أصبح خطر تمدّد تنظيم “داعش” الإرهابي إلى ليبيا واقعا ملموسا وفق تأكيدات المبعوث الأممي الخاص ورئيس الحكومة، كما أن إعلان بعض الكتائب والتنظيمات الجهادية في بعض المدن الليبية ولاءها للبغدادي ولدولته الإسلامية أكدت كل التخمينات والتوقعات الممكنة بخصوص تغلغل “داعش” وبسط سيطرته على مؤسسات الدولة الليبية.

وأكد برناردينو ليون المبعوث الأممي إلى ليبيا، أن الأزمة التي تمر بها ليبيا قد تستغرق وقتا طويلا، وما من مؤشر على حل وشيك لها، فيما تتواصل الاشتباكات من أجل السيطرة على بنغازي.

وقال ليون، في مقابلة مع قناة “العربية”، أمس الأول، إن تقارير تفيد بأن عناصر تابعين لتنظيم “داعش” بدأوا يتحركون في منطقة الساحل الأفريقي.

وأضاف: “هناك تقارير تفيد بأن بعض المجموعات التابعة لداعش بدأت تتحرك في منطقة الساحل، لذا علينا العمل على عزلها ومحاربتها، وهذا سبب آخر وجيه يدفع الأطراف المتنازعة في ليبيا إلى الاتفاق”.

وفي نفس السياق، أكد عبدالله الثني رئيس الحكومة الليبية، في تصريحات إعلامية، أن هناك مجموعات موالية لـ”داعش” موجودة في مدينة درنة وباقي المدن الليبية.

وأوضح أن العديد من التنظيمات الجهادية اتخذت من ليبيا مستقرا لها ولأنشطتها بسبب الفوضى والانفلات الأمني، كاشفا أن مجموعة بوكو حرام من نيجيريا تنشط في ليبيا أيضا.

وأفاد الثني أن الإرهاب ليس له مكان محدد، قائلا: “علينا إدراك خطورة وجود هذه المجموعات لزعزعة أمن البلاد بدعم التيار الإسلامي حتى تنهار الدولة وتصبح ليبيا مقسمة إلى شتات وهذا لا يمكن أن يتحقق بفضل الليبيين الذين يدركون خطورة ما تواجهه البلاد”، مؤكدا أن الحكومة تعمل جاهدة لتحجيم المجموعات الإرهابية الموالية للدولة الإسلامية.

يذكر أن وسائل الإعلام ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، تداولوا مقطع فيديو يظهر استعراضا عسكريا لميليشيات “تنظيم أنصار الشريعة” المنضوية ضمن مجلس شورى شباب درنة والذي يضم فصائل أخرى.

يأتي هذا في حين أفادت أنباء بأن تنظيم “أنصار الشريعة” أعلن درنة “إمارة إسلامية” ودعا إلى تجمّع جماهيري في “ساحة الصحابة” وسط المدينة الأسبوع الماضي، لإبلاغ السكان بقرار مبايعته “داعش”، الذي ترافق مع عرض عسكري لـ”شرطة الإسلام”، هدفه إظهار الانضباط والسيطرة.

وأظهر التسجيل عناصر تابعة لداعش في مدينة درنة الليبية شوهدت لأول مرة بشكل علني، وهي تحمل رايات التنظيم وتردد شعاراته، حيث تجول المسلحون في شوارع المدينة، وهم يستقلون سيارات رباعية الدفع، ويرددون شعار “دولة الإسلام.. باقية” وهو شعار التنظيم المعروف.

وتعد مدينة درنة التي تحولت إلى إمارة إسلامية للمتطرفين، خزّانا للأسلحة ومنطقة توغّل فيها الجهاديون المحسوبون على تنظيم القاعدة مثل الجماعة الإسلامية المقاتلة، التي ولدت كوادر للقاعدة والكثير من قادة الثوار المتشددين، مثل عبدالحكيم بلحاج.

ورغم الدعوات المتكررة لإعلان “أنصار الشريعة” تنظيما إرهابيا إلاّ أن إخوان ليبيا المتواطئين مع المتشددين رفضوا المصادقة في البرلمان على أي قانون يمكن أن يحول دون تنفيذ مخططاتهم المتمثلة أساسا في منع القوى الليبرالية والتقدمية والمناهضة للتطرف من الوصول إلى الحكم ومن التمكّن من دواليب الدولة.

وساهم ضعف الدولة والحرب الطاحنة بين الميليشيات المسلحة في ليبيا بشكل خاص في ظهور مجموعات إرهابية صنعت من الساحل الأفريقي معقلا منيعا للإرهاب الدولي في ظل إمكانية تمدّد “داعش” إلى القارة الأفريقية وهو ما يمثل خطرا على الأمن القومي للمنطقة.

هذه المجموعات المسلّحة التي تتوحّد أحيانا، عبر إقامة تحالفات تدعمها أهداف مشتركة أو قرابة أو جوار إيديولوجي معيّن، وتنشط بشكل منفصل في أغلب الأحيان، تعكس وجها متطرّفا في منطقة الغرب الأفريقي يقترب فكريا من “داعش”، ويتخذ من القارة الأفريقية هدفا سهل المنال، بسبب ضعف الحكومات والتحولات السياسية في المنطقة عموما.

 

 

*نقلا عن العرب اللندنية