أكد المحلل الصحفي المصري المتخصص في الشأن الليبي عبد الستار حتيته أن زيارة وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو إلى طرابلس ما هي إلا استمرار للاحتلال التركي لكثير من المناطق العربية ومنها ليبيا، والعمل على ترسيخ هذا الاحتلال، ومحاولة إقناع باقي العالم بمشروعيته مبينا في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن زيارة وفد تركي إلى طرابلس يهدف للتأكيد على استمرار فاعلية مذكرات التفاهم التي وقعتها مع رئيس حكومة الوفاق سابقا فايز السراج سواء فيما يخص الاتفاق البحري أو الأمني

إلى نص الحوار:

أدى وزيرا خارجية ودفاع تركيا زيارة إلى طرابلس.. كيف تقرأ توقيت الزيارة؟

أعتقد أن الزيارة تأتي في إطار تحركات تركية عامة في المنطقة العربية، وذلك من أجل تثبيت أقدامها على الأرض أكثر من السابق، سواء في ليبيا أو العراق أو غيرهما.. تركيا تعمل وفقاً لمصالح قومية تخصها، وهي لديها قناعات قومية فيما يتعلق بكثير من الأدبيات السياسية المطروحة على الساحة الدولية والإقليمية. على سبيل المثال حين يتم الحديث عن المرتزقة الأجانب وعن القواعد العسكرية الأجنبية التي تقف وراءها تركيا في ليبيا، يفهم كثير من العرب أن المقصود هم المرتزقة الذين جلبتهم تركيا، وأن المقصود كذلك هي القواعد العسكرية التركية من مصراتة إلى الوطية، مرورا بطرابلس.. بينما نظام أردوغان ووزير خارجيته ورئيس مخابراته، لديهم رؤية مختلفة، إذ ينظرون إلى موضوع المرتزقة والقواعد الأجنبية باعتبار أن المقصود هم الروس.. والغريب أن هناك بعض الدول الغربية تعزف مع الأتراك على نفس اللحن.. لهذا أرى أن زيارة أوغلو إلى طرابلس ما هي إلا استمرار للاحتلال التركي لكثير من المناطق العربية ومنها ليبيا، بل العمل على ترسيخ هذا الاحتلال، ومحاولة إقناع باقي العالم بمشروعيته.

برأيك ما نتائج هذه الزيارة؟

تركيا تسعى للحصول على ثروات الليبيين. لهذا فهي تحاول أن تستحوذ على مليارات الدولارات باعتبار أنها تعويض للشركات التركية التي كانت تعمل في ليبيا قبل عام 2011. وتسعى أيضا للاستحواذ على كعكة الإعمار في المشروعات المستقبلية.. وتريد كذلك أن تؤكد على استمرار فاعلية مذكرات التفاهم التي وقعتها مع رئيس حكومة الوفاق سابقا فايز السراج سواء فيما يخص الاتفاق البحري أو الأمني..  

إلى أي مدى تتوقع أن تغير تركيا نهجها العسكري تجاه ليبيا وتلجأ للحلول الدبلوماسية؟ 

في رأيي النظام التركي الحالي يشبه إلى حد كبير طريقة تفكير جماع الإخوان.. وهو تفكير يقوم على المصالح الخاصة دون أي اعتبار لا للاتفاقيات ولا للعهود والمواثيق.. لهذا لا أتوقع أن تغير من نهجها العسكري في ليبيا، بل سوف تستمر في التواجد في شمال غرب ليبيا، وسوف تواصل تشجيع بعض الأطراف الليبية على مهاجمة الأطراف الأخرى.. أقصد أنها سوف تحث حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والميليشيات التي تدور في فلكها على التحرش بقوات الجيش الوطني الليبي في سرت والجفرة. لقد اتبعت مثل هذه السياسة في الماضي، ولا يبدو أنه يوجد أي تغير في التوجهات التركية..   

برأيك لماذا تصر بعض الأطراف على عدم فتح الطريق الساحلي؟

أرى أن بعض ميليشيات مصراتة هي من تقف وراء استمرار غلق الطريق الساحلي. كثير من القوى في مصراتة ما زالت تتخوف من قوة الجيش الوطني الليبي الموجود في سرت. لهذا هي تظن أن فتح الطريق الساحلي يمكن أن يؤدي إلى تسلل عناصر من الجيش إلى مصراتة. كما أن بعض الميليشيات المصراتية تحاول استخدام معضلة الطريق الساحلي في تحقيق مكاسب لها.. وأهم هذه المكاسب هي العمل على إضعاف الجيش الوطني أو إبعاده إلى إجدابيا وبنغازي شرقاً.   

هل توجد أسباب منطقية لعدم فتح الطريق؟

لا توجد أسباب يتقبلها العقل بخصوص عدم فتح الطريق الساحلي حتى الآن.. وما يقال عن إزالة الألغام، هو مجرد مبررات غير واقعية.. والسبب الرئيسي في رأيي هو محاولة قوى في شمال غرب البلاد تحقيق مكاسب من وراء موضوع غلق الطريق الساحلي.

كيف يؤثر هذا التعنت على العملية السياسية في ليبيا؟

من شأن الاستمرار في غلق الطريق الساحلي إضعاف الحكومة الجديدة، وبالتالي إيجاد شكوك قوية بشأن إجراء الانتخابات العامة في موعدها في ديسمبر المقبل.. 

برأيك هل تحاول المليشيات إحراج حكومة الوحدة الوطنية؟ 

نعم.. هذا صحيح إلى حد كبير.. فالميليشيات سواء في مصراتة أو طرابلس أو الزاوية أو غيرها، تحاول أن تجري تحركات من أجل تحقيق مكاسب لها ولأمرائها، أو الدخول في عملية إعادة تموضع لقواتها والتحرش بقوات أخرى، ميليشياوية أيضا، في سبيل إحراج الحكومة والدخول معها في مفاوضات مبنية على الابتزاز أساساً. وأعتقد أن هذا الأمر يجري في الوقت الراهن بوتيرة متسارعة.. 

هل تهدد أزمة المليشيات والمرتزقة الاستحقاقات السياسية القادمة؟

استمرار وجود المرتزقة واستمرار وجود الميليشيات، يعني بكل بساطة تعطيل الاستحقاقات السياسية وأهما الانتخابات وتوحيد المؤسسات وغيرها.. 

إلى أي مدى يمكن القول أننا مازلنا ندور في المربع الأول ولم يتم تحقيق تقدم حقيقي في العملية العسكرية؟

سبق لرئيس الحكومة الدبيبة أن أشار إلى توحيد نحو 80 في المائة من المؤسسات الليبية. وهذا القول يبدو مخادعاً إلى حد كبير.. لأنه بدون توحيد المؤسسة العسكرية لا يمكن الحديث عن توحيد أي مؤسسات أخرى.. لهذا طالما ظلت المؤسسة العسكرية منقسمة، فإن ما تقوم به الحكومة يشبه الحرث في البحر. ويمكن القول إن الكل ما زال يدور في المربع الأول فعلاً

كيف قرأت بيان لجنة 5+5 والتلويح بكشف المعرقلين لفتح الطريق؟ ما السيناريوهات المتوقعة فيما يتعلق بعمل اللجنة العسكرية وتحديدا فتح الطريق الساحلي؟

في الوقت الراهن لا أرى أنه يمكن التعويل كثيرا على لجنة 5+5 ولا على التصريحات التي تطلقها بين حين وحين.. ما زالت توجد عدم ثقة داخل اللجنة. وأعتقد أنه في حال الكشف عن المعرقلين، حقاً، فإن اللجنة يمكن أن تنتهي إلى الفشل.. المشكلة كما أظن تتلخص في أنه لا توجد ثقة تذكر بين أطراف اللجنة العسكرية، أي أن مجموعة شمال غرب ليبيا ما زالت تتعامل مع مجموعة الجيش الوطني، وفقا للأدبيات التي تتردد في تركيا وتتردد على ألسنة بعض أمراء الميلشيات.  

هل تملك البعثة الأممية وسائل الضغط التي تجبر المعرقلين على فتح الطريق؟

لا أعتقد ذلك.. البعثة الأممية ليس في يدها سلاح. وكل ما يمكن أن تقوم به هو تقديم التوصيات للأطراف المختلفة. الأمر يتطلب وجود توافق دولي. المشكلة أن هذا التوافق الدولي غير موجود. الموجود هو صراع كبير تبدو مظاهره واضحة على الأراضي الليبية.   

ما الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي لإنقاذ المسار السياسي في ليبيا؟

طالما ظل منقسما بين روسيا وأمريكا، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يحقق أي معادلة ناجحة لإنقاذ المسار السياسي في ليبيا. وفي رأيي أن المجتمع الدولي لا يعنيه المسار السياسي كثيرا.. ما يعنيه في الحقيقة تقسيم الثروة الليبية على أعضاء حلف الناتو. تركيا عضو مهم في حلف الناتو. وروسيا، من جانبها، وباعتبار أنها خارج هذا الحلف، تحاول أن تضغط للحصول على مكاسب هي الأخرى..