تتزامن العودة المدرسية لهذا العام في تونس، مع مناسبة عيد الأضحى، ما يمثل تحديا جديا أمام العائلة التي ضاقت جيوبها ذرعا من نفقات متواصلة.

فبعد شهر رمضان، ومن ثم عيد الفطر، فالعطلة الصيفة، حلّ عيد الأضحى متزامنا مع العام الدراسي الجديد الذي انطلق الثلاثاء الماضي، ليجد المواطن نفسه، في حالة من الضغط لتأمين متطلبات الأسرة.

ويواجه الوضع الاقتصادي في تونس، وفقا لصحيفة العرب، صعوبات منذ ثورة يناير 2011، حيث بلغت نسب التضخم 4.2 بالمئة، مع توقعات بنسب نمو في حدود 0.5 بالمئة مع نهاية السنة الجارية، وارتفاع معدلات البطالة إلى مستوى 15 بالمئة، وفقا لإحصائيات صادرة عن البنك المركزي والمعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، ما ساهم في ظهور احتجاجات اجتماعية متواصلة مطالبة بالزيادة في الأجور.

تقول بسمة بقلوطي، أم لأربعة أطفال، إنها لجأت إلى طريقة تقسيم المدخرات أولا بأول، لتتمكن من الحفاظ على توازن ميزانية البيت في معادلة تبدو صعبة.

وتضيف بقلوطي “زوجي يعمل سائق سيارة أجرة، ومدخولنا الشهري لا يمكّنَنا من الكماليات، لذلك تمكنت منذ أشهر من تقسيم مصاريف العيد، والعودة المدرسية، على أن أترك شهريا، مبلغا ولو قليلا لنوفق في كل المصاريف”.

وتتابع ”حقيقة نتعب كثيرا كل سنة في هذه الفترة، حيث تتراكم مصاريف المدرسة، وفواتير الماء والكهرباء، ويضاف إليها العيد، والمواطن من الصعب عليه التوفيق في كل هذا”.

من جانبه، يقول مهدي الصابر، أب لطفلين، إن “مصاريف الموسم الدراسي السابق لم تنته بعد، ولحقت بها العودة المدرسية الحالية، مرّ الصيف، ثم شهر رمضان، ثم العودة المدرسية، وخروف العيد، لا نستطيع أخذ نفس جديد حتى تنهال مصاريف جديدة”.

ويشير الصابر، إلى أن “الاقتراض من الأقارب لإسكات طلبات الأطفال، يمثل حلا ظرفيا، والدفع متواصل ولن ينتهي، عندي ولدان، اليوم أشتري لأحدهما، وغدا للآخر، ويتقاسمان الكراريس والكتب”.

ويحمّل هذا الأب المسؤولية للحكومة التي تقر زيادات في الأجور بـ20 دينارا (10 دولارات أميركية)، موضحا “نحن نصرف ما يناهز 100 دينار (50 دولارا) على كل طفل”.

وتخصص الحكومة التونسية سنويا، وبالتزامن مع عودة الطلاب لمقاعد الدراسة، مساعدات نقدية ومكتبية للعائلات المعوزة، وأصحاب الدخل المحدود، الذين لا يستطيعون توفير مستلزمات التعليم لأبنائهم.

وفي عدد من نقاط البيع أو ما يعرف في تونس بـ”البطاحي”، نجد إقبالا ما بين المتوسط والضعيف للمواطنين على شراء الأضحية، حيث غاب الازدحام الذي كانت تعرفه هذه الأماكن في الأعوام السابقة، بالرغم من أن الأسعار تقلصت بمعدل 100 دينار عما كانت عليه في السابق.

وكان مدير الأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة، عبدالقادر التيمومي، أعلن في تصريحات صحفية، أن معدل أسعار الخرفان لهذه السنة بلغ ما بين 350 و550 دينارا (175 و275 دولارا)، مشيرا إلى أن عدد الخرفان المتوفرة في السوق بلغ نحو مليون و45 ألف رأس غنم، لافتاً إلى أن الحكومة لم تلجأ هذا العام، للاستيراد، خلافا للسنوات السابقة.

وبينما كان يتوسط عددا من الأكباش، قال الخميسي، مربي أغنام، من محافظة القصرين (غرب) “نحن كفلاحين لا نربح شيئا من بيع الخرفان، فتكلفة العلف باهظة تصل إلى 12 دينار يوميا (6 دولارات)، أضف إلى مصاريف جلبه من القصرين التي تتطلب استئجار وسيلة نقل بكلفة لا تقل على 120 دينارا (60 دولارا”).

ويسترسل الخميسي في حديثه “المواطن والمستهلك يريان دائما أن سعر الخروف مرتفع مهما كان الثمن المطروح في السّوق، وفي كل مرة يتذمر، ويُرجع ذلك لأسباب اقتصادية كأجره الشهري، وغلاء المعيشة في تونس، والعودة المدرسية والتي تتطلب مصاريف كبيرة”.

وينظر فريد الجويني لقائمة الأدوات المدرسية الطويلة أمام المدرسة، في انتظار ابنه، وحيرة تعلو محياه، ويقول “مع العودة المدرسية ترتفع أسعار الأدوات، ولي 3 أبناء، ونحن نعيش على هذا الحال سنويا (…) لا نعرف ماذا نفعل، لم نعد نجد مجالاً لشراء لباس لنا، كل واحد من أبنائي يكلفني 100 دينار، في حين راتبي لا يتجاوز 500 دينار.. كيف لي أن اشتري خروفا”؟

بدوره، يرى المزارع صالح مفتاحي، أن المواطن يشكو من جهة رداءة الظروف الاقتصادية وتدهورها، والمزارع بدوره يشكو ارتفاع المصاريف، وتكلفة تربية الماشية.

ويلفت مفتاحي إلى أنهم كبائعي مواشٍ يضطرون أحياناً لتخفيض يصل إلى 50 و100 دينار، “مراعاة لجيب التونسي”.

ويضيف “ليس هناك إقبال كبير، نتوقع أن الكثير من المواطنين لن يشتروا أضحية هذا العام، مسكين الفقير، ومسكين من لديه عائلة، ومسكين الفلاح في تونس عموما”.