أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن تعليق إضراب النقل، الذي شلّ العاصمة التونسية لمدة ثلاثة أيام متواصلة، و أدخل اضطرابا واضحا على سير الإدارات، و الوحدات الصناعية و كذلك المدارس و المعاهد و الجامعات.

نقابة قطاع النقل اتخذت قرارا بشن إضراب جديد بعد نحو عشرة أيام إذا لم تتم الاستجابة للمطالب التي يرفعونها. وهو ما يؤشّر على عودة التوتر من جديد، بعد أن استطاع مئات الآلاف من العمال و التلاميذ و الطلبة الالتحاق بمؤسساتهم صباح اليوم.

الحكومة التونسية التي شكلت خلية أزمة لقطع الطريق أمام إضراب النقل، هددت باستخدام كل الإمكانيات الردعية لمعاقبة المضربين، لكنها تعرف أيضا أن الصدام مع اتحاد الشغل لن يخدمها و لن يخدم الحكومة الجديدة، المراقبون يتوقعون أن تحتد الأزمة الاجتماعية في تونس على خلفية الكثير من المطالب الاجتماعية التي أجلتها الحكومات السابقة ، و بات اليوم استحقاقات لا يمكن السكوت عنها.

تهديدات
الأمين العام للاتحاد الشغل حين العباسي ،تلقى تهديدا باغتياله و تفجير مقر المركزية النقابية. وفق ما نشر ه الاتحاد على صفحته الاجتماعية وتناقلته وسائل إعلام تونسية.
وقال الاتحاد على صفحته على موقع الفايسبوك، تلقى الاتحاد العام التونسي للشغل منذ قليل تهديدا بتفجير مقر المنظمة وباغتيال الأخ الأمين العام حسين العباسي وقد قامت السلطات الأمنية بالقيام بتمشيط محيط مقر الاتحاد وفتح تحقيق حول المعطيات الواردة والكشف عن خفايا هذه التهديدات ومن يقف وراءها.

يذكر أن الأمين العام لاتحاد الشغل تلقى عدة مرات تهديدات بالاغتيال. ووفرت له السلطات الأمنية حراسة خاصة مشددة.

وتيرة العداء لاتحاد الشغل تتنامى في أوساط المواطنين، لضجرهم من وتيرة الإضرابات التي عاشتها تونس ، و التي بلغت أكثر من 35 ألف إضراب في سنوات ما بعد الثورة. شارك فيها نحو 70 من العمال. ودفع بنحو 400 شركة استثمارية أجنبية إلى إغلاق مصانعها و الانتقال إلى دول قريبة من تونس أهمها المغرب.

و كبّدت هذه الإضرابات تونس خسائر فادحة في اقتصادها و تسببت في تراجع النمو إلى مستويات دنيا. لكن هؤلاء الغاضبين من اتحاد الشغل و المتذمرين من الإضرابات هم أنفسهم من يهرولون للاتحاد من أجل الانتصار إلى مطالبهم التي تتعلق بتحسين وضعياتهم الاجتماعية و هم الذين يضغطون على نقاباتهم من أجل تبني مطالبهم.

فمن يحتج اليوم مثلا على قطاع النقل، تجده يعتصم و يضرب في قطاع الصحة أو التعليم أو البلديات أو غيرها من القطاعات. لقد سبق أن تم الاعتداء على اتحاد الشغل في 04 ديسمبر 2012، عندما توجهت جماعات عنيفة " رابطة حماية الثورة " المدعومة من أحزاب الترويكا في ذلك الوقت، وقامت بالاعتداء على نقابيين في ساحة محمد علي وكاد الأمر أن يتطور إلى الأسوأ لولا تدخل قوات الأمن.

التهديدات ضد النقابين و الاتحاد لم تتوقف، وهي تزداد حدة كلما أثبت الاتحاد أنه قوة اجتماعية كبرى يصعب قهرها أو إخضاعها، خاصة أن كل الحكومات التونسية فشلت في إيجاد نقابات موازية يمكن أن تسحب البساط من تحت أقدم مركزية نقابية تونسية و عربية.

إضرابات التعليم
أعلنت نقابة الأساتذة عن سلسلة من التحركات الاحتجاجية، بداية من الأسبوع القادم، من خلال شن إضراب بيومين 21 و 22 جانفي، سيليه إضراب ثان في شهر فيفري القادم ثم سيقع اللجوء إلى إضراب إداري في حال لم تستجب الحكومة لمطالب الأساتذة. تلاميذ السنوات النهائية يشنون منذ ايام سلسلة إضرابات على خلفية إجراءات جديدة اتخذتها وزارة التربية،تخص امتحان الباكالوريا. أما معلمو المدارس الابتدائية فيهددون بالإضراب إذا لم تنفذ الوزارة اتفاقات سابقة و إذا أصرت الوزارة على إعادة امتحان السيزيام "شهادة ختم التعليم الابتدائي. أما في وزارة التعليم العالي فتعتصم نقابة أساتذة السلك المشترك و الأساتذة المتعاقدون، بسبب قرارات اتخذتها الوزارة، تتعلق بعدم تجديد عقود اساتذة يدرسون بالجامعات منذ سنوات.

أزمة تحتدّ
الأزمة الاجتماعية تحتدّ في تونس، وهذا الأمر سيمثل تحديا كبيرا للحكومة التي هي الآن رهن التشكيل. فالمشاكل تركمت بعد الثورة و الحكومات الانتقالية لم تستطع أن تحسم في الكثير منها، لأنها تتطلب إصلاحات عميقة. حكومة الحبيب الصيد، لن يكون أمامها الكثير من الوقت لدراسة الملفات الاجتماعية الخطيرة، لأنها قد تواجه الوقفات الاحتجاجية و الاعتصامات و الإضرابات. وهي لن تجد الفرصة للتسويف، أو لتأجيل الملفات بحجة أنها حكومة مؤقتة. فهي منتخبة لمدة خمس سنوات، وهي مدة كافية للإجابة عن الاحتجاجات الاجتماعية