تحصلت تونس منذ يومين على قرض رقاعى بقيمة 1 مليار دولار امريكى اثر نجاحها فى تعبئة موارد مالية على السوق العالمية لدى كبار المستثمرين الدوليين وفق ما اعلن عنه بلاغ للبنك المركزى التونسى، وعلى الرغم من أن الحكومة التونسية اعتبرت حصولها على قرض بهذه القيمة وبسرعة يعد نجاحا، الا أن عدد من الخبراء التونسيين أجمعوا على أن هذا القرض يمثل خطرا على الاقتصاد التونسي نظرا لارتفاع نسبة الفائدة والمدة الزمنية القصيرة لإستخلاصه.
وفي هذا الاطار قال الخبير في الشأن الاقتصادي رضا القرمازي في تصريح لـ "بوابة افريقيا" اليوم الخميس 29 يناير 2015، إن القرض الرقاعي الذي اتجهت به تونس الى السوق المالية الخارجية، هو قرض دخلت به الى درجة عالية من المخاطر في المجالين المالي والاقتصادي، مشيرا الى أنه كان الاجدر التوجه مثلا الى صندوق النقد الدولي أو غيره من الصناديق وإستثناء هذه الأطراف..
وأضاف أن هذه الاطراف التي اتجهت اليها الحكومة تونس هذه المرة هدفها ليس المساعدة وانما الربح المالي المتوحش، مؤكدا أن الاقتراض من هذه الأطراف ليس أمرا معقدا، باعتبار أن نسبة الفائدة التي ستحصل عليها ستكون عالية جدا اضافة استرجاع أموالها في مدة قصيرة وهي 10 سنوات، معتبرا أن الالتجاء الى هذه الاطراف عادة ما يكون بالنسبة الى الحكومات والبلدان التي تشهد اقتصادا متدنيا وشديد التدهور.
وأشار الى أن محافظ البنك المركزي التونسي بين من خلال اعلانه اثر حصول الحكومة التونسية على قرض فرحه وكأنه في "عرس"، وكأن تونس اتجهت الى المسلك الصحيح في حصولها على قرض، مشددا على أن هذا القرض يعد من أكبر المخاطر على الاقتصاد التونسي، باعتباره قرضا لإستخلاص الاجور وليس قرضا من أجل الاستثمار والتقليص من حجم البطالة الفاحش في تونس أو من أجل التنمية...
وشدد الخبير الاقتصادي على أنّ تكلفة القرض الرقاعي الذي تحصلت عليه الحكمة التونسية والمقدر بنحو مليار دولار أي حوالي 1.9 مليار دينار، عالية جدا من حيث الفائدة والتي حدّدت قيمتها بنحو بـ5.75 بالمائة على امتداد عشر سنوات، داعيا رئيس حكومته مهدي جمعة الى ضرورة الابتعاد عن الاقتراض في هذه المرحلة، وترك المسؤولية الى الحكومة القادمة، وفق تقديره.
ومن جانبه، أكد الخبير في الشؤون المالية مراد الحطاب، ان قيمة هذا القرض ونسبة الفائض الواردة عنه هو امر عادي أما بالنسبة الى فترة تسديده فهي تعتبر قصيرة، حسب رأيه.
واعتبر الحطاب أن الحصول على قرض رقاعي في هذا التاريخ وفي هذه الفترة يعد مناورة وهو امر يتطلب مزيد من الحنكة باعتباره لن يخصص الى بعث المشاريع والاستثمار في مجالات معينة أو التقليص من نسبة البطالة، داعيا حكومة مهدي جمعة الى مزيد من التربص الى حين تعيين الحكومة القادمة للنظر في مسألة التداين، مؤكدا أنه بعد انطلاق الحكومة في عملها ستستقبل تونس عروض الاستثمارات التي سيساعدها على استثناء مثل هذه القروض، وفق تقديره.
وأضاف أن هذا القرض سيخصص الى دعم ميزانية 2015 في استخلاص الاجور وتوريد المواد الاولية، وليس في الاستثمار وانجاز المشاريع للتقليص من ارتفاع نسبة البطالة..
أما الخبير في الشأن الاقتصادي عبد الرحمان اللاحقة، اعتبر أن الاقتراض ليس أمرا جديدا بالنسبة الى تونس، داعيا الاطراف التي انتقدت حصول تونس على هذا القرض الرقاعي الى ضرورة أن تكون موضوعية، باعتبار أن تونس اليوم لا يمكنها الحصول على قرض لا من صندوق النقد الدولي ولا من البنك الدولي نظرا للديون المتخلدة بذمتها والالتزامات الممضات وفق تعبيره .
وأكد الخبير التونسي عبد الرحمان وجود عدة ضروريات تستوجب حصول تونس على قرض رقاعي بهذه الكيفية وفي هذا التوقيت خاصة باعتباره ضروري لاستكمال ميزانية الدولة المخصصة لسنة 2015.

ويذكر أن القرض الذي تحصلت عليه تونس سيتم تسديده على امتداد 10 سنوات بنسبة فائدة سنوية تقدر بنحو 75ر5 بالمائة بمساندة من البنكين الامريكيين جى بى مورغن و سيتى بنك علاوة على البنك الاوروبى ناتيكسيس .
واعتبرت الحكومة التونسية أن هذا الاصدار يعد نجاحا نوعيا لتونس اذ اثارت هذه العملية اهتمام نحو 270 مستمثر اجنبى عبروا عن استعدادهم لاسناد تونس مبالغ مالية فاق مجموعها 4 مليارات دولار امريكى مقابل مبلغ مستهدف من طرف تونس بين 500 مليون دولار و1 مليار دولار بحسب نفس المصدر.
ويتنزل هذا القرض الرقاعي الذي حصلت عليه الحكومة التونسية، فى اطار تجسيم مخطط تمويل ميزانية الدولة بعنوان سنة 2015 الدليل على نجاح البلاد فى مسار الانتقال السياسى الذى توجته انتخابات رئاسية 26 نوفمبر 2014 اعتبرها الملاحظون المحليون والدوليون والمجتمع المدنى نزيهة وشفافة اضافة الى انجاز برنامج اصلاحات اقتصادى ومالى طموح ومتنوع كما اكد ذلك صندوق النقد الدولى خلال خمس مراجعات.