سلط عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، عمر النعاس، الضوء على ملف محاكمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المقرر أن يصوت مجلس الشيوخ الأمريكي بشكل نهائي عليها الأربعاء المقبل.

وقال النعاس، في ورقة تحليلية بعنوان (محاكمة القرن... ومحاولة عزل الرئيس) خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها، "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو رئيس أقوى دولة في العالم، وهو يخضع حالياً للمحاكمة في مجلس الشيوخ بعد أن تم اتهامه من قبل مجلس النواب بتهمتين هما: (سوء استخدام السلطة وعرقلة الكونغرس)، استنادا إلى البندين (2، 3) من المادة الأولى من الدستور الأمريكي. من خلال المتابعة، يلاحظ أن الأغلبية للحزب الديموقراطي في مجلس النواب دفعت المجلس لاستصدار لائحة الاتهام التي يؤسس عليها العزل، كما قامت لجنة التحقيق بإحالة طلبات إلى البيت الأبيض لمثول شهود من مساعدي الرئيس لمساءلتهم ، ولكن الرئيس قام برفض تلك الطلبات بحجة الأمن القومي، وهذا الرفض هو الذي تم تضمينه في لائحة الاتهام تحت بند عرقلة الكونغرس، أما التهمة الأولى بسوء استعمال السلطة فهي متعلقة بمحاولة تجميد المساعدة المالية لدولة أوكرانيا، ومطالبة رئيسها لإجراء تحقيق بخصوص خصمه في الانتخابات الرئاسية القادمة لسنة 2020 وهو المرشح الديمقراطي جو بايدن ومحاولة إلصاق تهمة المشاركة في أعمال فساد مالي".

وتابع النعاس، "قام مجلس النواب بإحالة لائحة الاتهام إلى مجلس الشيوخ والذي ينعقد بصفته هيئة محكمة برئاسة رئيس المحكمة العليا، حيث يقوم الادعاء بطرح أسانيدهم م كما يقوم محامو الرئيس بعرض دفاعهم لتفنيد حجج الادعاء. ومن الملاحظ أيضا، وحيث أن مجلس الشيوخ يتكوّن من (53 من الأعضاء الجمهوريين و47 عضوا من الديمقراطيين)، وأن الرئيس الأمريكي مرشحا عن الحزب الجمهوري، فإن هذه الأغلبية للحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ قد تستصدر قرار بالبراءة بأسرع وقت، بل في الواقع ربما سيتم التصويت على رفض الاستماع إلى أي إفادات من الشهود الذين قام ممثلو الادعاء من مجلس النواب بطلبهم مرة أخرى أمام مجلس الشيوخ بحجة أن مجلس الشيوخ له سلطة المحاكمة ومن الضروري الاستماع إلى إفادة الشهود ودراسة كل المستندات المتعلقة بالقضية لإظهار الحقيقة للشعب الأمريكي".

وأضاف النعاس، "ما أحاول استخلاصه هو أن محاسبة أقوى رجل في أمريكا جاءت بنص دستوري كتب سنة 1787 وتم اعتماد هذا الدستور سنة 1789، وقد جاءت المحاسبة ترسيخا وتطبيقا لمبدأ أساسي وهو (لا أحد فوق القانون) وهذا المبدأ يتفرع منه مبدأ آخر وهو (كل شخص يخضع للمحاكمة). بغضّ النظر عن نتيجة المحاكمة، إلا أنها تؤسس لمبدأ خطير وأساسي وهو أن الدستور هو القيد الذي يقيّد كل السلطات، وعلى كل مؤسسات الدولة أن تكون خاضعة للدستور، وليس لأحد أن يقول إنه فوق القانون. كثير من الدساتير العربية تتضمن مادة أو أكثر بشأن اتهام ومحاكمة رئيس الدولة، وأخرى تحظر المساس بالذات الملكية أو الأميرية...الخ. أنا أتساءل؛ طوال أكثر من 70 سنة، ألم يقم أي رئيس أو حاكم عربي بسوء استعمال سلطته؟ أو ممارسة أي فساد مالي أو سياسي؟ هل سمعنا عن أي اتهام لرئيس أو حاكم بسوء استعمال سلطته أو بالفساد؟ أو خضع لأي محاكمة؟ الحقيقة أن الدساتير التي لا تشارك الشعوب في صناعتها لا يمكن أن تقيّد الحكّام وتخضعهم لأحكامها، وأن قوة الدساتير الحقيقية وقيمتها تكمن في مصدرها، وفي مدى فهم الشعوب لدساتيرها بحكم التجربة الزمنية. إن الدساتير التي تؤسس لحكم القانون، هي تلك الدساتير التي تشارك الشعوب فعليا في صناعتها وتتجلى قوتها ومتانتها وصلابتها من خلال إرادة الشعوب التي صنعتها والتي تسهر على تفعيلها وحمايتها".