ادت مستجدات الوضع في الأراضي الليبية بعد تمدد تنظيم داعش من مخاوف السلطات التونسية خصوصا مع اتساع نسق الاحتجاجات الاجتماعية في مناطق الجنوب والتي شملت في الفترة الأخيرة مناطق عدة منها منطقة الحوض المنجمي ومدن مفتوحة على الصحراء الكبرى مثل دوز والفوار وسوق الأحد وحزوة، غير أن الوضع يزداد خطورة مع ظهور بوادر قلق جزائري من تحالف تونس مع واشنطن.

وبحسب المحلل السياسي التونسي المنذر ثابت، فإن اتساع نفوذ تنظيم داعش في ليبيا يتزامن مع الحديث عن استياء جزائري من التقارب التونسي الأميركي، وخصوصا على الصعيدين الأمني والعسكري بعد التوقيع على وثيقة التفاهم بين البلدين وطرح إمكانية تحول تونس إلى حليف رئيس لواشنطن من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو) وهو ما دفع بمسؤولين تونسيين إلى محاولة شرح الأمر للتخفيف من حدة القلق الجزائري.

الدعم الجزائري

وأضاف ثابت أن السلطات التونسية تعوّل كثيرا على الدعم الجزائري في مواجهة التهديدات الإرهابية ولا تريد للعلاقات بين البلدين أن تتوتّر، بينما قال المحلل السياسي نصر الدين بن حديد ان الجزائر غاضبة اشد الغضب من مذكرة التفاهم التي وقعها تونس مع الولايات المتحدة، مضيفا أن الجزائر لن ترسل سفيراً جديداً كما انها لن تستقبل بشكل رسمي السياسيين التونسيين. وتابع بن حديد: »بالنسبة للجزائر الباجي انتهى وهي تفكر بمن بعده«.

يأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه رئيسة حزب العمال الجزائري لويزة حنون ان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي قبل مؤخرا بناء قاعدة عسكرية أميركية على الأراضي التونسية وقرب الحدود الجزائرية اثر زيارته الأخيرة لواشنطن، مضيفة أن بلادها تشعر بتهديد بسبب القاعدة العسكرية الأميركية المرتقبة بتونس. وأردفت أن تونس اليوم شريك غير عضو في حلف الناتو الذي يريد محاصرتنا.

طمأنة تونسية

ودفع القلق الجزائري بالوزير المستشار لدى الرئاسة التونسية محسن مرزوق والمستشار السياسي لقائد السبسي خميس الجنيهاوي إلى التصريح لوسائل الإعلام المحلية بأن الاتفاق مع واشنطن ليس موجها ضد أية دولة وخاصة الجزائر، وأن تونس مصرّة على تحصين علاقاتها مع جارتها الكبرى والعمل على مزيد دعمها.

وكان محللون جزائريون انتقدوا الخطوة التونسية حيث أشار المحلل السياسي الجزائري زهير بوعمامة إلى أن واشنطن لا يمكنها أن تكون المخلص من أي مشاكل، والدليل ما يحدث في العراق، وقال إن أميركا فشلت في حماية مدينة الرمادي من التقدم الداعشي، فكيف الأمر مع دولة كتونس أو ليبيا أو غيرهما، مشيراً إلى ان احتمال فرض أميركا إقامة قواعد عسكرية على الأراضي التونسية قائم، بدليل أنها فعلت ذلك مع كل حلفائها خارج الحلف الأطلسي.

وبحسب المحلل السياسي الجزائري مقداد إسعاد فإن زيارة الرئيس التونسي إلى البيت الأبيض يعتريها كثير من اللبس، خاصة أن مضمون الاتفاقية التي أمضاها مع أوباما يبقى مجهولاً بالإضافة إلى غياب وزير الخارجية التونسي عن اللقاء في ظل حضور جون كيري، وقال إن السبسي ذهب إلى واشنطن وطلب مساعدتها وكأنها المخلص الوحيد، كما لم يكن عليه وصف تونس بالشكل الذي فعله كما لو كانت في الحضيض، وكان لا بد من مراعاة مبادئ الثورة التونسية الرامية إلى إرساء الكرامة والديمقراطية.

 

-البيان الاماراتية