حذر الدكتور مازن شريف الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية والجماعات الاسلامية والمفكر الاستراتيجي ، من تداعيات الارهاب الانتقامي على الانتخابات الرئاسية بعد ان ضاق الخناق على الإرهابيين وتمكنت تونس من القضاء على عدد كبير منهم ومنعتهم من إرباك الانتخابات التشريعية. 

وقال :" الإرهاب ضرب ولاية الكاف مستغلا طرقا ملتوية جبلية غابية أعرفها جيدا وهو مكان مناسب للكمائن والمؤسف انه يتم ارتكاب اخطاء كارثية في كل مرة حيث تم تناول تحذيرات سابقة عن مجموعة ارهابية في تلك المنطقة تحديدا وتمت معاينتها ليلة انتهاء الانتخابات ولكن الضعف الاستراتيجي وضعف اليقظة أديا الى استشهاد جنود طلبة، مجنّدين، أمنيين في عمر الزهور".

انتقام:

وتساءل الدكتور مازن هل لذلك "علاقة بزيارة الشيطان عرّاب الدم والارهاب برنارد ليفي لتونس؟ أم له علاقة بالانتقام لعملية وادي الليل؟ خاصة بعد رسائل وجهتها مجموعة أطلقت على نفسها "حرائر تونس"، أعلنت فيها عزمها على العمليات الانتحارية للانتقام ودعت البغدادي للمدد لأنه خليفة المسلمين؟ ودعوات وجدي غنائم إلى عدم الاحتفال بنجاح الانتخابات التشريعية" .

واضاف : "صحيح أن العمليات الاستباقية الامنية العسكرية كانت قوية واحبطت الارهاب النوعي الذي نجح قبلها في الشعانبي وفي الهجوم على منزل وزير الداخلية. ولكننا الآن أمام نوع مختلف من الارهاب: إنه الارهاب الانتقامي".

واوضح "ان رسالة كتيبة عقبة بن نافع التي هددت الأمن وتوعدت بالانتقام، وكيفية القيام بالعملية ( اطلاق نارمكثف من البلور الخلفي للحافلة) تثبت أننا امام نوع آخر، فما أسميته الارهاب النوعي يقوم على التشفي مثل ذبح الجنود وعلى الاختراق مثل الاغتيالات السياسية او الاستعراض مثل الهجوم على منزل الوزير. لكن هذا الارهاب يضرب غيلة في الظهر بحقد ويفر".

رسالة : 

وقال :"رسالتي للمؤسسة الامنية والعسكرية مراجعة منظومة اليقظة الاستراتيجية وتبادل المعلومات ومنظومة تحليلهاورسالتي للدولة والحكّام القادمين: عليكم ببناء منظومة استراتيجية قوية تستعينون فيها بالخبراء الفعليين لأن الارهاب يقتل شبابنا بالرصاص ويقتل اخرين بغسل ادمغتهم وتحويلهم الى ارهابيين قتلة".

واشار الى ان القوة الامنية العسكرية وحدها لا تكفي في غياب العلاج الثقافي والاقتصادي والسياسي والنفسي والاجتماعي والعقائدي..

واضاف :"رسالتي للشعب التونسي لا تخف، ولا تسقط في الهلع فهو انتصار للارهاب. لكن الزم الحذر وتيقظ فانت اول الجنود والامنيين ومعلومة بسيطة يمكن ان تنقذ مئات الابرياء. راقب وانظر جيدا فهو واجب وطني".

 والارهاب " في تونس لم يكن ليتوغّل وتغوّل لو لم يكن هنالك من مهّد له وفتح له المجال وباع البلاد لحثالة تتاجر بالارهاب وتصطاد في موائد الدم".

وعلى "كل أب وأم أن يراقبوا أبناءهم فالارهاب لا يترصد فقط في الجبال بل له مواقعه في الشبكات التواصلية يقصف من خلالها العقول ويمسخ الانفس ويفسد القلوب ويزرع الارهاب بخبث وسريّة".

ويرى أن المرحلة القادمة ستكون للانتقام من تونس ومن نجاحاتها ومن اختيار الشعب، ومن الرفض الكلي والفشل الكامل للوباء الوهابي. من الجزائر وصمودها في وجه المشروع القطرائيلي. ومن كل بارقة أمل في تحرير ليبيا من قبضة الهمج والاخونج. ومن كل عزم في الدعم الشعبي والقوة العسكرية في العراق والشام. انتقام من مصر يضرب من سيناء إلى القاهرة. انتقام لا أرى ليفي الصهيوني إلا قد أعلن بدايته من تونس في اجتماعه المريب مع مجموعة فجر ليبيا واخوانهم في المشرب والهدف في أرض إفريقية الصامدة، لكن تونس ستطردهم وتحبطهم جميعا كما طردته واحبطته، وستنتصر الجزائر وليبيا ومصر والشام والعراق على الارهاب...ولا عزاء للخونة وللمجرمين.

احتياطات :

وحول تفاعل الحكومات التي تتالت بعد الثورة مع الخبراء في المجال الأمني والعسكري قال الدكتور مازن :" لقد دعوت عبر وسائل الإعلام مرارا وتكرارا الى التصدي للارهاب مع تقديم خارطة طريق لمكافحته، لكن كانت قبضة شرذمة من أعداء تونس الذين باعوا كل شيء من أجل كراسيهم ومن أجل مشروع  يريد الدمار لكل شبر من البلاد العربية ليستفرد بكنوزها ويستغفل شعوبها من عارض ذلك وانخرطوا في تيسير مهمة الذين يقتلون إخواننا في الشام بأيدي المغرر بهم من تونس وأرض العروبة والعالم وأدت ديبلوماسيتهم البائسة الى قطع علاقات مع سورية الحبيبة ومشاكل مفتعلة مع مصر والامارات ". 

وأما الحكومة الحالية فهي تحاول الاستنجاد بالخبراء لمكافحة آفة الارهاب لكن ليس بالنسق المطلوب لان مكافحة الارهاب لا يجب ان تكون من طرف واحد ودون تشريك الخبراء والعارفين بشؤون الحركات الاسلامية

واكد محدثنا ان "تونس نجحت الى حد ما في مكافحة الارهاب لكن المعركة لا زالت متواصلة بين الجماعات الارهابية والامن والجيش ولا يمكن التغافل عن البعض من أبنائنا الذين تمت دمغجتهم ويجب اخذ الاحتياطات اللازمة بالنسبة اليهم والارهاب هو معركة الامن ولا يجب التبرير له بانه موجود بالدول الاخرى وتونس سابقا أغلقت كل المنافذ وتواصل الارهاب لعشر سنوات متتالية في الجزائر لكنه لم يدخل تونس" .

ورقات مختزلة:

لهدف مكافحة الارهاب أعد الدكتور ورقة مختزلة حول المؤسستين الأمنية والعسكرية دعا فيها الحكومة والرئيس القادم الى فهمها جيدا والبناء عليها ويتلخص دعم المؤسسة الامنية في عشرة نقاط منها استقلالية المؤسسة الأمنية عن الشأن السياسي وكل تدخّل حزبي و دعم المؤسسة الأمنية استراتيجيا ولوجستيا و إعادة بناء منظومة أمن الدولة والأمن القومي والاستخبارات، مع أطر قانونية لعملها واستراتيجيات ناجعة لتفعيلها خدمة للوطن والشعب ومراجعة قانون الإرهاب الجديد الذي لا يخدم المصلحة العليا لتونس ولا يوفر أي نجاعة أو مناعة.

وتتلخص الورقة المختزلة للمؤسسة العسكرية ايضا في عشرنقاط ومنها ضرورة توفير دعم لوجستي للجيش وتطوير قدراته العسكرية و تفعيل استراتيجي لمنظومة الأمن القومي والمخابرات بالتعاون مع المؤسسة الأمنية للقضاء على الإرهاب ومنع تكرار عمليات قتل الجنود والأمنيين و تطوير منظومة التدريب والتكوين داخل المؤسسة، لتوفير النجاعة أمام حالات غير مسبوقة مثل المواجهات مع الإرهابيين خاصة في حرب العصابات وحرب الجبال وتعميق الوعي الوطني بقيمة التجنيد، والقيام بتطوير المنظومة وإجراء الإصلاحات اللازمة.