره القذافي من أموال ليبيا في 40 عاما، مشيرا إلى أنّ جماعة الإخوان أعلنت صرف سبعة مليار دولار من أموال الجيش دون أن تشتري قطعة سلاح واحدة.

ولفت إلى أن جماعة الإخوان شكَّلت ميليشيات داخل الأراضي الليبية لتحارب القوى النظامية، مؤكدا أنَّ الجيش الوطني يستعيد عافيته ونجح في استرداد مدينة بنغازي وانتقل بعدها لتحرير مدينة طــرابلس.

وأكد أنَّ إخوان ليبيا نجحوا في خداع الثوار وتجنيدهم لصالحهم، مشيرا إلى أنَّهم يدمِّرون طائرات ليبية باهظة الثمن، إضافة إلى قيامهم بتهجير مليون ليبي. ومنذ سقوط نظام معمر القذافي سنة 2011، احتلت مدينة درنة، ثاني أكبر مدينة، من قبل الجماعات المتطرفة وخاصة أنصار الشريعة التي اعتبرها مجلس الأمن الدولي جماعة إرهابية.

وبدأ اللواء خليفة حفتر مدعوما من قبل الجيش في مايو عملية ضد مجموعات وصفها بـ”الإرهابية” في شرق ليبيا، بما في ذلك أنصار الشريعة، ومنذ ذلك الحين، يستمر القتال بشكل شبه يومي ويؤدي إلى سقوط قتلى من المعسكرين.

وبخصوص آخر التطورات الميدانية والتحركات العسكرية ضدّ الجماعات المتشددة،أعلنت قوات حفتر، أمس الثلاثاء، تبنيها القصف الجوي الدائر على مطار معيتيقة الدولي، بالعاصمة طرابلس، بدعوى استخدامه لـ”أغراض إرهابية”.

وفي تصريح صحفي، قال الرائد محمد الحجازي، المتحدث باسم قوات حفتر “الطائرة الحربية التي استهدفت المطار تابعة لقوات الجيش الليبي، لأن هذا المطار يستخدم في أغراض إرهابية تشكل خطرا على المواطنين الليبيين”.

وقبل أسبوع، أعلن مجلس النواب الليبي المنتخب (البرلمان)، اعترافه رسميا بعملية “الكرامة” التي يخوضها حفتر ضد من أسماهم بـ”المتطرفين”، في البلاد، وقال إنها عملية عسكرية شرعية تابعة لرئاسة الأركان والحكومة المؤقتة.

وقال الحجازي أيضا إن “قوات الجيش الليبي بصدد استهداف مطاري مصراتة، وسرت”، موضحا: “نحن الآن نستهدف مطار معيتيقة لأنه كان يجهز طائرات تضرب شعبنا، وبالتالي سنستمر في استهدافه، إلى جانب استهداف مطاري مصراتة وسرت (غربي البلاد) حتــى نتمكن من شل قــدراتهما”.

وتابع: “من الآن فصاعدا سيتم استهداف هذه المطارات، ونستثنى مطار زوارة (غرب) إلا لو ثبت خطورته”، مضيفا: “هذه المطارات خارج سلطة الدولة منذ تشكيل مجلس النواب، والذي أعطى تفويضا لـــقوات الجيش والشـــرطة بالتعامل فـــي حال وجود خطر”.

*نقلا عن العرب اللندنية