تواجه مصر هذه الأيام تصعيدا خطيرا من قبل الجماعات الإرهابية في أكثر من منطقة، وسط تأكيدات من مسؤولين مصريين وخبراء عن وقوف جهات وقوى إقليمية خلفها.

حذر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، من أن “خارطة الإرهاب تتسع أكثر من أي وقت مضى”.

يأتي ذلك في وقت تشهد فيه مصر هجمات إرهابية متصاعدة، لعل أخطرها عملية دمياط التي أدت لفقدان ثمانية عناصر من القوات البحرية، وسط شبهات تورط جهات وقوى إقليمية فيها.

وقال السيسي إن “الدول العربية تواجه خطرا حقيقيا يتطلب تضافر كافة الجهود لمواجهته والتصدي له والقضاء عليه”، مؤكدًا على دور وسائل الإعلام في زيادة وعي المواطنين ومواجهة الفكر المتطرف.

وجاءت تصريحات الرئيس المصري خلال لقائه بوفد إعلامي موسع من دولة الإمارات العربية المتحدة بحضور سلطان الجابر، وزير الدولة الإماراتي، ومحمد بن نخـيرة الظاهـري، السفير الإماراتي بالقاهرة، بحسب بيان للرئاسة.

وتعاني بعض المناطق المصرية، من هجمات إرهابية شبه يومية آخرها مقتل اثنين من عناصر الشرطة المصرية وثلاثة جنود بالرصاص، الخميس، في هجومين منفصلين شمال سيناء، حسبما أعلن مسؤولون أمنيون.

وفي وقت سابق من يوم أمس، أصيب أكثر من 16 شخصا بجروح جراء انفجار قنبلة صغيرة في عربة لقطار الأنفاق بالقاهرة.

وأكد خبراء ومتخصصون في شؤون الإرهاب، لـ”العرب”: أن الجماعات الإرهابية في مصر، غيرت من تكتيكاتها، بتوسيع دائرة الاستهداف، من رجال الجيش والشرطة إلى استهداف وسائل النقل العام، بغية إرباك الحياة العامة، وإيهام المواطنين أن السيطرة الأمنية مفقودة.

واستدلوا على ذلك بأن الانفجار الذي وقع بإحدى عربات مترو الأنفاق استخدمت فيه عبوة ناسفة بدائية الصنع، لم تحدث أية خسائر في الأرواح، ما يكشف أنها نتاج عمل جماعة ضعيفة التنظيم والتسليح، وليس لها أية علاقة تنظيمية بـ”داعش” أو بيت المقدس.

وقال أحمد بان الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية لـ”العرب” بأن كل المؤشرات تؤكد أن من قام بها خلية لا ترتبط تنظيميا بأنصار بيت المقدس أو داعش، ويرجح أنها لتنظيم “أجناد مصر” أو أية خلية هامشية أخرى، فالعبوة المستخدمة بدائية الصنع وضعيفة التأثير، وتسليح بيت المقدس وداعش أقوى من ذلك بكثير، وخطتهم تستهدف أهدافا كبيرة”.

ويبقى الهجوم الذي تعرض له “لنش صواريخ” تابع للقوات البحرية المصرية، مساء الأربعاء، من قبل عناصر مسلحة في عرض البحر المتوسط، الأخطر وفق الخبراء باعتباره يشكل تحولا نوعيا في هجمات الجماعات الإرهابية.

وكشفت مصادر عسكرية أن أكثر من 65 مسلحا هاجموا طاقم البحرية المصرية المكون من 13 من ضباط وجنود، أثناء تأديتهم نشاطا تقليديا يوميا بالبحر المتوسط، على بعد 40 ميلا بحريا شمال ميناء دمياط.

وقال العميد محمد سمير المتحدث العسكري باسم الجيش المصري في بيان له أمس، إن الحادث أسفر عن تدمير 4 قوارب تابعة للجماعات المسلحة وتصفية 30 من عناصرها في الهجوم الذي شنته طائرات مقاتلة من الجيش المصري، إضافة إلى القبض على 32 من العناصر الإرهابية.

وأشار إلى أن عمليات البحث والإنقاذ أسفرت عن نقل 5 مصابين من عناصر البحرية المصرية ولا يزال هناك 8 مفقودين.

وتظهر عملية دمياط أن الجماعات المتطرفة ما تزال لديها أرواق قادرة على استغلالها، في حربها ضد الدولة المصرية، خاصة وأنها تملك دعما كبيرا من قوى إقليمية وتنظيمات إسلامية في مقدمتها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.

واعتبر مراقبون أن العملية تعتبر نقلة نوعية في نشاط الجماعات الإرهابية مشيرين إلى أنه لا يمكن الجزم بالمجموعة أو التنظيم المسؤول عن تنفيذها.

وأكد العقيد البحري حاتم صابر لـ”العرب”، أن عملية دمياط هي محاولة من التنظيمات الإرهابية لتغيير مسرح العمليات خارج سيناء، بعد أن نجحت الدولة المصرية في إغلاق منافذ الدعم اللوجيستي على هذه التنظيمات من خلال تدمير الأنفاق وتأمين الحدود ومحاصرة تحركاتهم البرية.

ولم يستبعد العقيد تورط دول أجنبية (تركيا مثلا) في العملية خاصة بعد الاجتماع الثلاثي الذي عقدته مصر وقبرص واليونان، لافتًا إلى أن التنفيذ قد يكون تم عبر عناصر بيت المقدس، لكن بدعم تركي، وربما تمويل قطري.

في السياق ذاته، اعتبر كثير من الخبراء الأمنيين أن الحادث رد فعل طبيعي على الإجراءات الحاسمة التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية بسيناء.

بالمقابل رأى ماهر فرغلي الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، في تصريحات خاصة لـ”العرب” أن العملية ربما تكون حدثت بالمصادفة خلال محاولة تنظيم بيت المقدس تهريب أسلحة عبر البحر، لكنها فوجئت بالقوة البحرية فاضطرت للاشتباك معها.

وتوقع أن تشهد مصر عمليات إرهابية ضخمة خلال الأيام المقبلة، خاصة بعد مبايعة أنصار بيت المقدس لداعش، منوهًا أن العمليات المرتقبة ستكون أضخم بكثير من المواجهة البحرية الأخيرة.

“باتت مصر مستهدفة من الإرهاب برا وبحرا وجوا”.. هذا ما قاله منير أديب الخبير في شؤون الحركات الجهادية لـ”العرب”، مؤكدا أنه حتى الآن لا تتوفر معلومات كافية عن طبيعة العملية، إلا أن ضخامتها تشير إلى تورط جهات أجنبية في الحادث.

*نقلا عن العرب اللندنية