نظم عدد من عائلات شهداء و جرحى "الثورة" التونسية، اليوم الأربعاء 14 يناير الجاري، بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، مسيرة احتجاجية تحت عنوان " لن نستسلم"، تزامنا مع مرور الذكرى الرابعة لاندلاع الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام بن علي بتاريخ 14 يناير 2011.

و يتنزل تحرك عائلات شهداء و جرحى "الثورة" في إطار مواصلة المطالبة بعدم إفلات قتلة أبناءهم من العقاب و الإصرار على تتبعهم، لا سيما بعد صدور أحكام القضاء العسكري بتبرئة أطراف أمنية يعتبرونها متورطة في قتل أبناءهم وفق قولهم. و طالب هؤلاء بضرورة كشف الحقيقة و محاسبة كل الجهات التي شاركت في قتل و جرح المتظاهرين أثناء أحداث "الثورة".

احتجاج عائلات شهداء و جرحى "الثورة" طغى كذلك على حفل توسيم عدد من عائلات شهداء الأمن والجيش و أيضا أسر المعارضين شكري بلعيد و محمد البراهمي و لطفي نقض الذين طالهم رصاص الإرهاب خلال السنوات الأخيرة، الذي انتظم اليوم بقصر قرطاج تحت إشراف رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، الأمر الذي دعاه إلى مقاطعة الاحتفال و مغادرة القاعة، متوجها بقوله إلى المحتجين: "الشهداء دائما في البال...ربي يعينكم".

و في هذا الإطار، أكدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الذكرى الرابعة ل "الثورة" تتزامن مع تفاقم مأساة جرحاها الصحية والنفسية والاجتماعية، ومع الخيبة العميقة التي مازالت تخلفها الأحكام الصادرة عن القضاء العسكري في نفوس عائلات الشهداء، والتي مثلت تكريساً واضحاً لسياسة الإفلات من العقاب و هضماً صارخاً لحقوق الضحايا في معرفة الحقيقة ومحاسبة الجناة. و أضافت أن الاحتفال بذكرى 14 يناير لهذه السنة، يتزامن كذلك مع إنطلاق أعمال هيئة الحقيقة والكرامة رغم الانتقادات الكبرى التي رافقت المحاصصة الحزبية المفضية إلى تركيبتها على حساب ضوابط الكفاءة والإستقلالية والحياد، ورغم الخروقات الجوهرية للمنظومة الكونية لحقوق الإنسان ولشروط المحاكمة العادلة التي تضمنها القانون المنظم للعدالة الإنتقالية.

و جددت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان صادر عنها بمناسبة مرور أربع سنوات عن سقوط نظام بن علي، مساندتتها المطلقة لعائلات شهداء وجرحى "الثورة" ودعمها الكامل لكافة تحركاتهم الهادفة إلى ضمان حقوقهم المادية والمعنوية. كما دعت في الأثناء، إلى تكاتف كافة الجهود للتصدي الفعلي لواقع الافلات من العقاب، مشددة على تمسكها المبدئي بالأنموذج التونسي للعدالة الإنتقالية القائم أساساً على كشف الحقيقة ومحاسبة الجناة، تمهيداً إلى جبر أضرار الضحايا وتخليد ذكراهم إنتهاءً إلى إصلاح المؤسسات والأجهزة الرسمية ثم المصالحة.

كما دعا ذات البيان كافة عائلات شهداء وجرحى "الثورة" إلى مزيد الصمود والاستبسال في الدفاع عن قضيتهم ومزيد توحيد الجهود وتنسيق مبادراتهم لتحصين حقوقهم وتفعيل مطالبهم. و طالب البيان سائر المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بملف شهداء وجرحى "الثورة" إلى بذل المزيد من الجهد للحفاظ على حقوقهم وأهمها الحق في العلاج الملائم والناجع والحق في الشغل اللائق والمناسب والحق في التنقل المجاني. ونبه ذات البيان إلى العواقب الوخيمة لأية محاولة لهضم تلك الحقوق أو الالتفاف عليها.

كما طالبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الهيئة العليا لحقوق الإنسان، بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في إصدار القائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة التي لم يعد هناك مبرر لتأخرها. و وجهت في سياق متصل نداء إلى سائر مكونات المجتمع المدني الوطني والدولي ومختلف الأحزاب السياسية إلى الإلتفاف الصادق حول قضية شهداء وجرحى "الثورة" وتكثيف الجهود من أجل إنصاف جميع ضحايا عهد الإستبداد وإلى الإنخراط الفعلي في مكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب، وفق ذات المصدر.