أكد وزير الداخلية المغربي محمد حصاد أن تنامي نشاط المجموعات الإرهابية بات يشكل تهديدا على أمن دول المغرب العربي واستقرارها، مشدّدا على ضرورة تفعيل الاتحاد المغاربي لمعالجة القضايا الأمنية المشتركة.

وأكد حصاد، في مداخلة له خلال اجتماع مجلس وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي في دورته الخامسة أن المغرب ملتزم بالانخراط التام في إحياء “دور الاتحاد باعتباره خيارا استراتيجيا قادرا على تحقيق المصلحة المشتركة في احترام تام لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وحل النزاعات بالطرق السلمية”.

وأضاف أن التصدي للتهديد الإرهابي “أصبح رهينا بتعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية والتعاون اللامشروط بين دول المنطقة، مبينا أن المبادرات الفردية للدول لا يمكن لها لوحدها أن تواجه الخطر الإرهابي المتنوع والعابر للحدود”.

وأوضح أن معالجة القضايا الأمنية بالمنطقة المغاربية، في ظل تنامي الجريمة بشتى أنواعها، تستدعي بذل المزيد من الجهود وتكثيف مجالات التعاون الثنائية والإقليمية، ما يحتم على بلدانها وضع استراتيجيات تشاركية تعتمد سياسة تكاملية وتشاورية لرفع التحديات الأمنية الكبرى التي تعرفها المنطقة.

 

ورغم تعثر منظمة اتحاد المغرب العربي بسبب الخلافات بين أعضائها، إلا أن الحرب على الإرهاب والالتزام الدولي الذي تفرضه هذه الحرب قد يؤديان، حسب مراقبين، إلى تقارب دول المغرب العربي انطلاقا من قاعدة التصدي المشترك لتوسع نفوذ الجماعات الجهادية في شمال مالي وفي ليبيا.

الجدير بالذكر أن المغرب بادر باقتراح إعادة إحياء الاتحاد المغاربي، لأن التحولات السياسية التي شهدتها بعض الدول المغاربية في إطار الحراك العربي تفرض تجاوز الخلافات لإرساء علاقات تعاون تستمد مقوماتها من مصالح الشعوب المغاربية، ورغبتها في تحقيق الاندماج الإقليمي.

وقد أكد عاهل المغرب الملك محمد السادس، في مناسبات عديدة ضرورة إعادة إحياء اتحاد المغرب العربي، باعتباره وسيلة ناجعة لتحقيق التنمية الشاملة ولجعل الدول الأعضاء قادرة على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

ويرى مراقبون في هذا السياق أنّ إعادة إحياء الاتحاد المغاربي أمر ضروري وحتمي، باعتبار أن التكتلات الإقليمية أضحت اليوم خيارا سياسيا جديّا، تمليه التحديات الدولية والواقع الاقتصادي الذي يحكمه منطق السوق، فالاتحاد على حدّ تعبيرهم “وسيلة للاحتماء من المخاطر الخارجية المتزايدة في أبعادها العسكرية والاقتصادية والسياسية، ومدخل لتحقيق التنمية الشاملة”.

وأشاروا إلى أنّ الاتحاد لم يحقق طموحات وانتظارات الشعوب المغاربية، لأنّ الإرادة السياسية الكفيلة بتطويره لم تتبلور بالنسبة إلى بعض الدول وعلى رأسها الجزائر التي استرسلت في “جمودها” وفي “تعنّتها”، وفي غلقها للحدود مع المغرب، وهو ما يتعارض مع الأهداف المحورية للاتحاد والمتمثلة أساسا في فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.

وأكد محمد حصاد أن المملكة “تحدوها إرادة جدية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف عبر اعتماد مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد، تمزج بين ما هو تشريعي وديني وتنموي، بالإضافة إلى البعد الأمني”.

ويسعى المغرب إلى تقوية الآليات القانونية لمواجهة ظاهرة الالتحاق بمعسكرات التدريب التابعة للتنظيمات الجهادية المتطرفة في مختلف الدول العربية، خاصة في سوريا والعراق وليبيا، باعتبارها إحدى أخطر الممارسات المؤدية إلى انتشار الإرهاب، فقد أصدرت وزارة العدل قانونا جنائيا جديدا حدّد مفهوم الجريمة الإرهابية وأصنافها والعقوبات التي تنتظر كل من يحاول خرق القانون وتجاوزه.

وتعمل السلطات المغربية على التصدّي لمروّجي التعصّب والعنف في إطار سياسة شاملة، ونهج استراتيجية متعدّدة الأبعاد لمحاربة الإرهاب بهدف إشباع المواطنين بالمبادئ الكونية، وذلك بنشر قيم الاعتدال والتسامح الديني في محيطه المغاربي والأفريقي، مستندا في ذلك إلى خبرته الطويلة في مجال الإشراف على المساجد وإعداد الأئمة.

 

- نقلا عن صحيفة العرب