استأثر ملف نقل الأرشيف الرئاسي في تونس من قبل هيئة الحقيقة والكرامة ومنعه من قبل الأمن الرئاسي بحديث الاعلام التونسي ،حيث تضاربت ردود الفعل للوقوف على حقيقة ما جرى وما مدى قانونية ما اقدمت عليه رئيسه هيئة حقيقة والكرامة ،سهام بن سدرين ،ومشروعية منعها من قبل اعوان الامن الرئاسي.

وزارة الدفاع التونسية دخلت على الخط و قالت إن رئيسة الهيئة طلبت منها توفير شاحنات عسكرية لنقل أثاث للهيئة وليس لنقل الأرشيف الرئاسي ،لتفند بذلك رواية رئيسة الهيئة الامر الذي عمق غموض هدف الهيئة.

وقد تعدّدت المواقف و التصريحات وتضاربت حول محاولة نقل الأرشيف من قصر قرطاج ،فحافظ قايد السبسي ،نجل رئيس الجمهورية المنتخب الباجي قايد السبسي علّق على الموضوع قائلاً: "لقد منع الأمن الرئاسي رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين من بث الفتنة تحت غطاء هيئتها".

وأضاف حافظ قايد السبسي، في تدوينة له على حسابه الخاص على الفايسبوك، أنّ اسراع بن سدرين بنقل الأرشيف بعد فوز السبسي برئاسة الجمهورية ،خاصة قبل بعض أيّام من عمليةالانتقال الديمقراطي للسلطة ، يشير إلى وجود أغراض سياسيّة للتصرف في الارشيف او التلاعب به".

من جانبها عبرت نقابة الأمن الجمهوري ،أمس السبت ،عن مساندتها لجميع إطارات وأعوان إدارة الأمن الرئاسي وحماية الشخصيات الرسمية وذلك على خلفية التجاذبات التي وقعت ببين نقابة الامن الرئاسي وهيئة الحقيقة والكرامة.

ونددت النقابة بما اسمته " النية المبيتة لاختيار هذا التوقيت المشبوه لنقل الأرشيف الرئاسي بطريقة تمس من هيبة الدولة باستعمال شاحنات خاصة دون ضبطها حسب ما يقتضيه دليل تحويل الوثائق العمومية".

وقالت "أنه لم يتم التنسيق مع مصلحة التصرف في الوثائق والأرشيف بوزارة الداخلية التونسية لوجود ملفات أمنية سرية على غاية من الأهمية تتعلق بالأمن القومي للبلاد لا يمكن لأي كان النفاذ إليها إلا بإذن من مجلس الشعب و السلط القضائية".

في المقابل ،إعتبر المرصد التونسي لاستقلال القضاء (منظمة غير حكومية)، أن عملية منع الهيئة من تسلم ارشيف الرئاسة ،تتعارض مع احكام الدستور والقانون المتعلق بإر ساء العدالة الانتقالية ويتنافى مع موقع الهيئة واعتبارها كهيئة دستورية فضلا عما يمثله ذلك من تعد صارخ على مؤسسات الدولة.

وحذر المرصد من تأثير تلك الممارسات على مسار العدالة الانتقالية و ثقة العموم في هيئة الحقيقة والكرامة والصلاحيات المكفولة لها وذلك في اول اختبار لعلاقتها مع السلطات العامة، مشيرا الى ما رافق تلك الوقائع من تسييس وغياب أي دور للمؤسسات وعدم مسؤولية الاطراف المتسببة في ذلك بما يتنافى مع هيبة الدولة وسيادة القانون اضافة الى الزج بالجهات الامنية فيما يخرج عن اختصاصها.

ودعا رئيسه القاضي أحمد الرحموني جميع السلطات السياسية والقضائية والإدارية إلى دعم عمل هيئة الحقيقة والكرامة وتسهيل مهامها إنفاذا لالتزام الدولة بذلك عملا بأحكام الفصل 148 من الدستور الجديد.

وطالب القضاء بتحمل مسؤولياته في تطبيق القانون والحيلولة دون اي عمل متعمد من شانه اعاقة عمل الهيئة، مؤكّدا على ضرورة تنفيذ الاتفاق المبرم بين هيئة الحقيقة و الكرامة و مؤسسة الرئاسة بشان ذلك و فتح تحقيق اداري لتحديد المسؤوليات واتخاذ الاجراءات التي يقتضيها القانون.

وفي ذات السياق ،نذكرت مصادر إعلامية تونسية ان رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين تنقلت في ساعة متأخرة من هذه الليلة الى مركز الاحداث بقمرت شمالي العاصمة الذي أغلقه وزير العدل قبل ثلاثة أيام لنقل ما يحتويه من ارشيف يهم ادارة السجون والاصلاح.
ويسعى في هذه الاثناء مسؤول حكومي كبير بالمدير العام للسجون والاصلاح لفهم ما يجري لكن الاتصال مازال مقطوعا في حين تنقل عدد من اعوان الامن لمنع بن سدرين من الإستحواذ على الأرشيف.

الامر الذي نفاه عضو هيئة الحقيقة والكرامة زهير مخلوف، مؤكدا أن الهيئة لم تتوجه الي اي سجن من السجون.

واعتبر مخلوف في تصريح لإذاعة خاصة اليوم الأحد أن هذا الخبر وغيره من الأخبار التي بدأت تروج تعمد إلى تشويه هيئة الحقيقة والكرامة على حدّ تعبيره.

وكان توقيت إخراج الارشيف من قصر قرطاج الرئاسي قبل اقل من اسبوع من تسليم السلطة الى الرئيس التونسي المنتخب الباجي قائد السبسي،اثار التساؤل عن مغزى هذا التوقيت خاصة ان بعض اعضاء هيئة الحقيقة والكرامة ليسو محل توافق جميع الطيف السياسي بتونس.