الكثيرون في إنتظار جلسة الغد للمحكمة العليا الليبية بخصوص النطق في الحكم بالدعوى المرفوعة من بعض النواب المقاطعين لجلساته بعدم دستورية إنعقاد البرلمان لمخالفته للإعلان الدستوري فيما يتعلق ببعض الإجراءات الشكلية.

يقول الفقه القانوني في هذه المسألة أن أمام المحكمة العليا خيارين:

الأول يسير في اتجاه الحكم بشرعية انعقاد البرلمان بمدينة طبرق، ويؤسس أنصار هذا الرأي فيما ذهبوا إليه إلي أن المخالفة الشكلية التي حصلت بعدم التسليم والإستلام ومكان الإنعقاد ليست من قواعد النظام العام الذي يترتب على مخالفتها البطلان، ولاسيما أن شرعية البرلمان مصدرها نتائج الإنتخابات البرلمانية، وليس محاضر التسليم والإستلام، والتي في العادة تُعهد للعمل الإداري الذي يقوم به ديوان رئاسة المؤتمر الوطني وديوان البرلمان الجديد. هذا بالإضافة إلي أن هذه الإجراءات الشكلية لا تؤثر ولا تنقص من السلطة التشريعية للبرلمان الذي اتخد بصلاحياتها جملة من القرارات ذات الطابع الإداري والتشريعي.

أما أنصار الإتجاه الثاني فقد ذهبوا إلي أن المحكمة العليا سوف تحكم بشرعية إنعقاد البرلمان حتي مع مخالفة الإجراءات الشكلية في التسليم والاستلام، إستنادا إلي نظرية القوة القاهرة التي تعرفها نصوص القانون الليبي، وبنت عليها المحكمة العليا الكثير من أحكامها في الماضي. ويؤسس هذا الإتجاه رأيه على أن الحروب والصراعات المسلحة تحول أحيانا بين السلطة التشريعية وبين اكتمال الإجراءات الشكلية التي تتطلبها القوانين في الظروف العادية، إذ أن الغاية من هذه الإجراءات الشكلية هي التنظيم الإداري وإظهار الجانب الشكلي لإجراء قانوني لا يستمد شرعيته من الشكليات. وبما أن هذه الغاية ليست متوفرة طالما حالت القوة القاهرة دون تنفيدها، فإن أنصار هذا الاتجاه يرون أن حكم المحكمة العليا بشرعية إنعقاد البرلمان سوف يكون مشروطا بالتزام الجانب الشكلي فور إنتهاء ظرف القوة القاهرة، وغني عن البيان أن بسط الأمن والأمان في بنغازي وطرابلس يعتبر إنتهاء لحالة القوة القاهرة، وبالتالي إنتهاء للأحكام الإسثنائية التي تأسست عليها (الأحكام تدور وجودا وعدما مع مسبباتها)، وبالتالي فإن الفقه القانوني يري في حكم المحكمة العليا ليوم الغد مقرراً لشرعية البرلمان ومن ثم قراراته.

ومما ورد أعلاه، فإن كلا الإتجاهين يتفقان في حقيقة أنه لا توجد أسانيد في كافة الدساتير والقوانين تؤيد الحكم ببطلان إنعقاد جلسات البرلمان لمجرد مخالفة إجراءات شكلية فرضت نتيجة القوة القاهرة.