عيّن الباجي قايد السّبسي رئيس حزب "حركة نداء تونس" يوم أمس الأحد 9 فبراير 2013 محمّد الناصر نائبًا له بمناسبة انعقاد الدورة الرابعة العادية للمجلس الوطني لحركة نداء تونس في ضاحية قمرت  بالعاصمة التونسية .

و يأتي هذا التّعيين وسط خلافات حادة يعرفها الحزب خاصة بعد البيان الذي أصدره الحزب في حقّ العضو المؤسس المحامي عبد العزيز المزوغي الاثنين 3 فيفري الجاري وقعه الذي وقّعه رئيس الحزب وأعلنت فيه عن تجميد عضوية المزوغي في انتظار إحالته على لجنة النظام في ما يلي نصّ البيان :

"تبعا للتصريحات المتكررة التي أدلى بها السيّد عبد العزيز المزوغي عضو المكتب التنفيذي لوسائل الإعلام المختلفة والتي تهجّم من خلالها على الحزب وعلى عدد من زملائه والتي تشكل نيلا من سمعة الحزب وخروجا عن الانضباط

تقرّر:تجميد عضوية السيد عبد العزيز المزوغي بالمكتب التنفيذي وبالحزب في إنتظار إحالته على لجنة النظام وسماعه واتخاذ القرار النهائي بشأنه."

و تضع إستطلاعات الرّأي حزب نداء تونس كثاني أكبر حزب في البلاد بفارق صغير عن حركة النّهضة الإسلاميّة ,رغم أنّ عمر هذا الحزب لم يتجاوز العامين و هو حزب من يسار الوسط تشكّل في فبراير من العام 2012 إثر مبادرة أطلقها الباجي قايد السبسي إلتف حولها الكثير من الشّخصيات النّقابية على رأسها الطيّب البكّوش الأمين العام الحالي للحزب وشخصيات ليسارية و مستقلة و الكثير من الوجوه الدّستورية (نسبة للحزب الدّستوري الذي أسّسه الحبي بورقيبة و قاد رحلة النضال ضد الاستعمار و بناء الدّولة الوطنيّة الحديثة) غير أنّ هذا الحزب يواجه تهمة إعادة إنتاج حزب التجمّع المنحل خاصة مع تعيين الأمين العام السابق لحزب التجّمع الدّستوري الدّيمقراطي الحاكم قبل ثورة يناير 2011 محمّد الغرياني كمستشار للباجي قايد السّبسي , هذا و قد شهد الحزب جملة من الإستقالات في الفترة الأخيرة على خلفيّ ما اعتبروها سيطرة للشق التجمعي على دواليب الحكم داخل الحزب .

و قد كان محمد الناصر مرشّح الحزب في الحوار الوطني الأخير لخطة رئيس الحكومة خلفًا لعلي لعريض ,غير أنّه قوبل بالرّفض من قبل حركة النّهضة التي تمسّكت في المُقابل بأحمد المستيري الوزير الاسبق في عهد بورقيبة .

و يعتبر أحمد المستيري من رموز الحقبة البورقيبية في تونس حيث انتهى للحزب الحر الدّستوري منذ شبابه و ساهم في النضال ضد الإستعمار الفرنسي و بعد الإستقلال تقلّد العديد من المناصب فقد كان وزيرًا للعدل ثمّ للمالية و الدفاع و سفيرا لتونس في كل من الإتحاد السّوفياتي و الجزائر و ممثلا لتونس في الأمم المتحّدة ,قبل أن يؤسس في العام 1978 حركة الدّيمقراطيين الإشتراكيين و يتحوّل الى معارض لحكم الرئيس بورقيبة و الحزب الإشتراكي الدّستوري الذي أصبح يحمل هذا الإسم إبّان تجربة التعاضد التي قادها الوزير السابق أحمد بن صالح .

و يأتي تعيين محمّد النّاصر من قبل الباجي قايد السّبسي كنائب له في الحزب الذي يُعرّف نفسه بأنّه ذو مرجعيّة بورقيبيّة ليعيد الحديث عن وزراء بورقيبة و حقبته و ربّما حضوره كمدرسة لم تستطع الحياة السياسية في تونس تجازوها رغم الأحداث و التعيرات الكثيرة التي عرفها البلاد ,ففي أزمة الحوار الوطني و انسداد الأفق السياسي و تأزّم الوضع العام ,خرج على واجهة المشهد خمسة أسماء من "رجال بورقيبة" كأهم المرشّحين لرئاسة الحكومة الإنتقالية التي ستخلف حكومة الترويكا لتعدَّ للإنتخابات و تعالج الملفات الإقتصادية و الاجتماعية الحارقة التي تنتظر البلاد .

من هذه الأسماء إضافة إلى إسمي أحمد المستيري و محمّد الناصر طُرحت أسماء الشّاذلي العياري محافظ البنك المركزي الحالي و منصور معلى الذي تولى أكثر من أربع مناصب وزارية في عهد بورقيبة كما طرح أيضًا إسم مصطفى الفيلالي البالغ من العمر 92 عامًا لتولّي رئاسة الحكومة و هو الأمر الذي رفضه في اللحظة الأخيرة بعد أن أعلن موافقته المبدئيّة و مصطفى الفيلالي هو أحد أبرز الوجوه التي عملت مع بورقيبة و تولّت العديد من المناصب الدبلوماسية و الوزاريّة.

كما أنّ محمد النّاصر نفسه كان  قد شغل منصب وشغل منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في مناسبتين بين العام 1974 و العام 1979 في عهد الرئيس بورقيبة ,إضافة الى مناصب اقتصادية و إجتماعية أخرى .

و يقول الملاحظين إنّ هذا الأمر يعود أوّلاً الى رغبة الجميع في الإستفادة من خبرة هذه الشّخصيات خاصة أنّها لم تكن مرتبطة في عظمها بعلاقة سياسية كبيرة مع نظام الرئيس بن علي و تتمتّع بكفاءة في التّسيير و خبرة طويلة في شؤون الدّولة و العمل السياسي و هو الأمر الذي يجعل كثيرين يتوقّعون إضافة كبيرة يمكن أن يقدّمها محمّد النّاصر لحزب نداء تونس خاصة و أنّه سبق و أن عمل معه في حكومته الإنتقالية التي قادت البلاد الى إنتخابات 23 اكتوبر 2011 في منصب وزير للشؤون الإجتماعية .