في محيط كيلومتر واحد بمصر، مساحات سكنية لمحدودي الدخل، ومقابر لدفن الموتى، بذات المساحة، إلا أن الثاني أغلى بكثير من الأولى.

فعلى أطراف مدينة السادس من أكتوبر غربي العاصمة، بدأت محافظة الجيزة، الأحد، استلام طلبات حجز مقابر تابعة لوزارة الإسكان، بسعر 73 ألف جنيه (10200 دولار أمريكي تقريبا) للمقبرة الواحدة.

وبحسب بيان صادر عن هيئة المجتمعات العمرانية التابعة للوزارة، فإن طرح المقابر سيكون بنظام حق الانتفاع (هو حق عيني مؤقت يحدده العقد يولي صاحبه الحق في استعمال الشيء)، بمساحة 40 مترا مربعا للمقبرة.

وأشار البيان إلى أن "حق الانتفاع" هو الطريقة الوحيدة التي حددها قانون الجبانات فى مصر".

وأوضح أنه سيجري تنظيم قرعة (سحب) بين المتقدمين للحصول على المدفن، وسيتم سداد 5 آلاف جنيه (700 دولار أمريكي تقريبا) كوديعة، ثم 30 ألف جنيه (4200 دولار أمريكي تقريبا) كمقدم مع استمارة الحجز، بعدها يتم سداد 38 ألف جنيه (5300 دولار أمريكي تقريبا)، باقي قيمة المقبرة عند الاستلام".

في يوليو/ تموز 2010، أقرت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان، جهاز تنفيذي جديد تحت مسمى "وادي الراحة"، يكون مسؤولاً عن تخصيص المقابر في القاهرة الكبرى، وهو أول جهاز من نوعه يتم إنشاؤه في مصر، لتنظيم تخصيص المقابر، ومنع الإتجار فيها.

وآنذاك، أعلن، نائب رئيس الهيئة للشؤون الفنية، حسن حمدي، في تصريحات صحفية، أنه "سيتم بيع المقبرة وفقاً لتكلفتها الفعلية إلى جانب المصاريف الإدارية، واصفاً المشروع بأنه "عملاق ويحتاج لتأن في التنفيذ، خاصة أنه سيخدم سكان القاهرة الكبرى بالكامل".

وفي نفس المنطقة، وفي ذات الحدود التي لا تبعد أكثر من عشرات الأمتار، تجد مجمعات سكنية للمواطنين الأولى بالرعاية، التي قامت ببنائها الحكومات المتعاقبة، بمساحة 40 مترا أيضا، وقاموا بتسليمها إلى المواطنين المتضررين من الكوارث الطبيعية، أو للذين تم تهجيرهم من المناطق العشوائية.

الشقق المتراصة يتم تسلميها للمواطنين المستحقين بمقدم 5 آلاف جنيه (700 دولار أمريكي تقريبا)، على أن يتم تقسيط باقي مبلغها الذي يصل إجماله إلى 22 ألف جنيه (3100 دولار أمريكي تقريبا) على 5 سنوات، بمعدل قسط شهري، بواقع 300 جنيه شهريا (42 دولار أمريكي تقريبا).

خالد درويش، خبير التسويق، قال في حديث لوكالة الأناضول، إن "هذا الاختلاف في السعر بين مأوي الحياة ومأوي الممات، يعود إلى الدعم الذي تقدمه الحكومة للمساكن دون المقابر".

وأوضح درويش وهو يدير مكتب تسويق لعدد من الشركات المصرية، من بينها شركات تمويل عقاري، إن الدعم الذي قدمته الحكومة في مصر لمساكن الأولى بالرعاية، جعل تكلفتها عليهم متدنية بهذا الشكل، في الوقت الذي رفعت فيه الدعم عن المقابر، ما زاد من ثمنها بهذا الشكل.

وتابع: "المساكن غير معروضة للبيع للعامة، وإنما لمن تتوافر فيهم شروطا معينة متعلقة بالكوارث الطبيعية، أو بالتهجير نتيجة العشوائيات التي كانوا يسكنون بها، بينما يتاح للجمهور من دون شروط التقدم لامتلاك المقابر، وهو ما يزيد الطلب عليها فيرتفع سعرها".