بتكبيرات وابتسامات تعلو الوجوه يحتفل عناصر من تنظيم "داعش" مع أنصار لهم في شوارع وميادين غير محددة المكان أو الزمان، بمناسبة "تمدد" "الدولة الإسلامية" التي ينادون بفرضها على أكبر مساحة ممكنة من العالم، بحسب ما ظهر في مقطع فيديو بثه التنظيم مؤخرا.

وفي المقطع نفسه الذي حمل عنوان "فرحة الأنصار ببيعة الأمصار(البلدان)" وتجاوزت مدته 9 دقائق، ظهرت عناصر من "داعش"، يحملون أسلحتهم ورايات سوداء، وهم يحتفلون بتوزيع الحلوى وتبادل التبريكات بإعلان أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم تمدد "الدولة الإسلامية" إلى عدد من الدول العربية خارج حدود سوريا والعراق التي يسيطر منذ أشهر على نحو ثلث مساحتهما.

وبالتزامن مع المشاهد الاحتفالية يتم إدخال مقاطع صوتية إلى تلك المشاهد لما يفترض أنها بيانات بيعة لجماعات في عدد من الدول للتنظيم وزعيمه.

وتضمنت المقاطع الصوتية، مبايعة "مجاهدي أرض الكنانة"(مصر)، من خلال شخص يقول "نعلن نحن مجاهدي أرض الكنانة مبايعة الخليفة ابراهيم بن عواد القرشي (أبو بكر البغدادي) على السمع والطاعة"، وهو ما تكرر مع  مبايعة أخرين أسماهم "مجاهدي ليبيا" و"مجاهدي الجزائر" و"مجاهدي يمن الإيمان" و"مجاهدي بلاد الحرمين" (السعودية).

ولم يُعلن في المقاطع الصوتية أسماء الجماعات التي أعلنت بيعتها، ما يفتح الباب للتساؤل فيما إذا كان بالفعل هنالك جماعات أعلنت بيعتها للتنظيم في الدول المذكورة أم هي بروباغندا إعلامية يحاول التنظيم من خلالها تصوير تحقيقه إنجازات على الأرض وتحقق هدفه في "التمدد".

في حين رأى متابعين لمسيرة التنظيم إن إغفال ذكر أسماء الجماعات المبايعة يعود إلى أوامر البغدادي بإلغاء أسماء الجماعات.

ويوم الخميس الماضي، قال أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش: "أبشروا أيها المسلمون، فإننا نبشركم بإعلان تمدد الدولة الإسلامية (في إشارة لداعش) إلى بلدان جديدة، إلى بلاد الحرمين (السعودية) واليمن وإلى مصر وليبيا والجزائر".

وفي التسجيل الذي بثه أحد المواقع المحسوبة على التيار "السلفي الجهادي"، أضاف البغدادي: "نعلن قبول بيعة من بايعنا من إخواننا في تلك البلدان، وإلغاء اسم الجماعات فيها، وإعلان ولايات جديدة للدولة الإسلامية وتعيين ولاة عليها".

وفي رصد أجرته وكالة الأناضول، وفق بيانات للتنظيمات أو للجهات الأمنية الرسمية، أعلنت ٤ تنظيمات في مصر وليبيا والجزائر مبايعة تنظيم "داعش"، فيما اكتفت القاعدة باليمن بإظهار "الانحياز" لداعش دون المبايعة، بينما "تتواصل" الخلايا السرية في السعودية معه.

ففي مصر، يوجد جماعة واحدة أعلنت مبايعة تنظيم "داعش"، وهي جماعة أنصار بيت المقدس، المحسوبة على التيار السلفي الجهادي، وتنشط في محافظة شمال سيناء (شمال شرق)، والتي سارعت بتغيير اسمها إلى "ولاية سيناء" عقب ساعات من تسجيل البغدادي.

وفي أول فيديو تبثه، عقب تغيير اسمها، بثت أنصار بيت المقدس مقطع فيديو ادعت فيه قتل جنود بالجيش المصري وتبنت المسؤولية عن الهجوم على نقطة "كرم القواديس" العسكرية في سيناء، والذي قتل فيه 31 جنديا مصريا الشهر الماضي.

ويرجع تاريخ مبايعة أنصار بيت المقدس لتنظيم داعش، إلى 10 نوفمبر / تشرين الثاني الجاري، بحسب بيان أصدرته.

وفي ليبيا، أعلن "تنظيم النصرة"، وهو تنظيم جهادي، مبايعته لداعش، من خلال حساب منسوب له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، في يونيو/حزيران الماضي.

ولا تتوفر معلومات كافية عن "تنظيم النصرة"، لكنه يقول على حسابه إنه يتبع للدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وسبق أن هدد باستهداف رعايا لأمريكا رداً على توقيف أحد المواطنين المتهمين في التخطيط على هجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي شرقي البلاد في ١١ سبتمبر/ آيلول ٢٠١٢.

أما فى الجزائر، فهناك جماعتين أعلنتا مبايعتهما لتنظيم "داعش"، الأولى هي جماعة "جند الخلافة في أرض الجزائر"، منشقة عن تنظيم القاعدة، والثانية هي كتيبة "عقبة بن نافع" وهي تابعة لتنظيم القاعدة، وتنشط قرب الحدود الجزائرية التونسية.

وكشفت جماعة "جند الخلافة في أرض الجزائر"، عن مبايعة التنظيم، عندما أعلنت في شريط فيديو بثته مواقع جهادية، يوم 24 سبتمبر/ أيلول الماضي، إعدام رهينة فرنسي بعد ثلاثة أيام من اختطافه في محافظة تيزي وزو، (شرق).

فيما أعلنت كتيبة عقبة بن نافع المبايعة للتنظيم منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتعد تنظيمات النصرة الليبي وجند الخلافة في أرض الجزائر وكتيبة عقبة بن نافع، غير معروفة بشكل كبير، ولا تحوز على ذات شهرة جماعة "أنصار بيت المقدس" بمصر، التي تأسست عام ٢٠١١، وأعلنتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا منظمة إرهابية دولية يحظر التعامل معها.

وفي اليمن، رغم ارتباطها بتواجد تنظيم القاعدة المركزي، وهو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أو ما يسمى بـ"أنصار الشريعة"، الذي يعلن قادته إنحيازهم لتنظيم "داعش" من جهة، وتعلن جماعات منبثقة عنه مبايعتها له، لكن حتى هذه اللحظة لم تعلن أي تنظيمات رسميا داخل اليمن، مبايعة "داعش".

أما في السعودية، فالوضع يعد مقاربا للحالة التي عليها اليمن في عدم إعلان تنظيمات أو جماعات إنضمامها لداعش، ومبايعتها لزعيمه أبو بكر البغدادي، مع اختلاف السبب حيث لا يوجد، في الأساس، جماعات معلنة داخل الرياض، والتي تعلن أجهزتها الأمنية من فترة إلى أخرى إحباط خلايا سرية.

وعلى غرار الوضع في اليمن، لم تخلو هذه الخلايا من تأييد لداعش، وكانت أول مرة تعلن السعودية عن ذلك في ٦ مايو/آيار الماضي، عندما أعلنت عن إحباطها لخلية تضم ٥٩ سعوديا ويمنيا وباكستانيا وفلسطينيا، تتواصل مع داعش في سوريا، وعناصر باليمن، في إشارة إلى تنظيم القاعدة.

وأعلن في يونيو/ حزيران الماضي قيام ما أسماها "دولة الخلافة"، ويُنسب إليه قطع رؤوس رهائن وارتكاب انتهاكات دموية بحق أقليات.

وقبل يومين، قدر رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، الجنرال مارتن ديمبسي تعداد قوات داعش ما بين 15- 18 ألف مقاتل، يتواجد ثلثيهم في سوريا، فيما ينتشر الباقي في العراق، بخلاف توقعت الدوائر الاستخباراتية في أمريكا والتي قدرت عددهم ما بين 21- 31 ألف مقاتل.