في ظل انعدام المؤشرات على تراجع انتشار “إيبولا”، قررت عدة مناطق في جميع أنحاء سيراليون خوض المعركة ضد الفيروس المميت بأيديها، عبر تشريع لوائح داخلية واتخاذ تدابير وقائية.
وفي حديث لوكالة الأناضول قال، “با أليمامي بونغو”، وهو زعيم منطقة “روكوبا” في الطرف الشرقي من العاصمة فريتاون: “وضعنا قوانين (لوائح داخلية) محلية تثني الناس عن الممارسات الثقافية والتقليدية التي أدانتها السلطات بوصفها تعزز انتشار إيبولا”.
وأضاف: “وفي الوقت الراهن، إذا ضبطنا أي أحد من أعضاء مجتمعنا يصافح باليد، سوف نفرض عليه غرامة قدرها 250 ألف ليون (50 دولارا أمريكيا)”.
وتابع: “في الواقع، حتى محاولة المصافحة تعني غرامة قدرها 100 ألف ليون (20 دولارا)”.
وبينما لا توجد أرقام رسمية لعدد سكان “روكوبا” المزدحمة والمكتظة للغاية، يقدر أن حوالي 6 آلاف شخص يقيمون في المنطقة، يعيش القطاع الأكبر منهم على أرصفة الميناء.
وأشار الزعيم “بونغو”، إلى أنه “لا يكاد يمر يوم حتى يكون لدينا حالة إيجابية بفيروس إيبولا في المنطقة”، لافتا إلى أن عدوى الفيروس المميت انتقلت إلى مجتمعهم من خلال امرأة حامل.
وأوضح: “مرضت هذه المرأة عندما وصلت هنا، وكانت ترعاها سرا بعض النساء الأخريات اللاتي قلن إنها كانت ممن تجرين ممارسة عادة ختان الإناث الشعبية التقليدية”.
ومضى الزعيم المحلي قائلا: “بعد وفاة هذه المرأة، أظهرت نتيجة اختبار مسحة (عينة منها) في وقت لاحق أنها مصابة بفيروس “إيبولا”، ثم بدأت تنتشر لدينا بسرعة حالات فيروس إيبولا في مجتمعنا”.
وقادت عمليات تفتيش من منزل لآخر، نفذها شباب من سكان المنطقة بدعم من مسؤولي التعبئة الاجتماعية من “مركز الاستجابة الوطني لإيبولا”، إلى اكتشاف أكثر من 40 مريضا، تأكد إصابة معظمهم بعد إجراء اختبارات في وقت لاحق، بينما يوجد في “روكوبا” الوقت الراهن 30 منزلا تحت الحجر الصحي.
ولفتت “بونغو” إلى أنه يتم فرض غرامة 500 ألف ليون سيراليوني (100 دولار) على أقارب المريض الذين لا يبلغون السلطات عنه/ عنها عبر خط (الهاتف) الساخن للحكومة.
وزاد: “نتوقع من الجميع في الوقت الراهن عدم الإبقاء على أي شخص مريض في منازلهم، ولكن الإبلاغ عبر رقم هاتف 117 أو حتى الاتصال بنا، لنقوم بإبلاغ العاملين الصحيين الحكوميين”.
وأضاف محذرا: “لكن إذا امتنعوا (عن إبلاغ السلطات)، وعثرنا على شخص مريض في أي منزل أثناء عمليات التفتيش، وسيتم تغريم صاحب المنزل 500 ألف ليون (100 دولار)”.
وأردف: “بالإضافة إلى ذلك، فإننا نتوقع أيضا من جميع أفراد المجتمع أن يبلغوا زعماء المجتمع قبل أن يستضيفوا زائرا جديدا في منازلهم، وعدم القيام بذلك سيعرضهم إلى غرامة 500 ألف ليون (100 دولار)”.
من أجل إنفاذ هذه اللائحة الجديدة، تم حشد شباب المجتمع ليكونوا بمثابة ضباط مراقبة كجزء من حملة شعارها “ووتش يو نيبا” الذي يترجم حرفيًا إلى “راقب جارك”.
من جانبه ألقى “سيميون مودوب براون”، وهو أحد قادة الشباب في المجتمع باللائمة على السكان المحليين لانتشار الفيروس.
وقال في حديث لوكالة الأناضول محذرا: “سوف نغرم أي شخص يمتنع عن الإبلاغ عن أي خرق للائحة”.
وأضاف غاضبا: “الناس يتصفون بالعناد حقا، فحتى بعد الكثير من التوعية من جانب السلطات ما زلنا نعثر على المرضى في المنازل، ولكن هذه اللوائح الجديدة ساعدتنا كثيرا”.
وأوضح “الناس بدأوا يتغيرون، ويوقفون الممارسات السيئة. إذا نجح شيوخ القبائل في الحفاظ على هذه اللوائح، سنتمكن من القضاء على فيروس إيبولا هنا (في المنطقة)”.
وكان الرئيس إرنست كوروما، بدأ جولة في جميع أنحاء البلاد كجزء من حملة التعبئة الاجتماعية لمشاركة المجتمع المحلي في المسؤولية عن مكافحة فيروس إيبولا.
وخلال لقاءاته مع قادة المجتمع المحلي، نصحهم كوروما باتخاذ إجراءات شخصية لكسر سلسلة انتقال الفيروس عن طريق إدخال لوائح (قوانين داخلية) يلتزم بها الناس على مستوى المجتمع.
من جهته، ناشد الزعيم بونغو، الحكومة لتقديم المزيد من الدعم لسكان مجتمعه، مشيرا إلى أن نقص الإمدادات الغذائية الكافية يمثل أحد الصعوبات للمنازل تحت الحجر الصحي.
ونوه إلى أن “الأشخاص في البيوت المعزولة صحيا يشكون من نقص الإمدادات الغذائية التي توفرها السلطات”، لافتا إلى أنه حتى الأشخاص العاديين تأثروا بصعوبة العثور على وجباتهم اليومية في هذه الأيام.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، في أحدث بياناتها، أن عدد الوفيات جراء الإصابة بفيروس إيبولا، 8235 شخصا، بينهم 2943 في سيراليون من أصل 20 ألف و747 إصابة.
وأشار بيان المنظمة، إلى أن 274 شخصاً، فقدوا حياتهم في دول غرب أفريقيا (ليبيريا، وغينيا، وسيراليون) المنكوبة، الأسبوع الماضي، جراء إصابتهم بفيروس إيبولا، فيما توفي في مالي 6 أشخاص، ونيجيريا 8 أشخاص، وشخص واحد في الولايات المتحدة، نتيجة إصابتهم بالفيروس.
وتسبب إيبولا في وفاة 3496 شخصا في ليبيريا التي سجلت انخفاضا على مستوى انتقال العدوى، بينما سجلت غينيا 1781 وفاة من أصل 2775 حالة إصابة، فيما أودى الوباء في سيراليون بحياة 2943 شخصا من أصل 9780 إصابة.
وحذرت المنظمة الأممية، في ذات البيان، من أن الفيروس يقتل نحو 60 % من المرضى في المستشفيات و71% من المرضى الذين لا يتمتعون بأي علاج.