شهد الساحل الافريقي، تحولات كبيرة سياسيا وعسكريا، تحولات يعتبرها "البعض" ناتجة عن وعي شعبي، فيما يرى آخرون بأنها نتيجة صراعات  خارجية دولية، تهدف للسيطرة على الثروات وتغيير معطيات "مخلفات الاستعمار" الحدودية  وكذا أنظمة الحكم "التابعة".

 وسط الصراع الدولي ، يحضر لاعب اخر في المنطقة، يبدو أنه  "مهدد للكل" ولربما مستغل من "البعض" لهدم أركان كيانات مسيطرة ومستأثرة بثروات المنطقة، واحيانا أخرى يسوق كمبرر للتدخل في المنطقة، الجماعات "الجهادية" قاعدة ودواعش.

 في الحوار التالي مع الصحفي الموريتاني، المطلع والمتتبع للوضع في الساحل وديناميته وفعالياته المختلفة، الأستاذ عبد الله ولد مباتي، الصحفي المتخصص في الامن بالساحل، نحلل تحولات المنطقة:


التأثير المتبادل


في ظل وضع معقد محليا يستم بفشل الحكم "المنتخب" وسيطرة الحركات «الجهادية «، صراع مصالح بين الدول الكبرى في غرب افريقيا، كيف تفسر التأثيرات المتبادلة بين هذه الحالات؟


لا أتفق معك في أن الحركات الجهادية مسيطرة كما أن لا وجود لحكام منتخبين حتى نقيمهم بالفشل د، فقط يمكن القول أن حالة الفوضى التي تعيشها المنطقة استطاعت توفير جو ملائم للانقلاب على الشرعية على مستوى نظام الحكم، وأيضا صار بفعل التقادم ما يسمى العصابات الإجرامية المتحالفة تحت عناوين كبيرة مثل: القاعدة، وتنظيم الدولة...، وعند هذه النقاط برزت التدخلات الخارجية في المنطقة للاستفادة من هذا الوضع الذي تعشيه هذه البلدان والذي أرى أنا شخصيا عكس الكثيرين أن أسباب نشوئه داخلية وليست خارجية، والحاصل من هذا الكلام الذي قلناه أن ما يسمى بالصراع الخارجي لم يكن عبر أجندا مخططة وإنما هو تعامل تلقائي مع التغييرات الطارئة على أنظمة الحكم في المنطقة.

فرنسا ستعود لمالي


هناك تراجع للنفوذ الفرنسي في دول شمال وغرب افريقيا ، لصالح من في رأيكم؟


لابد أن نتفق على نقطة مهمة جدا وهي ان خروج مالي من فرنسا لا يعتبر تراجعا لنفوذها، كما أن من يتحدثون عن دخول روسيا من بوابة مالي لا يدركون الخفايا الحقيقية لما يجري خلف الكواليس ففرنسا خرجت من النافذة كي تعود من الباب، لأنها أرادت مالي بتكاليف قليلة وعندما يغادر غويتا السلطة في الانتخابات القادمة سيغادر الروس ويعود الفرنسيون، ذلك أن فرنسا تعرف جيدا كيف تدير معسكراتها، وما حصل هو تغيير في طريقة تسيير المستعمرة القديمة فقط ، وستثبت الأيام القادمة كل هذه النظرية.


التلاعب بالعواطف


هل رفض السيطرة الفرنسية، نابع من وعي محلي أو بفعل قوى دولية مناهضة للنفوذ الفرنسي؟

ما حدث هو تلاعب بعواطف الشعب. الانقلابيون لما أرادو الشعبية اختارو طرد الفرنسيين، تماما مثلما أختار الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز طرد الإسرائيليين عند انقلابه على ولد الشيخ عبد الله، فالانقلابيون هنا طمسوا الموضوع الأساسي وهو الانقلاب بموضوع آخر أكثر أهمية وهو طرد الفرنسيين، وبالطبع قرار طرد الفرنسيين كان من القرارات التي أرهقت الماليين والذي لايزالون إلى الآن يدفعون ثمنه، وهذه هي الاسباب الحقيقية التي دفعت الانقلابيين لاتخاذ هذا القرار.


سوء تسيير الموارد


ماهي الأسباب التي أدت لفشل السياسات التنموية في المنطقة الافريقية، غرب افريقيا خصوصا؟

السبب معروف لدينا في الثقافة الإسلامية (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بانفسهم). فالتمويلات والبرامج والخطط تذهب لجيوب خاصة، وهذا نمط في أغلب دول المنطقة، لأن الدول هشة وحكامها مغتصبون للسلطة وسارقون لأموال بلدهم ، لا لا يوجد سبب غير ذلك يمنع النمو في المنطقة


هل الانقلابات الأخيرة، استجابة لمطلب محلي أم بإيحاء من أطراف خارجية؟

الانقلابات الأخيرة أسبابها ضعف أجهزة الدولة، وكلما ضعفت أجهزة الدولة وجد بعض الضباط فرصة للاستيلاء على الحكم، لا يوجد تأثير خارجي او مطلب محلي، أما عن أسباب الضعف فهي في سوء تسيير الموارد وعدم اشراك الجميع، وانا اعتبر أن كلا من السنغال وموريتانيا وساحل العاج تجاوزت مرحلة الانقلابات العسكرية ، لأنها تسيير على طريق صحيحة في إدارة الموارد واللامركزية.

يلاحظ استغلال عرقي، لبسط النفوذ "جهاديا" وكذا تقويض سيطرة ونفوذ المستعمر السابق، ما هي المخاطر؟


الصراع العرقي كان قائما قبل نشوء الدولة الحديثة، لكنه ومع التقادم اكتسب تغيرات عديدة في الشكل، فنحن عندما نتابع الصراع بين الحركات الجهادية في المنطقة مع غيرها من الجماعات الأخرى أيا كانت نعرف أنها تحمل داخلها ذلك الصراع القديم بين القومية الفلانية والقومية الفلانية، وذلك لأننا نعيش المنطقة بتاريخها وتحولاتها، وهذا قد لا يفهمه من يراقبون من خارج الحدود أو من لا يتتبعون التاريخ، لكن العرقية تغذي الصراعات بسبب عدم تكافؤ الفرص بينها في ما يسمى بالدولة.