أصبح خطر تمدّد “داعش” إلى المنطقة المغاربية واقعا ملموسا وفق تأكيدات مراقبين، كما أن إعلان بعض الكتائب في تونس وليبيا والجزائر ولاءها للبغدادي يؤكد كل التخمينات بخصوص تغلغل “داعش” في شمال أفريقيا.

ويعتبر شقّ من الخبراء الأمنيّين أن “داعش” مجرد فزاعة وذريعة للتدخل الأجنبي في المنطقة المغاربية في حين حذّر شق آخر من تنامي نشاط المجموعات الإرهابية.

وأكد محمد خلفاوي، العقيد السابق في الاستخبارات الجزائرية، أن التنظيمات الجهادية في المغرب العربي لا تشكل خطرا حقيقيا على الأمن الإقليمي، مقلّلا من أهمية ما يروّج له حول إطلاق زعيم أنصار الشريعة التونسي، أبوعياض، لإمارة “داعش” في منطقة الشعانبي الحدودية، مستندا في ذلك إلى ما أسماه بـ”الفارق بين التنظير والتطبيق”.

وبرأي الخبير الأمني تبقى مزاعم “أنصار الشريعة” في تونس و”جند الخلافة” في الجزائر، ترويجات نظرية تستهدف التمهيد للتدخل الخارجي، قائلا “العناصر الميدانية المحدودة للتنظيمين، ليس بمقدورها تحويل الفرضية إلى واقع في الشعانبي التونسية أو في منطقة القبــائل الجزائرية، أو درنة الليية”.

وأكد خلفاوي، في ندوة المركز الأفريقي للدراسات والبحث حول الإرهاب، أنه “لا يكفي ظهور بضعة عناصر على شريط فيديو بعد عملية استعراضية، كي نقول إن داعش موجودة في الجزائر”، معتبرا اعتراف رئيس الوزراء، عبدالمالك سلال، في تصريحاته الأخيرة بفرنسا، حول وجود “داعش” في الجزائر، بـ”سوء الاتصال أو الاتصال المغرض”، متسائلا “هل أراد سلال القول للفرنسيين إن الدولة الإسلامية صارت حقيقة عندنا، ونحن نواجهها بما استطعنا لحماية مصالحكم في الجزائر”.

وشدد بالقول “لا يكفي خروج عدة عناصر ليعلنوا ولاءهم لداعش، ليكون الأمر حقيقة على الميدان، هناك فرق بين استعراض القوة وبين الإعلان عن الشيء، والخوف الآن ليس من قوة جند الخلافة أو أنصار الشريعة، الخوف مما يمكن أن تجرّه وراءها، لتنفيذ أجندة القوى الدولية المتخفية وراء التدخلات، باسم حماية الدول من داعش”.

وأضاف: “كان الجدير برئيس الوزراء، الحديث عن جاهزية مصالح أمن وجيش بلاده لأي طارئ أمني، وأن مختلف أسلاك الأمن تتحكم في الوضع الأمني الداخلي، وليس الاعتراف بوجود داعش في الجزائر”.

وتابع قوله “فإعلان ولاء جند الخلافة لهذا التنظيم، جاء من قبيل الرغبة في إسماع صوتها إقليميا للحصول على الدعم اللازم، بعد تشديد الخناق على سرايا القاعدة في بلاد المغرب، وهو ما كان مع تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، لما أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة، أملا في الحصول على دعم يطيل عمرها، ويخرجها من طوق الحصار الذي ضرب عليها”.

يشار إلى أن عبدالمالك سلال تعهد، في مناسبات عدّة، بمحاربة تنظيم “داعش” في شمال أفريقيا، ومنع أي تواجد للتنظيم الإرهابي في الجزائر والمنطقة.

وكان تنظيم مسلح يطلق على نفسه “جند الخلافة في أرض الجزائر” انشق عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قد أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية، ومبايعة زعيمه أبوبكر البغدادي.

ويرى مراقبون أنه لا يجب التقليل من خطر الإرهاب في المنطقة المغاربية خاصة مع تصاعد أعمال العنف في ليبيا وتنامي نشاط المجموعات المسلحة المتشددة في الساحل الأفريقي، معتبرين أن نواة “داعش” في ليبيا والجزائر وتونس مرشّحة لأن تصبح خليّة جهادية تضمّ أعدادا كبيرة من المقاتلين المتعطشين لتطبيق الشريعة وسفك الدماء.

وأكد محمد خلفاوي أن “هناك رابطا غامضا بين مطاردة القاعدة وبين تدمير أوطان بكاملها، وأعتقد الآن أن القاعدة قد انتهت صلاحيتها، وكان لزاما على من يدير اللعبة في الخفاء أن يعيد إنتاج الذرائع تحت مسميات جديدة، كأن يكون تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”.

ويرى الخبير الأمني، أن "داعش" ساعدت إلى حدّ الآن على صناعة تحالف دولي لضرب سوريا، وعلى التفتيت التدريجي للعراق، ويتم التحضير لسيناريو مماثل في ليبيا، مستفيدة في ذلك من حماية ولو ظرفية لتنفيذ أجندتها، “وإلا بماذا يفسر استعراضاتها الاستفزازية في طرابلس، دون أن يتحرك الحلف لسحقها في مكانها” على حدّ قوله.

*نقلا عن العرب اللندنية