لا مفر من جدل إلا إلى آخر .. هذا هو حال المغرب هذه الأيام ، فبعد جدل تدريس العامية بدل الفصحي في التعليم الأساسي ، ارتفعت حاليا حدة الجدل والنقاش بشأن قضية أخرى بعدما دعا قيادي بارز في حزب يساري معارض إلى "المساواة في الإرث وإلغاء تعدد الزوجات" من مدونة الأسرة المغربية أو قانون الاحوال الشخصية، مثيرا بذلك ردود فعل متباينة وصلت حد تكفيره واتهامه بالردة.

 مطلب يساري بفتح نقاش حول الإرث

ودعا ادريس لشكر، الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليساري المعارض، خلال المؤتمر السابع لنساء حزبه إلى "فتح نقاش جدي حول مسألة الإرث".

كما دعا إلى "تجريم تعدد الزوجات ومنعه بشكل تام من مدونة الأسرة"، وتجريم زواج القاصرات مهاجما ما سماه بـ "المد الظلامي الذي يتزعمه حزب العدالة والتنمية" الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي الحالي. وأثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة ما بين مؤيد ومندد.

السلفية: فتح نقاش الإرث كفر

وقال شيخ سلفي ينحدر من مدينة الدار البيضاء ويدعى عبد الحميد أبو النعيم المغربي في فيديو نشر على موقع يوتيوب إن فتح نقاش حول الإرث "كفر بواح وحرب على القرآن والسنة".

وأضاف ان "حزب الاتحاد الاشتراكي معروف بكفره ، تاريخه تاريخ كفر، منذ الخمسينيات وهم ينشرون الكفر في مجالسهم الخاصة والعامة ويلحدون بالله وينكرون وجوده ويطعنون في نبيه ويتهجمون على الشريعة".

وهاجم هذا الشيخ رموز الحزب المعروفة كالمهدي بن بركة الذي اختطف منتصف الستينيات والمفكر الراحل محمد عابد الجابري صاحب "نقد العقل العربي" والمفكر عبد الله العروي صاحب "الإيديولوجيا العربية المعاصرة".

من جانبه هاجم عبد الله النهاري وهو إمام محسوب على حزب العدالة والتنمية، الحزب اليساري واتهم قائده بأنه "يبيع الوهم للناس ويجني الريح ويحرث الشوك".

الإسلاميون: نقاش الإرث يستجيب لضغوط دولية

من جانبه حاول بلال التليدي كاتب افتتاحية يومية التجديد، الموالية لحزب العدالة والتنمية وذراعها الدعوية المسماة "حركة التوحيد والإصلاح، شرح "خلفيات الموقف وتوقيته وتزامنه مع حزمة مبادرات تجتمع كلها في خانة تذكية الخلاف الهوياتي والقيمي في المغرب".

واعتبر التليدي أن الأمر يتعلق بـ "حملة الضغط الدولي التي يتعرض لها المغرب لرفع تحفظه عن ثمانية توصيات من أصل 148 توصية في مجلس حقوق الإنسان تخص نفس الموضوعات التي أثارها السيد إدريس لشكر، مما يعني محاولة المزاوجة بين الضغط الداخلي والخارجي لتحقيق هذه الأجندة".

وأضاف كاتب الافتتاحية ان "افتعال هذا النقاش الهوياتي القيمي في هذه اللحظة السياسية، يندرج ضمن إرادة واعية منسقة ومنظمة، تحاول أن تجهض أي مسعى لفتح نقاش وطني حول الإصلاحات الهيكلية".

ويتعلق الأمر بمشروعين إصلاحيين أساسيين تحاول الحكومة تسريعهما، يتناول الأول إصلاح نظام دعم المواد الأساسية الذي يثقل كاهل الموازنة العامة ويتسبب في عجز مهم (أكثر من 7% سنة 2012)، إضافة الى إصلاح صناديق التقاعد التي يتوقع إفلاسها رسميا بحلول 2020.

مؤيدون: ضرورة الانحياز للسجال المثمر

في مقابل الانتقادات صدرت مواقف داعمة، حيث عبرت جمعية "بيت الحكمة" التي تترأسها خديجة الرويسي العضو في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض حاليا ، في بيان عن استنكارها "القوي لطبيعة" المواقف "بالنظر لحمولتها المتطرفة والعنصرية".

ودعا بيان الجمعية إلى "ضرورة الانتصار لقواعد السجال الفكري المنتج في كل القضايا المجتمعية بما ينسجم ومتطلبات الإصلاح ومستلزمات العصر.

من جانبها اعتبرت فدرالية الرابطة الديموقراطية لحقوق المرأة أن ما صدر عن المسؤول السياسي "كلها مواقف ستعزز نضال الحركة النسائية وتحصن مكتسباتها المهددة بالفكر المحافظ".

مصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري الإسلامي  عبر من جهته على صفحته الرسمية على فيسبوك، عن قبوله دعوة ادريس لشكر لفتح حوار مجتمعي جاد ومسؤول حول مطلب النساء في مراجعة احكام تقسيم الارث.

أما  صحيفة "الصباح" اليومية فنقلت مطلب قيادة الاتحاد الاشتراكي بـ "حل حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، التي ينتمي اليها عدد من وزراء الحكومة الحالية بسبب العلاقة الملتبسة بين الحزب والحركة".

أما صحيفة الاحداث المغربية فتقول إن الحزب اليساري "يلوح بمقاضاة وزير العدل والحريات" الذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية لأنه "لم يحرك ساكنا بخصوص التهديدات الصادرة في حق الحزب".