ما تزال قضية ما يسمى ب "المدرسة القرآنية" بالرقاب من محافظة سي بوزيد، وسط غرب تونس، تثير جدلا واسعا في البلاد وصدمة للرأي العام لما تم كشفه من كواليس خطيرة وفظاعات داخلها، وعلى رأسها تلقين أطفال قصر التطرف والإرهاب والإعتداء عليهم جنسيا والإتجار بهم تحت غطاء الدين.
وأكدت وزيرة المرأة وشؤون الأسرة والطفولة نزيهة العبيدي،  خلال جلسة استماع بالبرلمان اليوم الأربعاء 6 فيفري 2019، أن عددا من الأطفال ب"المدرسة القرانية" بالرقاب واجهوا اعتداءات جنسية واغتصاب حسب ما تم الكشف عنه .
وأضافت العبيدي أن الإعتداءات الجنسية التي طالت الأطفال الذين كانوا ب"مدرسة" الرقاب تمت بصفة متكررة على البعض منهم،  الأمر الذي سيخلف اثارا خطيرة ووخيمة على نفسية هؤلاء الأطفال. 
كما كشفت العبيدي أن مجموعة كبيرة من أطفال ما يسمى ب "المدرسة القرانية" بالرقاب لا يعترفون بمدنية الدولة، وأنهم يصرون فقط على حفظ القران. وأضافت أنه تم تمكين هؤلاء الأطفال من 40 مصحفا داخل "المدرسة" المذكورة.
من جانبها، كشفت رئيس الإدارة الفرعية للوقاية الإجتماعية بوزارة الداخلية روضة بيوض أنه تم إيقاف صاحب "المدرسة" انفة الذكر والشخص الذي اعتدى جنسيا على عدد من  الأطفال.
وأشارت بيوض إلى أن بعض الأطفال من "المدرسة القرانية" بالرقاب رفضوا التواصل والتعامل مع العناصر النسائية إثر تدخل هياكل الدولة المعنية بهذا الملف.
وأكدت ممثلة وزارة الداخلية أن العناصر النسائية التابعة للهياكل المتدخلة لاقت الصد من طرف عدد من الأطفال الذين رفضوا حتى مصافحتهن أو الحديث معهن.
وفي السياق ذاته، أكدت رئيسة الهيئة التونسية لمكافحة الإتجار بالبشر روضة العبيدي، في تصريحات إعلامية اليوم الأربعاء، أن أطفال ما يسمى ب "المدرسة القرانية" بالرقاب كانوا مجبرين على ارتداء لباس طالبان (القميص والقبعة ) .
كما أكدت العبيدي أنهم كانوا يتناولون الأكل على الأرض (وضعية القرفصاء) لأن الجلوس على كرسي وتناول الطعام فوق طاولة أمرا ممنوعا، وفق ما يتم تلقينهم من المشرفين على "المدرسة".
وشددت على أن هؤلاء الأطفال لا يتعاملون مع المرأة رغم صغر سنهم ، بالاضافة الى أنهم تعرضوا لانتهاكات إنسانية بشعة وترهيب على غرار التعرض للجلد على مستوى الساقين عندما يتخلفون عن النهوض باكرا لأداء صلاة الفجر.
وأكدت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر على أن عدد كبير من هؤلاء الأطفال يعيشون حاليا مشاكل صحية متنوعة كمرض القلب وضيق التنفس وأمراض جلدية والقمل وصعوبات في المشي بسبب ضربهم ب"الفلقة" ، إلى جانب تعرض عدد منهم للإغتصاب.
وأوضحت العبيدي أن "المدرسة القرآنية" بالرڤاب هي معسكر لتعليم الأطفال القتال و من ثمّ إرسالهم كقنابل موقوتة إلى بؤر التوتر . 
 وأضافت أن الأكل الذي كان يتم تقديمه إليهم غير صحي و في أغلب الأحيان فاسد بعد أن تغزوه الديدان في إطار ما يعرف ب "جهاد النفس" .
وتابعت بقولها: "الفلقة حاضرة و بشدّة، والعقوبات تمتد من عشرة إلى عشرين جلدة حسب نوع الخطأ، مثلا عدم إرتداء لباس غير أفغاني. 
ولفتت العبيدي إلى أن الساعة غير موجودة بالفضاء المذكور، وأن المواقيت بمواعيد الصلاة.
وأكدت العبيدي أن حالتان على الأقل ثابتتان لإغتصاب طفلين، إلى جانب أن 20 طفلا يعانون من صعوبات في التنفس ومن أمراض قلبية ولا يقوون على المشي بسبب تعرضهم إلى الضرب ب "الفلقة".
وعقدت لجنة شؤون المرأة والطفولة والشباب بالبرلمان التونسي، اليوم الأربعاء، جلسة إستماع مشتركة لوزيري الشؤون الدينية والمرأة حول الملف المذكور، في حين حضرت رئيسة الإدارة الفرعية للوقاية الإجتماعية بوزارة الداخلية روضة بيوض ممثلة عن الوزير الذي كان من المزمع الإستماع إليه اليوم.
يشار إلى أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد قام إثر كشف هذا الملف بإعفاء محافظ (والي) سيدي بوزيد ومعتمد الرقاب من مهامهما, ومن المنتظر أن تتوسع قرارات الإقالات خلال الساعات المقبلة لتشمل مسؤولين جهويين و إطارات أمنية عليا بالجهة.
إلى ذلك، أعلنت المحكمة الإدارية، في بلاغ للرأي العام أمس الثلاثاء، أنها رفضت مطلب إيقاف تنفيذ قرار محافظ سيدي بوزيد القاضي بغلق فضاء "جمعية قرانية" في القضية المرفوعة من الممثل القانوني لجمعية "إبن عمر لتحفيظ القران" بالرقاب ضد محافظ سيدي بوزيد بموجب القرار الصادر تحت عدد 418771 بتاريخ 28 سبتمبر 2015.
وأكدت المحكمة الإدارية أن هناك ثلاث قضايا في الأصل منشورة لدى الدوائر الإبتدائية لديها بين نفس الأطراف مرسمة تحت الأعداد 144816 و144870 و 145992 لازلت جميعها في طور التحقيق ولم يقع البت فيها إلى حد هذا التاريخ.
وبتاريخ 31 جانفي 2019 داهمت الوحدات الأمنية الفضاء المذكور، أين تم العثور على 42 طفلا بين( 10 و18 سنة) و27 راشدا (بين 18 و35 سنة) تبيّن أنهم يُقيمون اختلاطا بنفس المبيت في ظروف لا تستجيب لأدنى شروط الصحة والنظافة والسلامة وجميعهم منقطعون عن الدراسة، كما أنهم يتعرّضون للعنف وسوء المعاملة ويتم استغلالهم في مجال العمل الفلاحي وأشغال البناء ويتم تلقينهم أفكارا وممارسات متشددة.
وبإذن من النيابة العمومية بسيدي بوزيد، تم الاحتفاظ بصاحب المدرسة من أجل "الاتجار بالأشخاص بالاستغلال الاقتصادي لأطفال والاعتداء بالعنف" ومن أجل "الإشتباه في الانتماء إلى تنظيم إرهابي" كما تم الاحتفاظ بامرأة عمرها 26 سنة اعترفت بزواجها من المعني على خلاف الصيغ القانونية.
كما أذنت النيابة العمومية بإيواء الأطفال بأحد المراكز المندمجة للشباب والطفولة وتمكينهم من الرعاية الصحية والنفسية والإجتماعية اللازمة.
وأكد طبيب الصحة العمومية إصابة البعض من هؤلاء الأطفال بعدة أمراض كضيق التنفس والجرب والقمل.
وتعهدت النيابة العمومية بمحافظة سيدي بوزيد بشكاية تقدم بها مندوب حماية الطفولة بالجهة، لتأذن بفتح بحث تحقيقي بناء على وجود شبهة استغلال أطفال موجودين ب"المدرسة" المذكورة.
واتخذ قاضي الأسرة بعض التدابير الإحترازية تتعلق بعرض الأطفال على مختصين نفسيين واجتماعيين وأطباء شرعيين حماية لسلامتهم البدنية والنفسية وتحقيقا لمصلحة الأطفال الفضلى.
جدير بالذكر أن هذا الملف الحارق تم كشفه انطلاقا من برنامج تلفزي بإحدى القنوات المحلية، ما أدى إلى تحرك السلط الأمنية التي قامت بمداهمة "المدرسة" المذكورة.
وظهر أحد أولياء الأطفال انفي الذكر ظهر، أمس السبت، في فيديو تم تداوله بكثافة على مواقع التواصل الإجتماعي هدد فيه الأمنيين بقوله "سنصطادكم نفرا نفرا"، وفق قوله.
ووفق اراء خبراء، وكذلك وفق ما تناقلته صفحات أمنية، فإن "المدرسة" المذكورة هي في حقيقة الأمر معسكر إرهابي يتم فيه دمغجة وتدريب الأطفال ثم إلحاقهم بشبكات التسفير نحو بؤر التوتر، وإعداد ما يسمى ب "جيش الإحتياط" لتأسيس ما يسمى ب "دولة الخلافة" في تونس.
ونشرت صفحة "فوج الطلائع للحرس التونسي"، أمس الثلاثاء" صورا مرفوقة بأسماء لعدد من الإرهابيين الذين التحقوا انطلاقا من هذا الفضاء بالتنظيمات الإرهابية بسوريا، ومنهم من قتل هناك.