مازال السودانيون يحتفلون بعيد إستقلالهم الثامن والخمسون والذى تحقق فى الأول من يناير للعام 1956م، ولم تخلو إحتفاليه بهذه المناسبه من ذكر سيرة إمرأة مغنيه ولكنها وطنيه غيوره جاهدت ضد المستعمر و أعتقلت عدة مرات فى سبيل نيل السودان إستقلاله وهى الفنانه حواء جاه الرسول محمد المعروفه بحواء (الطقطاقه).

ولدت حواء جاه الرسول بمنطقة الرهد أبو دكنه بولاية شمال كردفان فى العام 1926م وهى تنتمى إلى أسره محافظه  بدأت الغناء وهى طفله  فى بيوت الأفراح ولما كان الغناء آنذاك يحمل شبهه لمن يمارسه وجدت البنت اليافعه معارضه شديده من الأسره جعلتها تهرب بموهبتها من قبضة الريف المتشدد  فى الرهد الى براحات المدائن فى  أم درمان حيث إحتضنتها أسرة الدكتور أبو بكر بشير بحى بيت المال وتعرفت بعد قدومها لأم درمان على الفنانين الكبارمثل (أبراهيم الكاشف ،حسن عطيه وعبد العزيز محمد داؤؤد )وهم من أساطين الغناء فى تلك الحقبه   وقد أعجبو بصوتها وإمكانياتها الفنيه فوفروا لها كل السبل لتنمية موهبتها ومالبثت قليلاً إلا وأنتقلت مع أسرة الدكتور أبو بكرإلى مدينة عطبره حيث تم نقله هناك ،وفى عطبره واصلت الغناء فى بيوت الأفراح حتى شبع رغبتها وموهبتها  ومن ثم قامت بإحياء ليله وطنيه بمشاركة الفنان إبن المدينه حسن خليفه العطبراوى وفى أثناء تواجدها بعطبره  كان لها شرف المشاركه فى أول مظاهره ضد المستعمر وعمرها آنذاك ستة عشر عاماً حيث تم القبض عليها ونفيها إلى سجن بربر لتقضى ستة أشهر ومن بعد  إطلاق سراحها عادت  للخرطوم لتجد بعض المغنيات من بنات جيلها مثل عائشه الفلاتيه ،منى الخير ومهله العباديه فأنخرطت  معهن بقوة صوتها لتتميز بينهن  بالغناء الشعبى (السيره والدلوكه )وتشتهر بأنها الأم الروحيه لما يعرف بأغانى البنات لتشكل بهذا حضوراً فى كل بيوت الأفراح  ،لكنها   رغم  ذلك  كان الوطن حاضراً عندها حيث  غنت للنضال والجيش والحركه الوطنيه ومن أشهر أغنياتها (العديل والزين ،الشيخ سيرو ،قمر السبوع ، المقدره ).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حكاية الطقطاقه :

بعد عودة حواء جاه الرسول محمد من سجن بربر كانت تترقب قيام المظاهرات  وهى تغنى فى بيوت الأفراح ليكن لها ماتريد حيث خرجت فى أولى المظاهرات تهتف (يسقط القائد العام )والذى كان بجوارها دونما تعلم حيث سدد لها لكمة أسقطت على إثرها  ثمانية من أسنانها  عاشت بدونهما دون اللجوء لعملية تجمل لأنها لا تريد أن تمسح تاريخها- كما خبرتنى فى أحد لقاءتى بها - وسجنت مرة أخرى لمدة أربعة عشر يوماً لتخرج وتنظم مظاهره أخرى فتصاب بطلق نارى فى العنق وأسفل القدم ومن ثم  أصبحت حواء تجوب مدن العاصمه الثلاثه (الخرطوم ،بحرى، أم درمان)وتتقدم كل مظاهره ولما كانت أعين المستعمر ترصد تحركاتها أطلق عليها القائد  الإنجليزى مستر دوين( الطقطاقه)وهى شجره بالخرطوم كانت تصدر( طقطقه )ويتساقط ثمرها فى مناطق مختلفه وهو تشبيه لكثرة مشاركة حواء فى المظاهرات ، فأرتبط إسمها بالطقطاقه وأصبحت رمزاً للنضال .

الطقطاقه  الوطن الكبير :

إستقبلت حواء الطقطاقه الرئيس الراحل ياسر عرفات بالغناء فى الخرطوم وذلك دعماً للقضيه الفلسطينيه وهتفت لنصرتها فأعجب بها أبو عماروأهداها شالاً وعقالاً ظلت تحتفظ بهما حتى فارقت الحياة كما ألتقت عديد من الرؤساء والملوك منهم معمر القذافى جمال عبد الناصر ،الأمير عبد الله بن عبد العزيز والملك فيصل وقامت بالغناء فى زواج (الملك فاروق) والملكه (ناريمان )وذلك فى حضور كوكب الشرق الست أم كلثوم والفنان الكبير محمد عبد الوهاب .

الطقطاقه وإستقلال السودان :

إنضمت حواء الطقطاقه إلى النضال ضد المستعمر منذ شبابها حتى  نال السودان إستقلاله فلم يكن هناك فى السودان من لايعرف حواء الطقطاقه المغنيه والمناضله فهى أول من تغنى للإستقلال ، وحينما علمت بأن العلم السودانى يحمل ثلاثة ألون قامت بحياكة ثوب سودانى قبل رفع العلم يحمل اللون الأزرق والأصفر والأخضر وظلت ترتديه طوال حياتها .

 

 

 

 

 

 

وصية الطقطاقه :

توفت في شهر ديسمبر 2012 ، وتركت وصيه تطلب فيها من أسرتها أن يسير جثمانها إلى منزل الزعيم  الراحل إسماعيل الأزهرى الذى قام برفع علم الإستقلال بمعية محمد أحمد المحجوب فى الأول من يناير للعام 1956موقد نفذ الجميع ما أرادت فقد سار موكب تشييع الجثمان سيراً على الأقدام من مقر إقامتها بحى الضباط بمدينة أم درمان إلىمنزل الزعيم الأزهرى ومن ثم إلى مقابر الشيخ حمد النيل بأم درمان حيث ورى الجثمان الثرى وبقيت الطقطاقه فى وجدان شعب سيظل يذكرها مابقيت الحياة .