توقع خبراء اقتصاد مغاربة، أن تنجح الحكومة المغربية، في تخفيض نفقات صندوق المقاصة (نظام الدعم)، ضمن موازنة عام 2015، لإلغائها دعم الوقود، فيما توقعوا عدم قدرتها علي تحقيق معدل النمو المستهدف وتخفيض عجز الموازنة.وصادقت الحكومة المغربية الجمعة الماضية على مشروع قانون المالية (الموازنة) لسنة 2015، متوقعة أن يبلغ معدل النمو نحو 4.4% ونسبة عجز 4.3 %، والاستثمارات العامة بقيمة 189 مليار درهم (21.9 مليار دولار)، ونفقات دعم المواد الأساسية (المقاصة) بقيمة 23 مليار درهم.

وقال المهدي لحلو، أستاذ في المعهد الوطني للاقتصاد والإحصاء التطبيقي بالرباط (معهد أكاديمي حكومي)، إنه يرى أن الهدف الوحيد الذى بإمكان الحكومة المغربية ضمان تحقيقه ضمن موازنة عام 2015، يتمثل في تخفيض نفقات صندوق المقاصة (نظام الدعم)، على اعتبار أنها ألغت دعم المحروقات.وأضاف لحلو، في تصريحات لوكالة الأناضول: "لا أعتقد أن الحكومة المغربية، قادرة على تحقيق نسبة نمو في حدود 4.4 %، فضلا عن قدرتها على تحقيق بعض المستهدفات الأخرى، لأن الاتحاد الأوروبي أبرز شريك تجاري للمغرب يعيش في أزمة اقتصادية".

وتتباين توقعات أداء الاقتصاد الصادرة عن المؤسسات المغربية للعام الجاري، فبينما تتوقع الحكومة نسبة نمو تناهز 4%، توقع البنك المركزي المغربي، الشهر الماضي، أن تصل معدلات النمو الاقتصادي للبلاد خلال 2014 إلى 2.5%، كما توقع صندوق النقد الدولي، في تقريره حول آفاق النمو العالمي، الصادر مطلع الشهر الجاري، أن يحقق الاقتصاد المغربي معدل نمو، في حدود 3.5 % خلال 2014.وانتقد لحلو الزيادة الذي اعتمدتها الحكومة في أسعار الطاقة، والتي أدت إلى تراجع الطلب الداخلي، خصوصا أن ارتفاع أسعار المحروقات أدى إلى الزيادة في أسعار السلع والخدمات العمومية.

كما انتقد لحلو اعتماد الحكومة المغربية على توجيهات صندوق النقد الدولي، مضيفا أن السياسة المالية التي تطبقها الحكومة هي سياسة لا تهدف إلى رفع نسبة النمو أو الاستهلاك الداخلي أو دعم الطبقات الاجتماعية الفقيرة، بل هي سياسة هدفها أساسا المحافظة على  توازنات الاقتصاد الكلى.وقال الخبير الاقتصادي المغربي، عبد القادر برادة، إنه من الضروري توافر الإرادة السياسية لتحقيق العدالة الاجتماعية في البلاد من خلال السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أعلنت عنها الحكومة في الموازنة الجديدة، مشيرا إلي أنه قلما تطابق توقعات الحكومة، الواقع في تاريخ السياسة المالية بالمغرب.

وأضاف برادة في تصريحات لوكالة الأناضول، أن الحكومة المغربية لا يمكن أن تحل جميع المشاكل من خلال موازنة 2015، داعيا إلى زيادة وتيرة إنجاز الاستثمارات العمومية (العامة)، مشيرا إلى أن نسبة الإنجاز للاستثمارات العمومية خلال السنوات الماضية لم تتجاوز 50 %.وقال الخبير الاقتصادي، إنه يجب على الحكومة المغربية، إعطاء أولوية لإصلاح التعليم والنظام الضريبي والإدارة، مؤكدا إلى ضرورة إصلاح نظام الدعم بالمغرب، والذى يتم تحت مسمى صندوق المقاصة والذى يدعم المواد الأساسية مثل السكر والدقيق والمنتجات البترولية، ولكن ليس على حساب المواطنين، حتى لا تتعمق الهوة بين الشرائح المجتمعية.

وأضاف أن هناك طرق للتقليل من كلفة نظام الدعم (المقاصة)، عبر ترشيد قرارات الدولة، مثل تخفيض عدد السيارات الحكومية التي تفوق 180 ألف سيارة، والتي تستهلك الكثير من الطاقة، وبالتالي تستنزف ميزانية الدعم.فيما يري الخبير الاقتصادي، مصطفى أكوتي، إن الحكومة المغربية من الممكن أن تحقق الأهداف الاقتصادية التي أعلنت عنها في موازنة 2015.

وأضاف أكوتي، في تصريحات لوكالة الأناضول، أن توقعات الحكومة المتعلقة بنسبة النمو وتخفيض عجز الموازنة والتقليص من نفقات نظام الدعم في متناول يد الحكومة، خاصة أن الحكومة استطاعت التحكم في نفقات نظام الدعم خلال العام الجاري باعتمادها نظام المقايسة (عكس أسعار الطاقة العالمية بشكل جزئي على أسعار منتجات الطاقة محليا)، والغاء دعم الطاقة.وقررت المغرب مطلع العام الجاري، إلغاء الدعم الموجه للبنزين الممتاز والفيول ( وقود عالي الجودة يستخدم في الصناعة)، وقلصت دعم الغازوال (السولار)، لكنها قالت إن القرار لا يشمل الفيول الموجة لإنتاج الكهرباء.

ولفت أكوتي إلى أن الحكومة لديها تصور محدد لعملية دعم المواد الغذائية، من خلال توجيه الدعم للشرائح الفقيرة بشكل أكبر، مما سيؤدي إلى التقليص من نسبة الفقر، مشيرا إلي  أن رفع الحد الأدنى للأجور أيضا، سيؤدي إلى دعم الفئات ذات الدخل المحدود.وأوضح أن الحكومة نجحت بنسبة كبيرة في إصلاح نظام الدعم، وتعتزم إصلاح أنظمة التقاعد، مشيرا إلى أن هذه الملفات هي العناوين الكبرى التي ميزت سياسة الحكومة.

ودعا الخبير الاقتصادي، الحكومة المغربية إلى دعم الصناعة والإنتاج ورفع وتيرة تنفيذ الاستثمارات، حتى يمكن زيادة معدلات النمو الاقتصادي.وقال محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، أمس الاثنين بالبرلمان، إن الحكومة تتوقع نموا في حدود 4.4% خلال 2015.وأضاف بوسعيد خلال تقديمه لموازنة 2015 أمام غرفتي البرلمان ( مجلسي النواب والمستشارين) ، أن الحكومة تعتزم تخفيض عجز الموازنة إلى 4.3%، على أساس سعر للنفط في حدود 103 دولارات للبرميل، وسعر صرف في حدود 8.6 درهم للدولار الواحد.

وكشف الوزير أن الانفاق على الدعم سيبلغ  23 مليار درهم (2.64 مليار دولار).يشار إلى أن ميزانية صندوق المقاصة بلغت 35 مليار درهم (4 مليارات دولار) العام الحالي، و42 مليار درهم (4.82 مليار دولار) في عام  2013.وتعتزم الحكومة المغربية، بحسب بوسعيد، تنفيذ استثمارات عامة بقيمة 189 مليار درهم (21.8 مليار دولار) خلال العام الجاري مقابل 186.6 مليار درهم خلال العام الحالي (21.6 مليار دولار)