تونس التاريخ والتقاليد والإنتماء المغاربي والعربي، تونس قصص الحكواتي "الفداوي" وخرافات أيام زمان، فن تقليدي عربي تمتاز به المنطقة العربية عامة وتونس خاصة رافق ليالي رمضان لسنوات وسنوات ومازال راسخا ليومنا هذا ولو خبى بريقه في بعض المواسم لكن يتجدّد باستمرار ويظل حاظرا بقوة خاصة في ليالي رمضان.

ارتبط الحكواتي في ذاكرة التونسيين بعبد العزيز العروي (1898-1971)، الحكواتي الأشهر في تاريخ تونس وهو من الأوائل في عالم الإذاعة التونسية، فالعروي من أشهر الحكائين وأبرزهم على الإطلاق، حيث خلف بعد رحيله أهم رصيد ومخزون من القصص والخرافات التي تبث إلى اليوم بالإذاعات والتلفزيون التونسي رغم مرور عقود على تسجيلها وقد صُوّرت بعض هذه الحكايات في سلسلة "حكايات عبد العزيز العروي" وعرضت على القناة التونسية وهي لا تزال تعرض بين الحين والآخر في وقتنا الحاضر وتحضى بنسب مشاهدة عالية.

الحكواتيّ أو ما يسمى بـ"الفداوي" في التقليد التونسي، شخصيّة شعبيّة تتميّز بقدرتها على حفظ عدد كبير من القصص والحكايات والخرافات والملاحم الشّعبيّة وسردها على النّاس في شكل بليغ ومؤثر سماعا وفرجة. كان الحكواتي مقيما عند باب المدينة العتيقة حيث يلتف حوله النّاس حلقاتٍ واسعةً، للإستمتاع بما يسرده وينسقه من خرافات وحكايات شعبية وملاحم تاريخية وسط انبهار السامعين وتركيزهم الكبير.

ويمثّل الحكواتي أهم عناصر الأجواء الرّمضانيّة بل وأبرزها في تونس قديما، إذ يجتمع الناس في المقهى، كباقي البلدان العربية، بعد الإفطار من أجل الإصغاء إلى الحكواتي.

الحكواتي في تونس.. فن منسي يتجددالحكواتي في تونس.. فن منسي يتجدد

عادت الخرافات والحكايات تؤثث السهرات الرمضانية بل وتدرّس في نواد ثقافية على مدى السنة بدور الثقافة والمكاتب العمومية التونسية لما تعود به من النفع اللغوي والثقافي والتراثي والإلقاء والحضور على الناشئة فتنظم هذه الفضاءات بين الحين والآخر تظاهرات للحكواتي والخرافة، وتنظم "أيام الفداوي" في تظاهرات منظمة تدوم لأيام في عديد الولايات والمدن التونسية. وخلال الشهر الكريم تنظم هذه الفضاءات وغيرها مهرجانات خاصة يرتادها الكبار والصغار بلهفة وإقبال كبيرين.

كذلك لم تتخلى المدينة العتيقة بالعاصمة تونس عن هذا التقليد وظل الحكواتي"الفداوي" ميزة لياليها الشهيرة الصاخبة فرمضان يحط رحاله وأجواءها كلها في المدينة العربي التونسية(المدينة العتيقة)، حيث مازال الحكواتي بلباسه التقليدي المميز يجوب أحياءها ضمن العروض الثقافية الخاصة ومهرجان المدينة الشهير الذي عاد هذا العام لتنظيم دورته الـ39 بعد انقطاع لعامين بسبب فيروس كورونا.

رمضان في تونس مازال وسيظل يعجّ بالحياة والتاريخ والعراقة والعادات، تمسكا من التونسيين بجذورهم وعودة من الأجيال الجديدة لرحاب الجدود وأيام زمان رغم زخم الحياة العصرية.