تواردت الأنباء حول إستهداف الجيش الليبي خلال عملية نوعية بمنطقة سبها جنوب ليبيا،لقيادات بارزة بتنظيم "القاعدة" وذلك بعد أيام من شن عملية في الجنوب لتأمين منشآت النفط والغاز ومحاربة المتشددين العصابات الاجرامية التي انتشرت في هذه المنطقة مستغلة غياب سلطة الدولة.

وسرعان ما إتضحت الصورة مع إعلان الناطق باسم الجيش العقيد أحمد المسماري "عن مقتل الإرهابي عبدالمنعم الحسناوي المكنى بأبي طلحة والإرهابي المهدي دنقو والإرهابي المصري عبدالله الدسوقي في عملية نوعية قامت بها مجموعة العمليات الخاصة المشكلة من كتيبة شهداء الزاوية وكتيبة طارق بن زياد فجر الجمعة بمنطقة الشاطئ في الجنوب الغربي".

ونقل المسماري،عن غرفة "عملية الكرامة"، أنه "بعد توفر معلومات عن وجود عناصر إرهابية في أحد المواقع شمال غربي مدينة سبها بنحو 60 كيلومتراً، توجهت مجموعة العمليات الخاصة المشكلة من كتيبتي شهداء الزاوية، وطارق بن زياد، ونفذت عملية نوعية بمنطقة الشاطئ (جنوب غرب)، فجر الجمعة، أسفرت عن مقتل الإرهابيين الثلاثة".

وتعتبر هذه العملية ضربة قاصمة للتنظيمات الإرهابية في جنوب البلاد،فأبو طلحة الليبي يعتبر أحد أبرز القيادات الإرهابية ليس في ليبيا فحسب إنما كان أيضا من بين القيادات التي شكلت جبهة النصرة في سوريا قبل أن يعود إلى ليبيا عقب إطلاق المشير خليفة حفتر عملية الكرامة في مدينة بنغازي في مايو 2014.

ويعد أبو طلحة الليبي المسؤول عن الهجوم الواقع على قاعدة براك الشاطئ، منتصف العام 2017، التي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى.كما لم يقتصر نشاط القيادي الإرهابي في ليبيا فقط، بل امتدّ إلى الدّول المجاورة، وذلك من خلال إشرافه على الدّعم اللوجستي، للكيانات الإرهابية الموجودة فيها، وتركّز نشاطه مؤخرًا على الجنوب الليبي.

ونقلت "سكاي نيوز عربية"،عن الناطق باسم الجيش الليبي، العميد أحمد المسماري،قوله إن مقتل الحسناوي يمثل "ضربة معنوية قوية للإرهابيين بأنهم في مرمى الجيش الوطني الليبي بأي مكان".

وأضاف المسماري:أن "لقتل الإرهابي الحسناوي أهمية كبيرة تتمثل بقطع الاتصال بين الإرهابيين في المغرب العربي وأولئك المتواجدين بليبيا"، مشددا على أن "القوات المسلحة الليبية باتت قادرة على التعامل مع الإرهابيين واكتسبنا خبرة كبيرة في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة".

ومن جهة أخرى،فإن عملية الجيش الليبي،أدت لمقتل قياديين آخرين اللذين لا يقلان أهمية عن الحسناوي،حيث يعتبر المهدي دنقو المكنى بـ"أبي بركات"،أحد أبرز القيادات الإرهابية في ليبيا.وهو من مواليد مدينة سرت عام 1981،وهو المتورط الأول فى جريمة ذبح الأقباط المصريين فى مدينة سرت،ومؤسس ما يعرف بـ"جيش الصحراء" فى مدن الجنوب وأحد أبرز المطلوبين لمكتب النائب العام الليبي.

أما عبدالله الدسوقي،فهو مصري الجنسية، كان أحد العناصر الإرهابية بمدينة درنة الليبية قبل تحريرها على يد الجيش الليبي حيث فر منها إلى جنوب ليبيا، ويعتبر الدسوقي أحد أبرز مساعدي ضابط الصاعقة المصري الإرهابي هشام العشماوي، والذي تم القبض عليه في عملية أمنية للجيش الليبي، ويعتبر الدسوقي حسب مصادر عسكرية ليبية هو المسؤول عن العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا حافلتين للأقباط في المنيا قرب دير الأنبا صموئيل.

ويفتح استهداف أبو طلحة الليبي ومجموعته الإرهابية،الباب أمام حقيقة تواجد التنظيم في الجنوب الليبي وصحة تمركز قياداته في هذه المنطقة للنشاط والتخطيط.وطالما حذر مسؤولون ليبيون وغربيون من خطر المتشددين المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة والذين يستخدمون جنوب ليبيا قاعدة لهم.

ويرتبط الجنوب الليبي،دائما بالإنفلات الأمني وبتحرّكات العناصر المشبوهة، فهو يعد منطقة مفتوحة عجزت الدولة على بسط سيطرتها الأمنية عليه، ثم إن شساعة مساحته جعلته مناخا ملائما لنشاط المتطرفين والمهربين خاصة المناطق المحاذية لحدود الجزائر والنيجر، حيث تتقاطع فيها طرق التهريب والتجارة غير المشروعة.

وتصاعدت في الفترة الماضية مخاوف وتحذيرات من تفاقم المخاطر في الجنوب الليبي واستغلال حالة الفراغ الأمني وغياب الدولة،وهو ما دفع بالجيش الليبي إلى التحرك لبسط سيطرته.وأعلن المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، في الخامس عشر من الشهر الجاري عن انطلاق عملية عسكرية شاملة في الجنوب الغربي.

وعقب ذلك وصلت تعزيزات وآليات عسكرية ضخمة إلى قاعدة "تمنهنت" الجوية بمدينة سبها، لمساندة القوات المسلحة الموجودة في الجنوب، في استعادة السيطرة على المنطقة، التي أصبحت مرتعا للعصابات المسلّحة والتنظيمات المتطرفة العابرة للحدود، التي تسيطر على أهم المسالك الصحراوية وطرق التهريب، كما تمارس الخطف مقابل الفدية وتكدّس الأسلحة.

وبالإضافة إلى المجموعات الإرهابية المتطرفة، يعاني الجنوب أيضا من انتشار عصابات مسلحة تابعة للمعارضة التشادية.وتتمركز تلك العصابات في عدة مناطق جنوب ليبيا، منها جبال تربو، وبن غنيمة، ومنطقة "أم الأرانب".بحسب تقارير إعلامية.

وقال مبعوث الأمم المتحدة رئيس بعثتها للدعم في ليبيا، غسان سلامة، إنّ الوضع في الجنوب الليبي لا يزال متدهورًا ومثيرًا للقلق، واصفًا المنطقة بـ"خاصرة ليبيا الضعيفة".وأشار سلامة خلال إحاطة قدمّها لمجلس الأمن الدولي، الجمعة، إلى غضب أهالي الجنوب تجاه الوضع الحالي، لافتًا إلى أن هذا الغضب "مُكلِّف".

وتعد العملية العسكرية في الجنوب تطورا كبيرا في هذه المنطقة الشاسعة، التي ستحقق استعادتها عددا من الأهداف العسكرية والاستراتيجية في اتجاه تحرير كافة الأراضي الليبية.فالحدود التي تمتد على طول 4389 كيلومترا وتتقاسمها ليبيا من الجنوب مع السودان وتشاد والنيجر، أضحت هاجسا أمنيا ومعبرا مفتوحا للجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية، لتشكل عائقا أمام استعادة الأمن وتوجيه التنمية في مناطق الجنوب.

ويعد الجنوب الليبي أكثر الجبهات تأثرا بحالة الفوضى السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد،ويعتبرالعديد من المراقبين،أن هذه المنطقة هي الحلقة الأضعف أمنيا،ويسعى الجيش الليبي لبسط سيطرته عليها في إطار جهوده المتواصلة.