تعد سنة 2014 من أصعب الأعوام التي مرت بها الجزائر على كل الجبهات, بسبب ما ميزها من فضائح سياسية و اقتصادية و مالية ورياضية.., ناهيك عن الإنفجار الاجتماعي الذي شهدته مختلف القاطاعات الحيوية على غرار التربية والتعليم والإسكان والشغل.

فراغ سياسي بسبب مرض بوتفليقة

على المستوى السياسي صنع ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفلقية لعهدة رئاسية رابعة على التوالي وهو في حالة صحية يرثى لها , الحدث محليا ودوليا , حيث شكل وضعه الصحي وهو كرسي متحرك مادة دسمة بالنسبة للمعارضة من أجل المطالبة بإنتخابات رئاسية مسبقة على إعتبار أن الرئيس عاجز تماما عن أداء مهامه الدستورية, وأن الساحة السياسية في البلاد تعاني من فراغ سياسي رهيب.

وقد صنفت المعارضة ترشح بوتفليقة وهو على هذا الوضع الصحي , بالأمر الخطير على مستقبل البلاد وأمنها وإستقرارها , سيما في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة التي تشهدها دول الجوار , إضافة إلى أن الجزائر مستهدفة بالإرهاب والربيع العربي.. وغيرها من المخاطر الخارجية التي رهنت المستقبل السياسي للبلاد.

كما إستغلت المعارضة قضية علاج الرئيس بوتفلقية في المستشفيات الفرنسية , لكي تشحذ سكاكينها ضد السلطة , من خلال التحالفات الحزبية التي قامت بها المعارضة بهدف تشديد الضغط على النظام , حيث نجحت الى حد بعيد في ضرب مصداقية الحكومة بسبب هذه القضية التي لازالت تسيل الكثير من الحبر.

عبد المالك سلال ..أغرب رئيس حكومة في تاريخ الجزائر

بات إسم الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال , من أكثر الأسماء تداولا لدى الجزائريين سنة 2014 نظرا لخرجاته السياسية الغريبة الأطوار وتصريحاته الساخرة التي تجاوز صداها حدود البلاد.

فمنذ توليه رئاسة الحكومة الجزائرية , برز عبد المالك سلال بأسلوبه السياسي الساخر من خلال استعمال خطاب سياسي أثار الكثير من الجدل في الساحة السياسية الوطنية والعربية والإقليمية,بعدما فاجأ الجميع بعبارات غير موجودة في قاموس السياسة والديبلوماسية.

وتبقى عبارة " الفقاقير " التي نطق بها خلال زيارته لإحدى مدن الجنوب الجزائري في مطلع سنة 2014 , والتي كان يقصد بها " الفقراء" , أغرب تصريح رسمي لمسؤول جزائري أمام الشعب , حيث لم يجد لها المختصون والعارفون بخبايا السياسة أي تفسير آخر, غير تصنيفها ضمن خانة ضعف الثروة اللغوية لدى أغرب رئيس حكومة في عهد الجزائر المستقلة.

كما وصف عبد المالك سلال من طرف رجال الساسة والإعلام في الجزائر بأنه رجل المطافئ , لكونه إستلم مهام رئاسة الحكومة في توقيت حساس جدا بالنسبة للساحة السياسية الجزائرية بسبب أزمة الإحتجاجات الإجتماعية التي تشهدها الجزائر من طرف طالبي السكن والعمل ... حيث قام سلال بسد الفراغ الكبير الذي تركه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بسبب غيابه الطويل عن الساحة السياسية بسبب مرضه الذي منعه من أداء مهامه كرئيس للبلاد .

من محاربة القاعدة الى مطاردة داعش

رغم تحسن الأوضاع الأمنية في الجزائر , إلا أن فلول الجماعات الإرهابية الناشطة تحت لواء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لازالت تعكر الأجواء الجزائرية بنشاطاتها الإرهابية المعزولة من حين الى آخر , حيث شهدت سنة 2014 عدة أعمال ارهابية تمركزت على وجه التحديد في منطقة القبائل بعد اختطاف وقتل الرعية الفرنسي إيرفي غوردال , إضافة الى المدن الجنوبية الحدودية مع ليبيا ومالي والنيجر , أين دخلت قوات الجيش الجزائري في حالة استنفار قصوى منذ عدة أشهر لمطاردة الإرهابيين ومهربي الأسلحة والوقود والمواد الغذائية...

لكن الظاهرة الإرهابية الجديدة التي شهدتها الساحة الجزائرية في سنة 2014 , هي ظهور تنظيم داعش , فرغم أن السلطات الأمنية في الجزائر تنفي وجود مثل هذا التنظيم الإرهابي على الأراضي الجزائرية, إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن تنظيم الدولة الاسلامية قد تجاوز الحدود البرية الجزائرية سواء من الجهة الشرقية مع تونس , أو الجهة الجنوبية مع ليبيا ومالي , وفي جميع الأحوال فإن الجيش الجزائري أكد استعداده لمحاربة كل التنظيمات الإرهابية سواء تعلق الأمر بالقاعدة أو داعش, وما نجاح قوات الجيش في قتل حوالي 105 ارهابي على مدار سنة 2014 لخير دليل على الضربات القوية التي وجهتها الجزائر للإرهاب الدولي الدي يترصد بها.

فضائح الفساد وفرار شكيب خليل

تعد فضيحة الفساد والرشوة التي تم تفجيرها وكشف خيوطها بشركة النفط الجزائرية العالمية " سوناطراك" , سنة 2014 أكبر فضيحة فساد عرفتها الجزائر المستقلة نظرا للأموال الضخمة والصفقات المشبوهة التي تم إبرامها في هذا الإطار , والتي كان وراءها الوزير السابق للطاقة شكيب خليل والذي يوجد حاليا في حالة فرار بسبب متابعته من طرف العدالة, حيث لازالت هذه القضية تكشف يوميا عن تجاوزات خطيرة وهدر للمال العام على مرآى الشعب وأمام صمت الجهات الرسمية.

وإضافة الى فضيحة سوناطراك , فقد عاشت الجزائر خلال هذه السنة العديد من فضائح التسيير ونهب المال العام , على غرار ما وقع مع مشروع الطريق السيار شرق غرب والذي كلف خزينة الدولة أكثر من 14 مليار دولار , لكن نوعية الإنجاز لم ترق الى مستوى هذا المبلغ الضخم الذي شكك فيه خبراء الاقتصاد وطالبوا بإعادة فتح تحقيق معمق في هذا المشروع بسبب التلاعب بقيمته المالية من جهة , وبنوعية انجازه من جهة اخرآ خصوصا بعد تدهور وضعية أكثر من 300 كلم من إجمالي مسافته التي تقدر ب1200 كلم بعد حوالي ثلاث سنوات فقط من الإستعمال.

الغاز الصخري لمواجهة سقوط أسعار النفط

ستكون سنة 2014 شاهدة على شروع الجزائر في استغلال الغاز الصخري لاول مرة في تاريخها , وهذا رغم التحذيرات التي اطلقها خبراء الاقتصاد بشان المخاطر البيئية التي سيخلفها هذا الاستثمار.

وجاء استغلال الغاز الصخري بسبب تراجع اسعار النفط في السوق العالمية , حيث تراجعت عائدات النفط الجزائري في سنة 2014 بملياري دولار مقارنة بسنة 2013 , اي بخسارة 2 مليار دولار بسبب تهاوي سعر النفط.

وقد طمأن وزير الطاقة الجزائري، يوسف يوسفي، على هامش الشروع في عملية حفر أول بئر للغاز الصخري في منطقة عين صالح بالجنوب الجزائري بحقل لحنات، الذي تتجاوز مساحته 100 كلم مربع، بأن التقنيات المستعملة في حفر آبار الغاز الصخري لا تشكل أي تهديد على البيئة أو المياه الجوفية.

الإحتجاج على السكن والتشغيل

عرفت الجزائر خلال سنة 2014 إنفجارا إجتماعيا خطيرا , بفعل موجة الإحتجاجات التي شهدتها أكبر القطاعات الحيوية خاصة التربية والتعليم والصحة والإسكان, إضافة الى التشغيل , فلم تخلو بؤرة من التراب الوطني إلا وشهدت اضرابات واحتجاجات شعبية أو عمالية للمطالبة بتحسين ظروف المعيشة ورفع الأجور والحصول على سكن .., سيما في ظل الوعود المعسولة التي ما فتئت حكومة عبد المالك سلال تقدمها لهؤلاء المحتجين من أجل تهدئة غضبهم وربح المزيد من الوقت , خاصة مع الاحتجاجات التي عرفتها مدن الجنوب الجزائري إضافة , الى أحداث مدينة غرداية ,التي كادت أن تدخل سكان المنطقة في حرب أهلية بين الإباضيين والمالكييين, وهي الاحداث التي خلفت حوالي 10 قتلى ومئات الجرحى ناهيك عن الخسائر المادية المعتبرة.

عام أسود على قطاع النقل الجزائري

عاش قطاع النقل في الجزائر سنة 2014 أحد أسوء مراحله منذ استقلال البلاد سنة 1962 بفعل الحوادث المألمة والمميتة التي شهدها هذا القطاع في مختلف فروعه , ففي مجال النقل الجوي سجلت شركة الخطوط الجوية الجزائرية أخطر حادث إثر تحطم طائرة الرحلة "آي إتش 5017" بعد إقلاعها من شمال مالي، وعلى متنها 166 مسافرا وأفراد الطاقم الذين قضوا جميعا.,

كما سجلت الجزائر ارقاما خطيرة جدا في حوادث النقل والمرور , حيث تشير آخر الأرقام التي كشفت عنه مصالح الحماية المدنية أن عدد الوفيات بسبب حوادث المرور في سنة 2014 بلغ 4540 حالة حسب تصريحات البروفيسورعبد الرحمان بن بوزيد رئيس قسم الاستعجالات لمستشفى بن عكنون بالعاصمة.

فرغم الأموال الضخمة التي رصدتها الجزائر لهذا القطاع الحساس من أجل تحسين خدماته , إلا أن الكوارث العديدة التي شهدها في سنة 2014 لا يشرف بلد بحجم الجزائر صرف ملايير الدولارات على مشاريع هي مجرد حبر على ورق.

مونديال البرازيل ورابطة الأبطال يحفظان شرف الرياضة الجزائرية

ساهمت المشاركة المشرفة للمنتخب الوطني في مونديال البرازيل بوصوله للدور ثمن النهائي وخروجه بشرف أمام منتخب ألمانيا , اضافة الى تتويج نادي وفاق سطيف بلقب كاس رابطة ابطال افريقيا , في حفظ ماء وجه الرياضة الجزائرية بشكل عام خلال سنة 2014, ورغم ذلك فان قطاع الرياضة في الجزائر عاش العديد من الفضائح , أبرزها قضية قتل اللاعب الكاميروني ألبريت إيبوسي بملعب مدينة تيزي وزو , والتي لازالت تثير الكثير من علامات الإستفهام حول هذه الجريمة وخلفياتها, إضافة الى تفشي ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية والتي راح ضحيتها 3 أشخاص وجرح أزيد من 792 جريح في 196 حادثة حطمت فيها 178 سيارة، منها العشرات من سيارات الأمن والحماية المدنية، كما أوقف خلالها 606 مشاغب.

كما عرفت هذه السنة عودة المنتخب الوطني لكرة اليد أكابر(رجال) للتربع على عرش القارة السمراء بعد فوزه ببطولة إفريقيا للأمم

التي نظمتها الجزائر في بداية 2014.