جماعة “بوكو حرام” التي تطلق على نفسها اسم “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”، تقول إنها تقوم بالجهاد الإسلامي عبر مهاجمة تشكيلات الأمن وحرق دور العبادة -غالبا الكنائس- في شمال نيجيريا.

وفي غضون الأشهر الأخيرة، هاجم مقاتلوها 3 كنائس على الأقل، ما أسفر عن مقتل عدة أشخاص.ولكن كثيرا من النيجيريين سواء من المسلمين والمسيحيين، يتشككون في ادعاءات “بوكو حرام” بكونها “إسلامية”.وفي حديث لوكالة الأناضول، قال الصحفي والمحلل السياسي، عبد الله توهير “إنه اسم إسلامي”.

واعتبر أن “استخدام الجماعة المتقن للغة العربية في أي تسجيل مصور، لتبنى المسؤولية عن الهجمات، والهجمات على الكنائس، يضفي مصداقية للاعتقادات بأن بوكو حرام هي مؤامرة على الإسلام”.

وأضاف: “لكن الارتباك يفرض نفسه عند النظر في حقيقة أن هذه المجموعة تنفذ عملياتها في منطقة غالبية سكانها من المسلمين، وتقتل الناس بشكل عشوائي، وتشن هجمات على الملوك (العرفيين) الذين يمثلون رموز الإسلام شمال البلاد”.

وأشار “توهير” إلى مقتل أمير (عرفي) مسلم مؤخرا على يد مسلحي “بوكو حرام” أثناء محاولة اختطافه.

ومضى قائلا: “لقد فقدت القدرة على إحصاء الشيوخ المسلمين البارزين الذين قتلوا على يد الجماعة، وعند نظر هذه الأمور، فأنت غير ملام على التفكير بأن هناك المزيد، مما يجب كشفه عن هذه الجماعة”.

وأعرب عن اعتقاده بأن تسمية “بوكو حرام” جماعة “إسلامية”، هي أكبر هدية قدمها النيجيريون لـ”هذا التنظيم الخبيث، لأنه بهذه الطريقة، سيشعر المسلمون بالعار، وأنهم يصورون على نحو غير أخلاقي”.

وكان مسلحون يعتقد أنهم ينتمون لجماعة “بوكو حرام” قتلوا أمير منطقة “جووزا” “الحاج إدريس تيمتا”، وهو أحد أمراء (حكام ولايات رفيعي المستوى) ثلاثة تم اختطافهم، في 30 مايو/ آيار الماضي، بولاية بورنو.

من جانبه، قال “أولاكونلي أبيمبولا”، وهو كاتب رأي ومحلل سياسي، إنه إذا كان يمكن أن تسمى “بوكو حرام” “إسلامية” من حيث الاسم، فإن أنشطة الجماعة تتعارض مع “الرحمة وحسن الجوار” التي تدعو إليها جميع الأديان.

وأضاف في حديث لوكالة الأناضول: “اسما، إنهم جماعة إسلامية، لأنهم يسمون أنفسهم مسلمين، ويزعمون أن كل ما يفعلونه ينبثق من القرآن”.

وأشار” أبيمبولا” إلى أن مسلحي الجماعة يزعمون أنهم نموذج بديل للدولة.

وأوضح أنهم “يريدون جمهورية إسلامية لأن النظام الحالي يبدو أنه قد أحبط شعبه، بينما (وفقا لعلم الدلالة)، يظهر أنهم منظمون تماما، ويفون بالمراد”.

أما زعيمهم “أبو بكر شيكاو”، الذي يعتمر عمامة أثناء ظهوره في التسجيلات المصورة، ويتحدث بمزيج من اللغة العربية، ولهجات “الهوسا” و”الكانوري” المحلية، فيعزز خطاباته بتأويلات متلاعب بها وفي غير موضعها لآيات القرآن، فيما تظهر تلك التسجيلات مقاتلي الجماعة يرددون هتافات “الله أكبر” أثناء مهاجمة أهدافهم.

وبين” أبيمبولا” أنه “عندما تتطرق لعلم الدلالة، فإنها لعبة أخرى”.

ومضى قائلا: “عندما تقول إنك تقاتل باسم الله، وتخطف أطفال المدارس، وتحرق مدارسهم، وتدمر مساكنهم، وتغتصب أمهاتهم وتخطفهن، وحتى تهدد بيعهم كجواري.. فأنا لا أعتقد أن هذا يمت للإسلام، وهكذا، استنادا لعلم الدلالة، فهم بالتأكيد في رأيي ليسوا إسلاميين”.

وبدلا من توصيف “بوكو حرام”، بأنها جماعة جهاد “إسلامي”، يجنح الكثير من علماء المسلمين إلى تفسير أعمال العنف التي تنفذها عناصر الجماعة بطرق مختلفة، أحدها أنها نتاج الحكم السيء على المدى الطويل.

ورأى “أبيمبولا” أن الجماعة كانت فقط تستغل الإسلام باعتباره “نداء عاطفي”، لاستمالة الشباب الجاهل والمحبط.

ووصفهم بـ”أنهم مجموعة من الفوضويين الذين يشعرون حقا بالسخط على النظام، ولكنهم انتهزوا منصة (الإسلام) الذي يعتبر محرِكا للمشاعر لخداع الناس لكي يتبعوهم”.

وتابع: “إذا أصر هؤلاء الناس على أنهم مسلمون، فإنهم نماذج كلاسيكية لمسلمين غاية في السوء”.

غير أنه لفت إلى أن “هذا يجب ألا يترجم إلى إدانة مبطنة للإسلام والمسلمين، لأنهم أشخاص اختاروا أن يكونوا أشرارا، ولكنهم يتسترون تحت مظلة (الإسلام) تحجب العالم عن إدراك إجرامهم”.

وهذه الآراء أيدها، “جون أولوكايودي كوريدي”، حيث قال: “الجهل والفقر يتضافران لجعل الناس عرضة لأي شيء، وهذا هو الحال هنا هذا في رأيي”.

وأضاف في حديث لوكالة الأناضول، متسائلا: “كيف يساهم قتل الناس دون تمييز -دون حتى معرفة من هم ضحاياك- في دعم الإسلام، إذا كان ذلك هو ما تقاتل من أجله؟”.

وبالنسبة لـ”أبيمبولا”، فإن جماعة “بوكو حرام”، هي ببساطة أبلغ دليل على فشل الدولة النيجيرية.

وزاد بقوله: “أعتقد أن (بوكو حرام)، هي شيء اقتصادي أكثر منه ديني أو سياسي.. وأنا أسميه فشل تراكمي (من جانب الدولة)”.

ولفت الخبير إلى أنه “على الرغم من أن الأمر يبدو عاطفيا للغاية أن ننظر إلى بوكو حرام بطريقة معينة بسبب أنشطتها، من المهم أن ننظر… إلى تلك المؤشرات الاقتصادية التي تقود التمرد، تلك المؤشرات التي جعلت هؤلاء القتلة ذوي مصداقية للشباب”.

ومضى قائلا: “أي شخص يوعز إليه بالذهاب وقتل نفسه (في هجوم انتحاري) نظير وعد بأن برعاية عائلته، يجب أن يكون من أشد الأشخاص بؤسا على الأرض”.

وأوضح أن “ذلك لأن ليس لديهم ما يعيشون من أجله، وسيسعدهم أن يصطحبوا الكثيرين معهم في رحلتهم إلى الآخرة”.

وأتبع: “نحن بحاجة إلى مجتمع منصفة وعادل لإبعاد الناس عن بوكو حرام أو أي من هذه الأيديولوجيات القاتلة”.

وفي غضون ذلك، تساءل العلماء المسلمين منذ فترة طويلة، كيف يتسنى لجماعة تقول إنها تجاهد من أجل قضايا الإسلامية أن تنتهك بشكل صارخ كل قواعد الحرب المعروفة.

وقال الشيخ عبدالرزاق إيشولا، مسؤول في “رابطة الأئمة بنيجيريا: “تبنت الجماعة المسؤولية عن اثنين من الجرائم (الهجمات) الكبرى التي وقعت خلال شهر رجب، وهو الشهر الذي يحرم فيه القتال والعنف”.

وأضاف في حديث لوكالة الأناضول: “لقد فقدت القدرة على عد هذه الجرائم التي ارتكبتها بوكو حرام ضد المواطنين العزل.. كيف يكون ذلك من الإسلام؟”.

ومضى قائلا: “الجماعة تنفذ مخططا، يتعارض بوضوح مع المبادئ الإسلامية. لا يمكن أن تزدري القرآن، المصدر الرئيسي للتشريع الإسلامي، وتعود لتسمي نفسك مسلما، والعالم يمكنه قراءة ما بين السطور”.

وكانت جماعة “بوكو حرام”، أعلنت مسؤوليتها عن تفجير موقف للسيارات بالعاصمة أبوجا، في 14 أبريل/ نيسان الماضي، أسفر عن مقتل أكثر من 75 شخصا، وجرح المئات، قبل أن تعلن أيضا مسؤوليتها عن اختطاف نحو 276 طالبة من مدرستهن في قرية “تشيبوك” بولاية “بورنو”.

وأوضح الشيخ أن “الشريعة الإسلامية تحرم قتل أو إيذاء النساء/ الفتيات غير المقاتلات، وتمنع انتهاك دور العبادة لمعتنقي الأديان الأخرى”.

واستدرك “إيشولا”، بالقول معربا عن غضبه: “لكن… بوكو حرام ارتكبت كل هذه الجرائم، فكيف يقولون إنهم يجاهدون من أجل الإسلام بعد ذلك؟”.

من جانبه، انتقد الشيخ الجليل حبيب الله آدم الألوري مرارا، مدير معهد الدراسات العربية والإسلامية في لاغوس، (أكبر مركز إسلامي جنوبي نيجيريا)، جماعة “بوكو حرام”، مرارا، معتبرا إياها “أي شيء سوى إسلامي”، وتساءل عن دوافعها لتنفيذ عمليات القتل العشوائي.

وخلال الأسابيع الأخيرة، أعلنت جماعة “بوكو حرام” سيطرتها على عدة مدن شمال شرقي البلاد، هي: “ديكوا”، و”غمبورو نغالا” و”غووزا” في ولاية “بورنو”، و”بوني يادا”، و”بارا” في ولاية “يوبي” المجاورة.

وفي وقت سابق، قالت الجماعة إنها سيطرت على ثماني بلدات في ولاية أداماوا، التي يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة.

وفي 24 أغسطس/ آب الماضي، أعلن زعيم بوكو حرام، أبو بكر شيكاو، أن الأراضي الواقعة تحت سيطرة الجماعة ستكون جزءا من “الخلافة الإسلامية” في شمال نيجيريا.

ومنذ مايو/ آيار من العام الماضي، أعلنت الحكومة النيجيرية حالة الطوارئ في ولايات بورنو، ويوبي، وأداماوا في شمال شرقي البلاد، بهدف الحد من خطر “بوكو حرام”.

وقتل وجرح آلاف النيجيريين منذ بدأت “بوكو حرام” حملتها العنيفة في عام 2009 بعد وفاة زعيمها محمد يوسف، أثناء احتجازه لدى الشرطة.

ويلقى باللائمة على الجماعة في تدمير البنية التحتية ومرافق عامة وخاصة، إلى جانب تشريد 6 ملايين نيجيري على الأقل منذ ذلك التاريخ.

وبلغة قبائل “الهوسا” المنتشرة في شمالي نيجيريا، تعني “بوكو حرام”، “التعليم الغربي حرام”، وهي جماعة نيجيرية مسلحة، تأسست في يناير/ كانون الثاني 2002، على يد محمد يوسف، وتقول إنها تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، حتى الجنوبية ذات الأغلبية المسيحية.