قال الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي، إن "أزمة الطاقة كانت متواجدة من قبل الحرب الروسية الأوكرانية نتيجة لما خلفته الأزمة الصحية".

وأوضح خرشي، في حوار خاص مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"، أن دول المغرب العربي ستتأثر بالحرب من الناحية الاقتصادية فيما يتعلق بالغاز والنفط... وإلى نص الحوار:

-أزمة الطاقة متواجدة من قبل الحرب الروسية الأوكرانية.

-من الصعب أن تتمكن الجزائر من تعويض أوروبا عن النقص في الغاز والنفط.

-زيادة الطلب العالمي على النفط والغاز يدفع الجزائر إلى زيادة الاستكشافات.

-الجزائر لديها بنية تحتية تسمح لها بالوفاء بالتزاماتها تجاه الشركاء الأجانب مثل إسبانيا وإيطاليا

-الحرب لها إثار مدمرة على الاقتصاد ككل.

-بداية.. كيف تابعتم التأثيرات الاقتصادية للحرب الروسية الاوكرانية؟ 

صراحة نحن نتابع الحرب الروسية الأوكرانية بشكل يومي، وخاصة وأن الجزائر دولة نفطية وهي ضمن دول الأوبك+ وقد تتأثر كغيرها وبشكل كبير من تغير أسعار النفط والغاز، فلابد من المتابعة للتعرف على مؤشرات واتجاهات أسعار النفط والغاز للوقوف على مدى تأثيرات هذه الحرب على الأسعار بالسوق ونكون على دراية بخصوص أي زيادة محتملة في الإنتاج إذا ما تم عقد اجتماعات مع منظمة الأوبك+.

-برأيك.. هل اشعلت حرب اوكرانيا وروسيا معركة الطاقة في العالم؟

أزمة الطاقة كانت متواجدة من قبل الحرب نتيجة لما خلفته الأزمة الصحية، فالاستثمارات العالمية ككل في مجال الطاقة انخفضت بشكل كبير خلال عامي 2020 و2021 وحتى البنوك العالمية لم تمول مشاريع الاستثمارات في الطاقة بسبب التخوف من عدم مردودية مثل هذه المشاريع، ولا ننسى أن أسعار برميل النفط في أبريل 2020 -العقود الآجلة لبرميل النفط- وصلت إلى (-30) دولار للبرميل وكان هذا الشيء خطير جدا، إذا الأزمة كانت موجودة من قبل، ولكن عندما اشتعلت الحرب أدى هذا إلى إشعالها مرة أخرى، ومن مراقبة الأرقام لأسعار الغاز فهناك أرقام قياسية، أسعار النفط تلامس 140 دولار اليوم، وهو سيشهد ارتفاعا أكثر وأكثر وهذا لأسباب سياسية وجيوسياسية، ولا يوجد أي سبب أو تفسير اقتصادي، فالأسباب الاقتصادية تضع السعر لبرميل النفط في حدود 80 إلى 90 دولار للبرميل، أما الأسباب السياسية جعلت سعر البرميل يصل لحدود 140 دولار وهو مرشح لارتفاع أكثر، هناك معركة طاقة ما بين محوري الشرق والغرب.

-أين تقف دول المغرب العربي من هذه المعركة؟

المعركة على أرض أوروبية ونحن في إفريقيا تهمنا تبعات أو آثار هذه الحرب، دول المغرب العربي الآن ستكون مشكلتها اقتصادية وترتبط بالغاز والنفط، وفي دول المغرب العربي نجد أن المنتج الكبير للنفط هو الجزائر.

-هل تتجه أوروبا إلى الجزائر للتزود بالطاقة؟ 

نعم أوروبا ستتوجه إلى الجزائر للتزود بالطاقة، وشاهدنا خلال الفترة الأخيرة العديد من الزيارات والاتصالات الهاتفية بين حكومة فرنسا والحكومة الجزائرية، وأيضا زيارة رئيس الوزراء الإيطالي إلى الجزائر مؤخرا وكل هذا من أجل ضمان الامدادات، وذلك كون أن أوروبا كلها متضررة، أما الدول التي في وضعية جيدة فهي إسبانيا لأن هناك خط غاز مباشر بينها وبين الجزائر، وإيطاليا لوجود خط الغاز المباشر الذي يمر عبر تونس وصولا إلى إيطاليا.

-هل تتمكن الجزائر من تعويض أوروبا عن النقص الحاصل؟

هذا الأمر صعب جدا ويكاد يكون مستحيل؛ لأن الإمكانيات الإنتاجية للجزائر تفوق قدرتها، كما أن أوروبا كانت تضخ وتمول من روسيا بنحو 40% من الغاز، والجزائر لا تستطيع تمويل هذا الكم الهائل من الغاز. 

-هل تمثل أوروبا سوقا مستقبلية للجزائر؟ 

الأمر يتوقف على نوع وطبيعة المفاوضات، الجزائر لا تريد طلبات شراء، ففي حال عرضت أوروبا أن تكون الجزائر سوق مستقبلية لها فلابد من أن تقدم لها عقود طويلة الآجال لأن الجزائر لكي تكون سوق مستقبلية لأوروبا لابد وأن يكون لديها خط أنابيب وهذا استثمار ضخم من الناحية المالية قد تتجاوز تكلفته ما بين الـ 25 إلى 30 مليار دولار لخط الانبوب الواحد لأسباب تتعلق ببعد المسافة وأسباب تقنية تتعلق بمروره تحت البحر، وهو أمر مكلف من الناحية الاقتصادية لذلك لابد وأن يكون هناك عقود من طرف أوروبا وليس طلبات شراء، لأن ما الضمانات التي تدفع الجزائر لأن تتكفل بتكلفة تفوق الـ 30  مليار دولار ولسنوات ومن بعدها تتراجع أوروبا عن قرار الشراء، ولهذا نقول أن الأمر يتوقف على عملية المفاوضات بينهما.

-هل يدفع ازدياد الطلب إلى تطوير استثمارات الاستكشاف في الجزائر؟

بالفعل زيادة الطلب يدفع الجزائر إلى زيادة الاستكشافات، ومؤخرا العملاقة الجزائرية شركة سوناطراك خصصت 39 مليار دولار خلال الـ 4 سنوات المقبلة للاستثمارات في مجال الاستكشاف والتنقيب عن آبار النفط الجديدة وتطوير الاستكشافات الخاصة بالغاز، فالجميع يعلم أن بعض آبار النفط ينفذ مخزونها وتجف، ولذلك لابد وأن يكون هناك استكشاف جديد في نفس الوقت لتغطية الطلب الكبير في الأسواق العالمية.

-هل تملك الجزائر بنية تحتية تواكب زيادة الانتاج القادمة؟

بخصوص البنية التحتية.. الجزائر لديها بنية تحتية تسمح لها بالوفاء بالتزاماتها تجاه الشركاء الأجانب مثل إسبانيا وإيطاليا، ولكن على الرغم من البنية التحتية الجيدة للجزائر نريد أن نوضح أن لا دولة في العالم تمتلك بنية تحتية مناسبة لتغطية العجز المتواجد في الأسواق العالمية، وعملية تطوير البنية التحتية يتطلب سنوات وأموال إضافية واستثمارات ويتطلب عقود من طرف شركات أو دول حتى تتمكن الجزائر من تطور البنية التحتية الخاصة بالغاز والنفط، فالجزائر تعمل على تلبية الطلبات من خلال عقود.

-كلمة اخيرة..

نتوقع أن تصل أسعار النفط إلى 200 دولار للبرميل في نهاية السنة، وذلك إذا ما بقت الأزمة الروسية الأوكرانية على حالها أو تطورت، ونفس الشيء بالنسبة لأسعار الغاز والفحم وكل المواد في العالم خاصة المواد الغذائية سيرتفع سعرها.

الحرب لها إثار مدمرة على الاقتصاد ككل، هناك رابحين، ولكنهم قلة وهم الدول النفطية التي لديها كثافة سكانية قليلة ولا تستورد كميات كبيرة من الغذاء، أما الدول النفطية ذات الكثافة السكانية الكبيرة على الرغم من المكاسب التي ستحققها من ارتفاع أسعار النفط الا أن هذه المكاسب ستتلاشى في عمليات الاستيراد الكبيرة للأغذية.