“المهنة تاجر مخدرات ” .. يمكن أن تقرأ هذا التوصيف لشخص ما في محضر لقسم الشرطة، ولكن أن يتم استدعاء الرجل بهذا التوصيف إلى برنامج تلفزيوني، ويقدم به للجمهور، فهذا هو الجديد، الذي تقدمه قنوات مصرية خاصة.
فقد حل شخص يدعى” سيد جميل” السبت الماضي، ضيفا على برنامج ” كلام في سرك” بفضائية “الحياة” الخاصة، ليتحدث عن تجربته الخاصة، في كيفيه انتقاله من متعاطٍ للمخدرات إلى متاجر بها.
وظهر تاجر المخدرات مرتديا باروكة (شعرا مستعارا)، ومخفيا وجهه خلف نظارة شمسية، ليثير ظهوره جدلا حول طبيعة اهتمامات البرامج الحوارية (توك شو)، لا سيما أن هذه الحلقة جاءت بعد أيام من حلقة للإعلامية ريهام سعيد الأربعاء الماضي على قناة ” النهار ” الخاصة، استضافت فيها خمس فتيات تدعين النزول تحت الأرض يوميا لمقابلة الجن.
وعرضت ريهام سعيد خلال الحلقة لما أسمته بـ “مس الجن للإنسان” من خلال هاته الفتيات، وطالبت مشاهديها بأن تكون أعمار متابعي الحلقة أكبر من 21 عامًا، قائلة في برنامجها: ” الحلقة اليوم للكبار فقط”.
ومن مقابلة الجن إلى الملائكة، ادعى أحمد شاهين، الذي يقدم نفسه كعضو للاتحاد الأمريكي للفلكيين، أنه تمكن من مقابلة أحد الكائنات المسماة بـ”الوتشرز″ والمعروفين عند الإنسان بالملائكة وذلك في رحلة قام بها إلى واحة سيوة، غرب مصر، على حد قوله.
وفي مداخلة هاتفية مع برنامج “90 دقيقة” على فضائية المحور الخاصة يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، قال شاهين إن مهمة هذه الكائنات هي مساندة الإنسان في مقابل أجناس أخرى ترغب في الحصول على خيرات الأرض.
ووصف “شاهين” الكائن الذى قابله بأنه يشبه الإنسان إلا أنه مجنح وأطول بقدر قليل عن البشر، إضافة إلى أنه يتحدث جميع اللغات، التى تتضمن منها العربية وأن لغتهم الأصلية هي السومرية التي اشتقت منها اللغة العبرية.
وأحدثت هذه النوعية من الضيوف جدلا واسع النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي، وتساءل الإعلامي خيري رمضان في برنامجه على قناة “سي بي سي” الخاصة يوم السبت الماضي عن الجدوى من حلقة مقابلة الفتيات للجن.. وأضاف: “على الإعلام أن يصوب نفسه، لأن الناس لم تعد تطيقنا”.
وعلق الإعلامي تامر أمين على هذه النوعية من الضيوف وقال في برنامجه على قناة “روتانا مصرية” (خاصة) يوم الجمعة الماضية: “يجب أن نبتعد عن إعلام الجن والعفاريت ونعود لإعلام البشر والناس العادية التي ميزها الله بالعقل”.
وأضاف: ” ممكن أن تجذب هذه الحلقات نسبة مشاهدة كبيرة، لكن أي مشاهدة التي نريد، المشاهدة التي تكون نتيجتها تخلفا، أنا رأيي أن هذه المشاهدات رخيصة ونجاح رخيص مبني على دمار عقلية المجتمع″.
ومن جانبه، قال حسين أمين استاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية، إن هذا النجاح إن تحقق لن يدوم طويلا، وفي حديث مع وكالة الأناضول أوضح أمين أن الانسان مع أول اصطدام بالواقع الحياتي ومشاكله صباحا سيهمل الرسالة الإعلامية التافهة التي شاهدها بالمساء.
وأضاف ” الإعلام الذي يعيش هو الذي يتعامل مع مشاكل الناس، أما هذا الإعلام الأصفر فمصيره إلى زوال “.
وتعجب أمين من التوجه الواضح نحو هذه المناطق غير المرئية وغير المحسوسة ، وقال: “بصراحة أنا أستغرب انه في الوقت الذي نريد أن ننهض ببلدنا، يتم تقديم هذه الوجبات التغييبية عبر الإعلام”.
ولا يرى أمين أن هناك توجها سياسيا نحو هذا “التغييب”، وأرجعه إلى “صراع جذب المشاهد” بين الفضائيات، مضيفا: “في هذا الصراع يتم إعطاء الأولوية والأهمية لنسبة المشاهدة التي تجلب الإعلان، حتى لو كان ذلك على حساب الصالح العام”.