الأزمة المالية التي تعصف بالصحف لاسيما بعد انتشار الإعلام الجديد، أثرت بشكل كبير على الصحف القومية المملوكة للحكومة، مما أثار الانتقادات والتساؤلات حول جدوى استمرارها في ظل أوضاعها السيئة.

عادت أزمة الصحف القومية في مصر إلى الصعود، بعد أن خفت ضجيجها لبعض الوقت في الفترة الماضية، حيث أثار مقال للكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد كتاب مصر، وعضو المجالس الأعلى للصحافة، حالة من الجدل الإعلامي والاشتباك السياسي مع قطاع من الصحفيين في مصر، وتعرض لانتقادات حادة، إثر مطالبته أخيرا في أحد مقالاته بجريدة “المصري اليوم”، بإغلاق صحف “روزاليوسف” و”الأهرام المسائي” ومجلة “الأهرام العربي”، بسبب الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها.

المقال “الأزمة” لسلماوي في جريدة “المصري اليوم” المستقلة التي سبق له أن رأس مجلس تحريرها، لأشهر معدودة، حمل عنوان “إنقاذ الصحافة القومية” ونشر في الثالث من سبتمبر الجاري، وسبقه بيوم واحد مقال آخر له عنوانه “الصحافة القومية” أشاد فيه بدورها، وأثنى على حرص رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي على عدم التفريط في الصحف القومية.

استند سلماوي في تبريره لغلق الصحيفتين والمجلة، إلى تكبدها خسائر مالية فادحة، وفقدانها التأثير في القراء، وعدم الجدوى المهنية لها جميعا، وطالب بتوزيع العاملين فيها على صحف أخرى تصدر عن نفس المؤسسة.

ومحمد سلماوي الذي يشغل حاليا عضوية المجلس الأعلى للصحافة، المنوطة به مسؤولية الدفاع عن حرية الكلمة وإصدار الصحف، جاء مقاله صادما للصحفيين العاملين في المطبوعات الثلاث التي حرض على غلقها، الأمر الذي دفع صحفيو “روزاليوسف” إلى إصدار بيان شديد اللهجة انتقدوا فيه سلماوي، وجرى تحميله مسؤولية الفشل في اختيار رؤساء تحرير العديد من الصحف في التغييرات الصحفية الأخيرة التي صدر قرارها من “الأعلى للصحافة”.

أزمة الصحف القومية (الحكومية) في مصر تشتعل وتخفت منذ فترة طويلة، ودائما تحتل مساحة من الجدل فى الوسط الصحفي، ولها أكثر من شق، فميراثها قديم تراكم بصورة تحولت إلى أزمة حقيقية، لكن في الآونة الأخيرة، تعالت أصوات لتصفيتها، بحجة عدم جدواها، ودخل على الخط صحفيون اتهموا بالعمل على تخريب الصحافة القومية لحساب رجال أعمال لديهم صحف خاصة، وأعينهم مصوبة نحو الصحف الكبرى لتخريبها ثم خصخصتها.

وكان الدكتور محمود علم الدين، رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، قد صرح أيضا بالقول، أتوقع في المستقبل إغلاق العديد من الصحف القومية والخاصة واندماج بعضها، وتحول معظم المؤسسات الصحفية إلى مؤسسات تقديم معلومات إلكترونية وتليفزيونية.

بيان صحفيو “روزاليوسف” الذي حصلت “العرب” على نسخة منه، جاء فيه أنه “لا يجب أن يتحدث سلماوي عن دور جريدة ‘روزاليوسف’ وأسباب وجودها، فـ’روزاليوسف’ منذ إعادة إصدارها تحافظ على خطها التنويري الرافض للاستسلام للإسلام السياسي، وخاضت حروبًا شرسة مع الإخوان لإعادة إصدارها، في الوقت الذي وقف فيه سلماوي مع هؤلاء الإرهابيين بذريعة أنهم فصيل سياسي في هذا الوطن”.

قال سلماوي في مقاله مثار الأزمة “الحقيقة أن إنقاذ الصحافة القومية لن يكون فقط بالمال، وإنما بإصلاح أوضاعها العامة، ومنها إعادة النظر فى بعض إصداراتها التي تكبدها خسائر متضاعفة دون أن تضيف إليها دخلا ولا قيمة”.. مضيفا:”إذا كنت قد ذكرت جريدة ‘روزاليوسف’ فذلك ليس لأنها الجريدة الوحيدة التي لا دور لها الآن على الساحة الصحفية، فهناك صحف أخرى ينطبق عليها نفس الوصف وتحمل مؤسساتها نفس العبء، ومنها على سبيل المثال جريدة ‘الأهرام المسائي’، ومجلة ‘الأهرام العربي’ ”.

علاء العطار رئيس تحرير “الأهرام العربي” وجه تساؤلات إلى سلماوي تحمل في مضامينها انتقادات لاذعة، لماذا تطعن في مؤسسة الأهرام التي (كنت) تعمل بها، ولم تشر إلى غيرها من المؤسسات الفاشلة؟ ولماذا لم تحقق نجاحات في إدارتك لـ”المصري اليوم”؟ ولماذا لم تتقدم برؤية واضحة لإصلاح المؤسسات الصحفية وأنت عضو بالمجلس الأعلى للصحافة، وهل جئت لتصلح وتبني أم لتهدم وتخرب وتغلق الصحف؟.

 

*نقلا عن العرب اللندنية