كل تنقلات رواد الصفحات الاجتماعية "الفايسبوك" ، هواياتهم ، علاقاتهم ، حتى نوعية أمراضهم ، ميولاتهم الفكرية و الإيديولوجية ، مشترياتهم "درْدشتهم" وكل ،تحرّكاتهم ، مشاكلهم الاجتماعية، ، التفاصيل اليومية التي لا يوليها الأشخاص أهمية ويتبادلها الأصدقاء بعفوية ، هي قابلة للتعرية والتلصص والاستغلال من طرف كبريات الشركات الاستثمارية والتجارية العالمية والأخطر من ذلك أنها قابلة للاستخدام من طرف المخابرات الأمريكية لأغراض استخباراتية.هذا ما أكده الخبير التونسي حلمي الرّايس المقيم في فرنسا ،مختص في ميدان الدفاع الالكتروني والأمن المعلوماتي و هو من الكفاءات العليا التي تترأس حاليا مركز في القطاع الخاص مختص في توفير السلامة المعلوماتية للمؤسسات لتضمن عدم اختراقها ،فضلا عن مساعدة الأشخاص على حماية معلوماتهم الموجودة على مواقعهم الالكترونية ومجابهة الهجمات ومحاولات القرصنة التي تتعرض لها. وكانت الفرصة ملائمة لفك الغموض في هذا الحوارحول الإرهاب الالكتروني وكيفية مجابهته والطرق التي تعتمدها المجموعات الإرهابية ببلادنا للتواصل، و مسألة اختراق الجهاز المعلوماتي لوزارة الداخلية وغيرها من التفاصيل التالية:

أكدت في أكثر من تصريح أن المعلومات التي يتبادلها الأشخاص عبر الشبكات الاجتماعية تستخدمها الاستخبارات الأمريكية وتوظفها لأغراض الجوسسة على الشعوب، يعني أن الأسرار ليست في الحقيقة أسرارا مهما أخفيناها ؟
شهدت سنة 2014 أزمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا على إثر نشر صحيفة " لوموند" تقريرا يفيد بأن وكالة الأمن القومي الأمريكي (سي أن إيه) سجلت سرّا 70 مليون مكالمة هاتفية في فرنسا تشمل مواطنين ورجال سياسة وإعلام واقتصاد وحتى السفارات الفرنسية. هذا بالإضافة إلى فضيحة أكبر برنامج تجسس أمريكي على المواطنين داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها ساعد الاستخباراتالأمريكية على الدخول إلى أنظمة كبرى شركات الإنترنت و منها مايكروسوفت و "غوغل" و "فيسبوك" و جلب كل المعلومات التي تحتاجها عن أي مستخدم لتلك الشركات و بدون أية صعوبات. و هذا البرنامج له مثيله في كل البلدان الكبرى كفرنسا مثلا والتي تم تخصيص أكثر من 600 مليون يورو لتمويله ويمثل الجيش 30% من العاملين فيه.

في أي مجال يمكن استغلال هذه المعلومات الشخصية ؟
كل المعلومات التي يتم نشرها أو تداولها عبر الشبكات المعلوماتية، والاجتماعية (فيسبوك، تويتر،وغيرها) أو الرسائل الالكترونية يمكن استخدامها وتحليلها. نذكر من ذلك مواقع "الواب" التي نزورها، البضائع التي نشتريها، تنقلاتنا الجغرافية، هواياتنا، أعمارنا ، ميولاتنا الفكرية والسياسية، الأمراض أو الأعراض التي نعاني منها و الأدوية التي نستعملها ، كل هذه المعلومات تهم الشركات الاستثمارية والتجارية العالمية والمهيمنة لجس نبض السوق ومعرفة لمن تسوق منتوجها المصنّع. هذا إلى جانب الاستخبارات الأمريكية ، ويتم تجميع هذه المعطيات في عمليات التفاوض عند الضرورة أو لأغراض استخباراتية.

عاشت تونس الإرهاب الالكتروني من خلال اختراق وزارة الداخلية وهي مسألة خطيرة تعكس هشاشة في حماية أسرار البلاد ، ما الحل؟
إن تسريب محاضر جلسات استنطاق الإرهابيين وإيصالها إلى معاقلهم في الشعانبي هو أمر خطير و خطير جدا يبين فعلا مدى هشاشة الدولة وعدم القدرة على حماية المعطيات الأكثر خطورة وحساسية في تونس، لكن وزارة الداخلية التونسية شرعت في معالجة هذا الانفلات وطورت خبراتها وكفاءاتها لحماية قاعدة بياناتها من الاختراق.أما بالنسبة للحلول فهي موجودة ولنا كفاءات قادرة على ذلك ، ويمكن لوزارة الداخلية تطبيق بعض البرامج الخاصة بالأمن المعلوماتي مثل التشفير و إدارة الهويات المعلوماتية و حقوق الوصول إلى المعلومة حسب تصنيفها، هذا بالإضافة إلى تطوير بعض الإجراءات الداخلية من خلال تقاسم المسؤوليات. لكن هذا المجال يخضع دائما لمواكبة أحدث التطورات لأن الإرهاب الالكتروني خصم لا يمكن هزمه إلا بمناعة معلوماتية قوية لا تكون إلا بالحذر وتغليق أبواب المعلومات الدقيقة الخاصة بأجهزة الدولة وسلامتها الأمنية.

ما هو الإرهاب الالكتروني خاصة بعد الحديث اليوم عن مواقع مختصة في ذلك؟
وجود جماعات إرهابية على الشبكات المعلوماتية هي ظاهرة جديدة نسبياً، فهناك تقديرات تقول بأنه في عام 1995 كانت هناك مالا يقل عن 100 موقع من المواقع التي تدعم الإرهاب، بينما في يومنا هذا تزيد عدد هذه المواقع عن 5000 موقع. ويتمثل الإرهاب الالكتروني في استخدام الموارد المعلوماتية، والمتمثلة في شبكات المعلومات وأجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت لغاية التخويف أو الاستغلال لأغراض سياسية. ويمكن أن يتسبب هذا النوع من الإرهاب في إلحاق الشلل بأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات أو قطع شبكات الاتصال بين الوحدات والقيادات المركزية وتعطيل أنظمة الدفاع الجوي أو إخراج الصواريخ عن مسارها أو اختراق النظام المصرفي أو إرباك حركة الطيران المدني أو شل محطات الطاقة الكبرى،وهي حروب خطيرة جدا من شأنها أن تطيح بالدول العظمى والقوى الاقتصادية العملاقة.

إذن نحن تجاه حرب الكترونية تُدمّر كل من يجهل قواعدها أو لا يأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهتها؟
بالفعل هناك حرب معلومات وهجمات الكترونية وقرصنة وتلاعب بالمعطيات الخاصة والعامة، مما يستوجب الحذر من خلال حرص الدول على تكوين جهاز مناعة قوي لمعلوماتها الحساسة في مؤسسات الدولة والخاصة أيضا،إذ باليقظة يمكن توفير الحماية من دمار هذه الحرب الذكية التي من شأنها أن تعصف باقتصاد الدول وأمنها واستقرارها.