تحركت وزارة التجارة التونسية في أكثر من مناسبة لردع المتجاوزين وأصدرت البلاغات والتحذيرات ورافقت في حملات مراقبتها رجال الأمن والجيش ،لكن كل هذه الجهود لم تقطع دابر الغش الذي طال خبز التونسي ولقمة عيشه،والخطير أن البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات دخلت المنعرج الخطير على مستوى تجرؤ عصابات الأغذية الفاسدة على طعام المواطن بدسّ السم في العسل.

الغش طال مختلف المنتجات الاستهلاكية مثل الخضر والغلال وخاصة أطنان اللحوم الحمراء والبيضاء والتوابل والبهاراتوالفواكه الجافة وحتى المواد الأولية المعدة لمعالجة التمور،وقد تغلغل في مفاصل أسواق البيع.

قال الدكتور الحبيب تريعة مختص في علم النفس الاجتماعي ل"بوابة أفريقيا الإخبارية" أن الرغبة في الرّبح والثراء تقتل الضمير وتجعل المال هو الهدف لدى مجموعات من التجار لا وازع يحكمهم أخلاقيا ولا دينيا.كما أن الوضع الذي مرت به البلاد ما بعد الثورة سمح بارتكاب مثل هذه الجرائم الإنسانية و تخفي العصابات الأغذية الفاسدة وإفلاتها من صرامة القانون.وكل من يعمد إلى الغش والمتاجرة بصحة الأشخاص هو مريض ومتواكل يذهب مباشرة إلى الحلول السهلة لتحقيق الربح بدل العمل والصبر والاجتهاد.

الوعي ضروري

وبين نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله "لبوابة أفريقيا" أن "التونسي يتعرّض باستمرار للغش لكنه يتخلص من المواد الغذائية الفاسدة ويصمت،لأنه تعود على اللجوء إلى منظمة الدفاع عن المستهلك عندما تتعلق المشكلة بغش في الأجهزة الكهرومنزلية ويرفض البائع تغيير البضائع الفاسدة.لكن لم يتعود رفع الأمر إلى الأجهزة والمنظمات المختصة عندما يتعلق الأمر بعلبة غذاء أو منتوج غير قابل للاستهلاك.

وأضاف بأن التوابل والبهارات والمواد المصنوعة بطريقة يدوية تقليدية في المنازل والمحلات المختصة هي الأكثر عرضة للغش.و أضاف أن ما يشجع على الغش "التسيب والفوضى وضعف أجهزة المراقبة وعدم الصرامة في ردع هؤلاء" .ودعا المستهلك التونسي إلى اليقظة في هذه المرحلة الصعبة من الانفلات والتسيب التي تمر بها البلاد مع والإقبال على المواد الغذائية المراقبة من طرف مصالح وزارة التجارة والتثبت من تاريخ صلاحيتها على ظهر هذه المنتجات. كما أكد نفس المصدر على ضرورة لجوء المواطن إلى المصالح المختصة عند تعرضه للغش قصد التصدي لهذه الظاهرة أو على الأقل الحد منها.

بالمرصاد

من جهته قال المكلف بالإعلام بوازرة التجارة التونسية ل"بوابة أفريقيا الإخبارية" محمد علي الفرشيشي إن تونس للأسف دخلت إلى جانب الإرهاب المسلّح في الجبال مرحلة "الإرهاب الغذائي"،من خلال انتشار مجموعات "مستكرشة" ترغب في تحقيق الرّبح المادي و الاستثراء على حساب سلامة المواطن.وهذه المجموعات في رأيه تتعمد الغش وتدرك تمام الإدراك خطورة ما تقدم على فعله.

و حسب المكلف بالإعلام يلاحق هذه العصابات أكثر من هيكل متدخل مثل المراقبة الاقتصادية و إدارة الصحة والمحافظة على المحيط وإدارة سلامة المنتجات وإدارة الجودة والمنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك وغيرها.وأفاد بأن معلومات أمنية وردت مؤخرا تفيد أن كميات كبيرة من اللحم والخضر منتهية الصلاحية يتم تخزينها لضخها في الأسواق في المناسبات والمواسم، وبالتتبع الدقيق من الفرق المختصة حصرت المراقبة الاقتصادية والصحية النقاط السوداء في العاصمة ومحافظات مجاورة وحجوت أطنان اللحم الفاسد.

وشبه المكلف بالإعلام بوزارة التجارة التونسية عصابات الأغذية الفاسدة ب"الفقاقيع والنباتات الطفيلية "التي تظهر بعد كل الثورات لتحقيق الثراء السريع على حساب سلامة الأشخاص ،وأضاف المتحدث باسم وزارة التجارة متوعدا" المراقبة بالمرصاد لهذه المافيات وسوف تتجند كل الأجهزة المختصة بما في ذلك الأمنية للحد من انتشارها وإخضاعها لسلطة القانون".