تشير أغلب التقارير و الدراسات إلى أن الجنسية التونسية هي الأكثر حضورا في صفوف التنظيمات الجهادية في سورية و العراق و ليبيا،و خاصة ما يعرف بتنظيم «الدولة الإسلامية – داعش».من جميع القطاعات المهنية و الشرائح الاجتماعية،يرحل الشباب التونسي للقتال بعيدا عن الوطن.بعضهم يقضي في مواجهات مسلحة و أغلبهم يلقى حتفه في أعقاب تفجير انتحاري هنا أو هناك.في هذا الخضم،انتقل الكثير من التونسيين من ملاعب الرياضة إلى «ساحات الجهاد»،فقد قضى العشرات منهم في سورية و العراق.

نضال السالمي (21 عاما) كان لاعبا في فريق النجم الرياضي الساحلي،في مدينة سوسة شرق البلاد.قتل في أكتوبر 2014 الماضي مقاتلا في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سورية. ويقول المدرب سامي المصلي الذي درب السالمي في صفوف شبان النجم الساحلي في تصريحات لوكالة رويترز :"نضال تغير في وقت صغير لم يتجاوز بضعة أشهر.. تغير في عشية وضحاها... حقيقة لا أدري ما حصل بالضبط لكن الظاهرة خطيرة للغاية.. كثيرون على نفس الطريق."ووفقا لمدرب السالمي وبعض اللاعبين من أصدقائه فهو منذ طفولته فرد عادي يمزح كثيرا ومثل كل الشبان يقضي الوقت مع أصدقائه في لعب الورق أو السهر ومحادثة الفتيات.ويقولون إن علامات التشدد لم تكن ظاهرة عليه خصوصا إن الرياضة كانت كل حياته وكان لاعبا موهوبا يحلم بمواصلة التألق في منتخب بلاده وفريقه النجم الساحلي وهو فريق اشتهر بأنه بوابة لانتقال المواهب التونسية والإفريقية للاحتراف في نوادي أوروبية عريقة.

لاعبو فريقه ممن تحدثت إليهم رويترز قالوا انه بدأ يتغير نهاية العام الماضي عندما أطلق لحيته وأصبح يتفادى الخوض في النقاش آو المزاح معهم في الملعب أو خارجه وأصبح يقضي كثيرا من وقته مع متشددين إسلاميين في مسجد بالحي الذي يسكنه في منطقة سهلول في سوسة.وتكشف صفحته على الفسيبوك خريطة التحول الذي سار فيه ففي سبتمبر 2013 بث صورة وهو يلهو في منطقة للألعاب المائية بينما في فبراير 2014 تظهر صورة علم الجهاد الأسود وأخرى يلبس فيها زيا قتاليا ويحمل رشاشا. وكان قليل التحدث مع أصدقائه عبر الانترنت من سوريا.

قبل ذلك،و في مايو 2013، لقي لاعب كرة يد تونسي حتفه في سورية ،مقاتلا في صفوف إحدى الجماعات الجهادية.وذكرت صحيفة "جول" الرياضية أن حارس مرمى فريق الزيتونة الرياضية لكرة اليد ويدعى أحمد ياسين توفي في سورية إثر مشاركته في القتال ، موضّحة من خلال حوار أجرته مع عائلته أنهم تلقوا آخر مكالمة هاتفية منه بتاريخ 18 مارس 2013.وقال والده محمد الحرابي: « يوم 7 سبتمبر من العام 2012 رحل أحمد ياسين باتجاه ليبيا ومن هناك إلى تركيا ثم إلى سوريا، لم يقل إنه ذاهب إلى سوريا ولكنني كأب أحسست بذلك».واعتبر الحرابي: "إبني مؤمن وليس متعصبا وأنا فخور به لأنه يغار على دينه، كان يؤمن بقضية سوريا ويحبذ الجهاد في سبيلها ولم أستطع تغيير رأيه، وكان آخر اتصال معه يوم 18 مارس يومها أحسست أن أحمد كان يتحدث معي في عجلة من أمره وقال لي بأنه سيتزوج حورية في الجنة وسيموت شهيدا».

حسن الكواش رياضي تونسي أخر مازال يقاتل في صفوف "داعش" .فبعد مواسم عديدة قضاها لاعب كرة قدم في صفوف شباب النادي الأفريقي التونسي والاتحاد الرياضي المنستيري، التحق حسن الكواش بساحات القتال وعمره 19 عامًا، حيث وصل إلى سورية وبعد أيام اتصل بعائلته دون الإفصاح عن مكانه، وأمام توسلات والدته وعدها بالعودة قريبًا، وانتظرت العائلة عودته لكنه قُتل على الجبهة السورية، وفق ما نقلت صحيفة «الصباح» التونسية.

في التجارب السابقة لانخراط الشباب التونسي في الشبكات الجهادية،وحده لاعب كرة القدم الدولي المحترف نزار طرابلسي كان رياضيا. و الذي أصدرت بحقه محكمة في بروكسل حكما بالسجن عشر سنوات عام 2003، بتهمة التخطيط لتفجير قاعدة عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي في بلجيكا، بالنيابة عن تنظيم القاعدة. وهو يوجد حاليا في السجن في الولايات المتحدة، ويواجه مزيدا من تهم الإرهاب، بعد ترحيله في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتقول مذكرة الاتهام الأمريكية إنه التقى بزعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في أوائل 2001 - وهو العام الذي نفذ فيه تنظيم القاعدة هجمات مدمرة في الولايات المتحدة. وكان الطرابلسي قبض عليه بعد يومين من تلك الهجمات.

وزير الداخلية التونسي السابق ،لطفي بن جدو ،كان قد أعلن في وقت سابق، أن عدد التونسيين المتواجدين في سورية بهدف القتال يقدر بنحو 2400 مقاتل، وأضاف أن السلطات التونسية استطاعت أن تمنع أكثر من ثمانية آلاف شاب تونسي من السفر إلى سورية، واستطاع الأمن التونسي تفكيك خمس شبكات تسفير إلى سورية. وتطالب نقابات أمنيّة في تونس، بتطبيق قانون “مكافحة الإرهاب” الصادر سنة 2003، على المقاتلين العائدين في سوريا. ويفرض هذا القانون عقوبات بالسجن وغرامات مالية قد تصل إلى 12 عاما و50 ألف دينار (حوالي 25 ألف يورو) على كل تونسي يشارك في القتال خارج تونس مع تنظيمات إرهابية.